قرار مجلس الأمن 2757: نقطة تحول تاريخية في قضية الصحراء المغربية.. انتصار دبلوماسي للمغرب ومزيد من العزلة للجزائر    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    مناخ الأعمال في الصناعة يعتبر "عاديا" بالنسبة ل72% من المقاولات (بنك المغرب)    نُشطاء يربطون حل إشكالية "الحريك" بإنهاء الوضع الاستعماري لسبتة ومليلية    "البذلة السوداء" تغيب عن المحاكم.. التصعيد يشل الجلسات وصناديق الأداء    عبد المومني يُشيد بتطور "ما قبل المحاكمة".. ومصدر أمني يستعرِض الضمانات    الرياضة المدرسية المغربية تتألق بالبحرين …    حزب أخنوش يفشل في استعادة رئاسة جماعة مكناس وينهزم أمام الأحزاب الصغيرة    رئيس الحكومة يشرف بجهة سوس ماسة على انطلاق خدمات 32 مؤسسة صحية    الأميرة للا حسناء تدشن بقطر الجناح المغربي "دار المغرب"    غيبوبة نظام الكابرانات تكشف مهازل استعراضات القوة غير الضاربة    "كلنا نغني": عرض فني يعيد الزمن الجميل إلى المسرح البلدي بالعاصمة التونسية    ارتفاع عدد قتلى الفيضانات في إسبانيا إلى 205 على الأقل    صدور عدد جديد من مجلة القوات المسلحة الملكية    فؤاد عبد المومني في أول تصريح له بعد إطلاق سراحه: ما تعرضت له هو اختطاف (فيديو)    الملاكم المغربي عثمان شدغور يحرز الميدالية البرونزية في بطولة العالم للشبان    مسؤول أمريكي: المغرب دعامة حقيقية للأمن والاستقرار في إفريقيا    البيضاء تحيي سهرة تكريمية للمرحوم الحسن مكري    نمو حركة النقل الجوي بمطار الحسيمة بنحو 18 في المائة مع متم شتنبر    المغاربة ينفقون 22.31 مليار درهم في السفر وتحويلات الجالية تفوق 91 مليارا    البطولة: أولمبيك آسفي يتنفس الصعداء بعد الانتصار على شباب السوالم    ارتفاع حجم الساكنة السجنية في المغرب بما يزيد عن الثلثين خلال 15 سنة الأخيرة    منزلة الرابع المرفوع : عزلة الجزائر أمام مجلس الأمن وتناقضاتها    لقجع يكشف خارطة مدن كأس العالم بالمغرب    منْ كَازا لمَرْسَايْ ! (من رواية لم تبدأ ولم تكتمل)    عالمي: المغرب يحقق أعلى معدل لاستقطاب السياح    حصيلة القتلى الإسرائيليين في غزة ولبنان        ارتفاع حصيلة القتلى في فيضانات إسبانيا لأزيد من 200 ضحية    مجلة إسبانية: المغرب "فاعل استراتيجي" في قطاع ترحيل الخدمات    المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية يجري لقاء مع وزير الدفاع الموريتاني    الدار البيضاء.. ثلاث رصاصات لتوقيف شخص واجه الشرطة بمقاومة عنيفة    اختتام الدورة الخريفية لموسم أصيلة الثقافي الدولي النسخة 45    رسميا.. الكاف يعلن عن برنامج دوري ابطال أفريقيا للسيدات    مقتل 47 فلسطينيا وإصابة العشرات إثر غارات إسرائيلية على وسط غزة    عمر هلال: الجزائر ودي ميستورا يغفلان أن المغاربة أقسموا على عدم التفريط في صحرائهم    ريال مدريد يتبرع بمليون يورو لضحايا إعصار دانا فى إسبانيا    اشتباك دموي في مدينة فرنسية يخلف 5 ضحايا بينها طفل أصيب برصاصة في رأسه    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    إحباط عملية لتهريب أزيد من 63 ألف قرص مهلوس بمعبر بني انصار    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    الأشعري يناقش الأدب والتغيير في الدرس الافتتاحي لصالون النبوغ المغربي بطنجة    الفتح يعلن إستقبال الوداد بمدينة المحمدية    دعوى قضائية بمليارات الدولارات .. ترامب يتهم "سي بي إس" بالتحيز    بعثة تسبق المنتخب المغربي إلى الغابون للاطلاع على مقر الإقامة وملاعب التداريب    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    مالك صحيفة "هآريتس" العبرية يصف الفلسطينيين ب"مقاتلي الحرية" ويدعو إلى فرض عقوبات على إسرائيل    موسم أصيلة يحتفي بمحمد الأشعري، سيرة قلم لأديب بأوجه متعددة    "ماكدونالدز" تواجه أزمة صحية .. شرائح البصل وراء حالات التسمم    دراسة: الفئران الأفريقية تستخدم في مكافحة تهريب الحيوانات    متحف قطر الوطني يعرض "الأزياء النسائية المنحوتة" للمغربي بنشلال    دراسة: اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان    ثمانية ملايين مصاب بالسل في أعلى عدد منذ بدء الرصد العالمي    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"اَلْخُطْبَةُ الْمُوَحَّدَةُ".. !
نشر في أكادير 24 يوم 18 - 00 - 2024

في خطوة تبغي الحد من "الخرجات غير المحسوبة" التي يسجلها، زعموا(!)، بعض خطباء الجمعة، والتي لم يعد صدر المغرب الرسمي الرحب يتحملها، مع ظهور انحرافات شبه رسمية أصبح التنبيه عليها، من قبل بعض خطباء الجمعة، يشكل إحراجا لمن يهمهم الأمر؛ قررت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، توحيد خطبة الجمعة على جميع منابر المملكة المغربية، من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، مع إلزام جميع الأئمة وخطباء المساجد بالالتزام الحرفي بالوارد بها، تحت طائلة معاقبة كل من سولت له نفسه، الجنوح عنها، أو التغريد خارجها، بالخروج عن النص، أو الاجتهاد فوق اللازم، أو الانحراف عن المقصد الرئيس الذي وضعت من أجله هذه الخطبة.
وهكذا، وفي محاولة لحصر الخطاب الديني الوعظي بعيدا عن الهم اليومي للمواطنين، ونأياً له عن الخوض في الانزلاقات الأخلاقية، والاجتماعية، والفكرية، والثقافية، التي يضِجُّ بها الوطن، والتي يعتبر التنبيه عليها، والوعظ فيها، أحد أهم مقاصد خطبة الجمعة، وأحد أهم مسؤوليات من ينوب عن الرسول – صلى الله عليه وسلم-، قررت الوزارة الوصية قرارها الغريب والعجيب، والذي لقي انتقادات واسعة، وغير مسبوقة، عبر وسائط التواصل الاجتماعي، من كل تلوينات المجتمع المغربي؛ الإعلامية، والفكرية، والثقافية، فضلا عن الدينية، والتي أجمعت على أن هذا الحصر الحاصر لخطبة الجمعة في شكل واحد ووحيد، تحجيم لحرية تعبير الأئمة، والخطباء، وضرب صارخ لحق المواطنات والمواطنين، من المسلمات والمسلمين، في معرفة رأي الدين وحكمه في قضايا وأقضية تهم واقعهم المعيش الذي يختلف من مدينة إلى أخرى، ومن قرية إلى أخرى، ومن مدشر إلى آخر،… ويجعل من توحيد الخطبة عبثا لا يفيد، وحضورا مُمِلا لا ينهض بتحقيق الغاية الأسمى من هذه الشعيرة الأسبوعية الفريدة التي يتشوف لها المسلمون كل يوم جمعة، ويعدون لها العدة؛ اغتسالا، ولباسا، وتبكيرا،.. ورغبة جامحة في سماع جديد الخطبة(تسريب نص الخطبة قبل يوم الجمعة يفقد الناس هذه الرغبة !). خصوصا حينما يحضرون خطب أحد الأئمة المشهود لهم بالحنكة في الإلقاء، والجِدة في المواضيع، والجرأة في قول الحق، والصدق في الالتزام بما يقول. ليصبح هكذا إمام، ممن تشد لهم الرحال من الآفاق، مع هذه الخطبة الموحدة، إماما من الأئمة، لا يفرقه عن سواه من الأئمة، سوى ما شهد له به المصلون من دماثة الخُلق، والقوة قي الحق، والجرأة في فضح الواقع المأزوم. غير هذا، أصبح، كسواه، يتلو مما كُتب له، و لا يملك من أمره شيئا.
لا أريد، هاهنا، أن أستعرض انطباعات المغاربة حول الخطبتين السالفتين، وإن كان غالبية المغاربة غير راضين على هذا التحكم الذي حول أئمة المساجد إلى مجرد أدوات لنقل الكلام الذي تريد الوزارة أن يصل إلى الناس دون سواه، ولكن حسبي أن أقول: إن مشكل المغاربة كامن مع مظاهر اجتماعية هاتكة، تقض مضاجعهم، وتتعب يومهم وليلهم، ولا يجدون من يطبطب على نفوسهم المتعبة غير ما يطلع به الإمام عليهم كل يوم جمعة، حينما يخاطبهم من كلام ربهم، وكلام حبيبهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، بما يسلي نفوسهم، وينزع الغيظ عن قلوبهم، ويشفي صدورهم.
إن مشكل المغاربة مع الفساد الاقتصادي، والأخلاقي، والأسري، والعلائقي،.. إن المغاربة في حاجة إلى سماع من يرشد حيرتهم، ويدلهم سواء السبيل والحق. لا من يتلو عليهم كلاما منمقا يستحضر قرونا خلت، وقصصا غابرة عن أحداث مرت دون الوقوف عليها بما يذكر بالواقع، ويعالج جزءا من أمراضه.
فما الفائدة من سرد قصة فرعون، وهامان، والنمرود، دون التمثيل لها بفراعين اليوم الذين طغوا، وتجبروا، وانتفخوا، واستعلوا على العباد.
وما الفائدة من سرد قصة قارون، دون التمثيل لها بقارونات العصر، من أصحاب المال، والجاه، الذين يلهفون أرزاق العباد، ومُقدِّرات الأوطان،..
وما الفائدة من سرد قصة موسى-عليه السلام- وبني إسرائيل، وقصة بني قريظة وإخلافهم للعهود، دون التمثيل لها بما يجري اليوم في أرض غزة وفلسطين، من جرائم ضد الإنسانية هناك، وكيف استمر توصيفهم في القرآن الكريم ساريا إلى زماننا: " لَا يُقَٰتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِى قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ"(الحشر 14).
ما الفائدة من خطبة حول الهجرة النبوية دون تذكير للناس بما يجب هجرانه حقيقة، بالقوة والفعل، من الفساد، والمعاصي، والظلم، ومهرجانات العري، والهتك الأخلاقي،…
ما الفائدة من خطب جافة، لا تسمن ولا تغني من جوع؟ !!!
نعم لخطبة موحدة، منهجا لا نصا، مواضيع لا كلاما وشروحا.
نعم لخطبة موحدة تعالج يومي الناس المعيش، ضمن مشتركهم اليومي، وتنقل معاناتهم من أعلى المنابر، وتفصل في الحلول، وتقدم العلاجات، وتنأى عن المختلف فيه وحوله، من الدين، والمجتمع، والسياسة.
نعم لخطبة موحدة على مستوى الالتزام بوحدة المذهب، ووحدة الوطن، وإمارة المؤمنين.
نعم لخطبة موحدة على مستوى الالتزام بقضايانا الوطنية المصيرية، والذود عنها، والانتصار لها.
ولكن، في المقابل، لا للخطب الباردة، والجافة، والمكررة /المكرورة، التي تفقد الجمعة أحد أهم مقاصدها الدينية المقررة.
لا للخطب البعيدة عن الواقع، المحلقة في السماء؛ موضوعا، ولغة، وإلقاء.
لا لخطب الحكايات والقصص الغابرة دون ربط لها بالواقع للعبرة والاعتبار.
لا للخطب التي لا تحترم المشترك لدى المغاربة؛ فتحدث أهل الشرق بمشاكل أهل الغرب، وأهل الشمال بمشاكل أهل الجنوب، وأهل البوادي بمشاكل أهل الحضر، فتضيع الأمة المغربية وسط كلام كثير، أغلبه مبهم، لا علاقة له بواقع المصلي، ولا يحقق فائدة، أو ينجز مأرب.
"من نزل بقريةٍ فشا فيها الربا، فخَطَب عن الزنا، فقد خان الله ورسوله"(سلطان العلماء: العز بن عبد السلام).
نعوذ بالله من خيانته وخيانة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.. !
دمتم على وطن.. !
صالح أيت خزانة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.