صاحب أشهر تلغراف في التاريخ هو الأمريكي سامويل مورس. ومن جميل الصدف أن مورس ليس مخترعا ولا رجل علم أو مهتم بالعلوم. بل هو رجل مولع بالرسم والنحت وعُيِّن أول رئيس للأكاديمية الوطنية للفنون الجميلة بنيويورك في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وهو المنصب الذي ظل يشغله لمدة 16 عاما. كان مورس رساما مغرما بالفنون الجميلة. بعد دراسته الجامعية سيحصل على شهادته الدراسية سنة 1811 وسيشتغل عند أحد دور النشر إلى جانب اهتمامه بالرسم. شغفه الكبير بالرسم سيدفعه إلى السفر إلى لندن في نفس السنة لدراسة هذا الفن، ثم إلى فرنسا وإيطاليا سنة 1829 حيث سيقضي هناك ثلاث سنوات لتعميق دراسته في الفنون الجميلة. اهتمام مورس بالتلغراف سيكون بمحض الصدفة. فخلال عودته إلى أمريكا سنة 1832 سيلتقي في الباخرة مع العالم توماس جاكسون. طول الرحلة، جعل المسافرين يقضون يومهم في التعارف وتجاذب أطراف الحديث لقتل وقت السفر. هذا ما قام به مورس مع العالم توماس. خلال حديثهما فقي البخرة، سيشرح هذا الأخير لمورس دور المغناطيس الكهربائي في الاتصالات وما توصل إليه العالم الفزيائي أومبير من أبحاث أنجزها سنة 1820. حدَّثه كذلك عن عرض أومبير على أكاديمية العلوم الفرنسية، لجهاز تلغرافي مُعتمدا على المبادئ الكهرومغناطيسية. هذه المحادثة ستكون الشرارة الأولى لجعل مورس يفكر في إنجاز تلغراف كهربائي رغم ابتعاده عن هذا المجال العلمي الصرف. وهكذا سنة 1835 وهو أستاذ للرسم والنحت في جامعة نيويورك، سيتمكن مورس من إنجاز أول تجربة نظرية لتلغرافه. في سنة 1837 وبمساعدة اثنين من الأساتذة الجامعيين سيباشر مورس الأبحاث التطبيقية لفكرته. وسيتمكن أحد معاونيه وهو لويس فايل من إيجاد الحل لمعضلة رموز الإشارات التلغرافية التي كانت تعيق مشروع تلغراف مورس. ورغم أن لويس فايل هو مخترع هذه الإشارات التلغرافية التي سيشتغل بها جهاز التلغراف، وما زالت مستعملة لحد الآن في بعض الأجهزة العسكرية، إلا أن مورس سيستحوذ على هذا الاكتشاف الذي سيُعرف عالميا بكود مورس. وهكذا سيتمكن سامويل مورس من إنجاز التطبيق العملي للتلغراف الذي سيحمل اسمه. هذه هي حكاية لقاء بالصدفة في سفر عبر الباخرة، نتج عنه اختراع من أشهر الاختراعات العالمية. وكان لذكاء مورس دور كبير في استحواذه على براءة اختراع أنجزها مختصون وعلماء ونُسبت إليه، فأصبح اسمه خالدا في التاريخ ولا يذكر هذا التاريخ من كان له الفضل في هذا الاختراع. سعيد الغماز