رغم ما شهده جهاز الهاتف من تطور تكنولوجي، إلا أنه في الغالب لم يخرج عن دائرة الوظائف الثلاث التي يقوم عليها أول هاتف في العالم والذي صممه المخترع غراهام بيل في نهاية القرن 19 وهي: وظيفة إرسال الصوت ووظيفة تلقي الصوت ووظيفة ثالثة هي الاتصال بالمركز الهاتفي. ما بين أول جهاز اخترعه غراهام بيل والأجهزة التي نستعملها حاليا، فارق ما بين السماء والأرض، لكن من الناحية الوظيفية لم يعرف الهاتف سوى مرحلتين في تطوره التكنولوجي رغم أنه عمَّر لحد الآن أكثر من 148 سنة: أولا مرحلة الهاتف اليدوي: وهو هاتف مشكل من ثلاثة أجهزة: سماعة لاستقبال صوت المتصل وجهاز إرسال يتكلف بإرسال الصوت للهاتف الآخر وأخيرا أداة للتواصل مع المركز الهاتفي. كيف كانت تتم عملية إجراء مكالمة هاتفية باستعمال اليدين معا؟ يقوم المتصل أولا بتحريك الدوار وهي عملية الهدف منها تنبيه العاملة في المركز الهاتفي اليدوي بوجود متصل. العاملة تُجيبه بعبارة "ألو أنا في الاستماع"، المتصل يبلغها بالهاتف الذي يطلب الاتصال به، فتقوم العاملة بربط الهاتفين بشكل يدوي وهكذا تتم عملية الربط بين الهاتفين. في البدايات الأولى للهاتف كانت الأدوات الثلاثة المشكلة له متفرقة (أداة الاستقبال أداة الإرسال وقرص الاتصال بالمركز الهاتفي اليدوي)، وكان على مستعمل الهاتف الاستعانة بيديه الاثنتين في مكالمته، واحدة تحمل أداة الإرسال والأخرى تحمل أداة الاستقبال أو السماعة كما يوضح الرسم التالي: وفي حدود 1910 ظهر جيل جديد من الهاتف تم فيه تجميع جهاز الإرسال وجهاز الاستقبال في أداة واحدة معروفة بمصطلح السماعة، وبالفرنسية Le combiné وهو ما يعني إدماج (combiner) الميكروفون والسماعة في أداة واحدة. هكذا إذا تغيرت طريقة استعمالنا للهاتف بتشغيل يد واحدة عوض الاثنتين. الصور التالية توضح بعض الأجهزة الهاتفية التي استُعملت في المغرب وكانت تتطلب استعمال اليدين معا: وهذا هاتف استُعمل في المغرب بعد تجميع الميكروفون والسماعة في أداة واحدة: ثانيا مرحلة الهاتف الأوتوماتيكي: ظهور الهاتف الأوتوماتيكي مرتبط بظهور الجيل الجديد من المراكز الهاتفية التي لم تعد يدوية بل أصبحت أوتوماتيكية. هذه المراكز الهاتفية عجلت بالتخلي عن وظيفة العاملات في استقبال طلبات الربط الهاتفي للمشتركين بعد أن أصبحت هذه الوظيفة تتم بشكل أوتوماتيكي. كما وضعت حدا للهاتف اليدوي ليحل محله الهاتف الأوتوماتيكي في حدود سنة 1924 تاريخ ظهور أول هاتف أوتوماتيكي مجهز بقرص للتدوير. عرف هذا الهاتف نجاحا كبيرا بفعل صلابته وجودة الميكروفون المستعمل فيه. أُطلق عليه اسم 24PTT ليصير الأكثر شهرة واستحوذا على مبيعات سوق الهاتف في العالم بأسره. بعد جهاز الهاتف 24PTT الذي اكتسب شهرة عالمية، سيظهر في 1943 جهاز جديد، وفي 1963 جهاز آخر يؤرخ لتطور الأجهزة الهاتفية كما توضح الصور التالية التي تستهوي محبي الأجهزة القديمة، وهي أجهزة عرفت شهرة كبيرة في المغرب: بعد هذه الأجهزة المجهزة بقرص التدوير، سيعرف جهاز الهاتف تطورا جديدا تم فيه تعويض قرص التدوير بأزرار سهلة الاستعمال حيث يكفي النقر على القرص لتركيب الرقم المطلوب بدل عملية التدوير. الصور التالية توضح نماذج من هذه هواتف وهي صور نهديها لعشاق كل ما هو قديم: في سنوات 1990 سيعرف جهاز الهاتف تطورا جديدا بالتخلي عن الخيط الرابط بين السماعة والجهاز، ليظهر للوجود الهاتف بدون سلك (Téléphone sans fil) الصورة التالية توضح نموذجا من هاتف بدون سلك: توقفت الابتكارات في عالم أجهزت الهاتف لتفتح المجال للإبداعات الفنية في تصميم الهواتف المنزلية، وهذه الصور نهديها لعشاق الفن وكل ما هو جميل في الهاتف. سعيد الغماز