لماذا الرقم 0 يأتي بعد الرقم 9 في جميع الهواتف الثابتة؟ وهل للهاتف ترتيب آخر للأرقام مغاير لما تعرفه البشرية جمعاء. كنا في الماضي القريب نتحدث عن الهاتف. وبعد ظهور "البورتابل" الذي يحمل هو الآخر اسم الهاتف، أصبح من المفروض وصف الهاتف التقليدي بالهاتف الثابت والآخر بالهاتف النقال. أول وظيفة أتى بها الجيل الجديد من الهاتف الأوتوماتيكي هو تخليه عن أداة التدوير، وتعويضها بقرص للتدوير يتحكم في 10 أرقام من 0 حتى الرقم 9. الكثير يتساءل عن السبب في وضع الرقم صفر بعد الرقم 9 عوض الحفاظ على تسلسل الأرقام من 0 حتى 9. والجواب هو أن الأمر تقني محض، مرتبط بالإشارة التي تُرسَل إلى المركز الهاتفي للتعرف على الرقم المركب، وهذه الإشارة هي لغة التواصل التي يتحدث بها المركز الأوتوماتيكي مع جهاز الهاتف. وهكذا تم وضع رقم 1 بجانب إشارة بداية التدوير في القرص حيث يكون التدوير قصيرا لإرسال إشارة واحدة يفهم من خلالها المركز الهاتفي أنه رقم واحد. الرقم 2 يكون التدوير أطول نسبيا قياسا لتدوير الرقم 1 مما يسمح بإرسال إشارتين يفهم من خلالها المركز الهاتفي أنه رقم 2. ولذلك من الناحية التقنية تم وضع الرقم 2 مباشرة بعد الرقم 1. وهكذا دواليك حتى نصل إلى الرقم 0 الذي يتطلب إرسال 10 إشارات يفهم من خلالها مركز الهاتف أنه توصل بالرقم 0 وعلى هذا الأساس تم وضعه بعد الرقم 9 كما تفرضه التقنية المتبعة في الترقيم. تطور الهاتف، وأصبحنا نضغط على أزرار بدل تدوير القرص. لكن رغم ذلك، ظل الرقم 0 وراء الرقم 9 حتى بعد ظهور الهاتف بالأزرار. فالتقنية تفرض ذلك الترتيب ولو بعد تطور جهاز الهاتف. مسألة أخرى لا يعرف مستعمل الهاتف الثابت قصتها، وهي تواجد بعض الأحرف اللاتينية بجوار الأرقام على الشكل التالي: 1 2 abc 3 def 4 ghi 5 jkl 6 mn 7 prs 8 tuv 9 wxy 0 oq الأمر مرتبط بتطور شبكة الهاتف كنتيجة مباشرة للإقبال الكبير على خدمات الهاتف. وتطور شبكة الهاتف نعني به كثرة المراكز الهاتفية. عندما كانت شبكة الهاتف صغيرة ومتواضعة، كان الاتصال بالرقم المطلوب يتم بتركيب ثلاثة أرقام تدل على الهاتف المطلوب. ومع توسع الشبكة وإقامة مراكز هاتفية كثيرة، أصبح من الضروري تركيب الأحرف الثلاثة الخاصة بالمركز الهاتفي، ثم إتباعها بالأرقام الثلاثة للهاتف المطلوب. وهذه هي حكاية الأحرف اللاتينية الملتصقة بالأرقام والتي ما زالت حاضرة في أجهزة الهاتف في عصرنا الحالي كنوع من الوفاء لفترة تاريخية عرفها تاريخ الاتصالات. ولمن أراد التعمق في هذا التاريخ، نعرض الكيفية التي كانت تُستعمل لإجراء مكالمة هاتفية في زمن مضى. على سبيل المثال للاتصال بالرقم 172 المرتبط بالمركز الأوتوماتيكي OPERA. يجب أولا تركيب الأحرف اللاتينية الثلاثة الأولى من اسم المركز الأوتوماتيكي: 0 (المقابل لحرف O) و7 (المقابل لحرف P) ثم أخيرا 3 (المقابل لحرف E)، هذه العملية الأولى، يفهم منها المركز الهاتفي أن الهاتف المطلوب مرتبط بالمركز الهاتفيOPERA وينتظر استقبال الأرقام الثلاثة لمعرفة الهاتف المطلوب. يتم بعد ذلك تركيب أرقام الهاتف المطلوب 1 و7 ثم 2. بهذه الطريقة كان مستعمل الهاتف يتعامل مع الحروف ومع الأرقام. توسعت الشبكات الهاتفية، فتم التخلي عن الأحرف الثلاثة وتعويضها برمز المدينة مكون من رقمين اثنين. تلك إذا هي قصة رقم 0 التي يأتي بعد الرقم 9، وقصة الحروف التي ما زالت متواجدة في أغلب الهواتف الثابتة التي نستعملها في القرن 21. سعيد الغماز