تعيش المنطقة الصناعية لأيت ملول، وجزء كبير من ساكنة الأحياء المحاذية لها على كابوس حقيقي يهدد أرواح البشر بفعل الدخان المنبعث من أحد المعامل، الذي حول الحياة في هذه الرقعة المدينة إلى جحيم لا يطاق. المعمل الذي يدر على أصحابه الملايير ما زال يشتغل وفق المعايير التي كانت سائدة قبل عقود من الزمن، ولم تعد مقبولة اليوم، تحت أي مبرر كان، لا سيما وأن الدولة المغربية أنشأت منذ فترة زمنية "صندوق محاربة التلوث"(فوديب) لتشجيع ودعم أرباب الصناعات الملوثة على اقتناء وتوظيف التكنولوجيا المكافحة للتلوث. غير أن المعمل المومئ إليه يبدو أنه خارج التغطية، أو أن أصحابه يستهترون بأرواح الناس الذين في الجوار، والذين أصبح العديد منهم يشتكون من عسر في التنفس بفعل استنشاقهم لأطنان من الملوثات السامة المنبعثة من مدخنات المعمل، والتي تغمر رقعة جغرافية شاسعة، تضم مجموعة من الوحدات الصناعية والإنتاجية التي يستحيل على المشتغلين فيها العمل دون إغلاق الأبواب والنوافذ، فبالأحرى بالنسبة للعمال الذين يشتغلون في الهواء الطلق. ويشتكى سكان الأحياء المحيطة بالحي الصناعي الذين تواصلوا مع الجريدة مما سموه ب"المنكر" الذي سلط عليهم بفعل نشاط المعمل المذكور، حيث أكدوا أن أحياء تشغل رقعة جغرافية كبيرة ومكتظة بالسكان ، مثل أحياء "لحرش" وأركانة" وغيرها أصبحوا لا يطيقون الحياة في ظل استمرار انبعاث الأدخنة السامة من المعمل المذكور. وأكدوا أن الرقعة الجغرافية المتضررة من المعمل تزداد توسعا ويرتفع بالتالي عدد السكان المتضررين إذا تحركت الرياح، حيث تدفع أحيانا بسحابات كبيرة من الدخان لتصل أجواء الجماعة الترابية "القليعة"، المجاورة لأيت ملول. واشتكى المواطنون أيضا من الأضرار التي يعانون منها بسبب الروائح الكريهة التي تنبعث من وحدة صناعية أخرى مجاورة لهذا المعمل، حيث تنشط هذه الوحدة في إنتاج مادة "لكوانو" المستخلص من التحويل الصناعي للسمك. ويتطلع عدد من أرباب الوحدات الإنتاجية والعاملين فيها إلى جانب سكان الأحياء المجاورة للمعملين المذكورين لأن تتدخل سلطات عمالة إنزكان ايت ملول( محليا) وسلطات ولاية أكادير(جهويا)، والوزارة الوصية على قطاع البيئة لوضع حد لهذه الحرب المعلنة على صحة المواطنين، الذين اصبحوا مهددين بالموت البطيء.