قرأت في بعض المواقع تعريفا لظاهرة الهدر المدرسي و أسبابها، و من بين ما قرأت (أن الهدر المدرسي يعتبر معوقا لوظيفة المؤسسة في تعميم خدماتها على المستفيدين منها و بذلك فالهدر المدرسي ظاهرة سلبية في المنظومة التربوية و التكوينية لها أسبابها المختلفة التي تختلف باختلاف مراجعها الموضوعية و الذاتية و الشرطية في ظل تنوع المسوغات و الأسباب التي تدفع بالظاهرة إلى الظهور و التجلي في وضعيات مختلفة) ، و في غالبية المواضيع التي قرأت، أجد اللوم يقع على بعد المدرسة، أمية المجتمع، الظروف الإقتصادية والإجتماعية : الفقر ضعف دخل الآباء الوضع بعد المدرسة رد الفعل السلبي للآباء أتجاه المدرس كثرة الأبناء الطلاق أمية الآباء الزواج المبكر بالنسبة للفتيات ضعف الوسائل البيداغوجيا ، وطغيان المناهج التقليدية سوء العلاقة بين التلميذ والمدرسة . المقررات المكثفة والجافة الإكتظاظ الحاصل داخل المدرسة. أنظمة الإمتحانات طبيعة ونوعية العمل التربوي الذي يعرف إضطرابا وتباينا الخلل الحاصل في البنية التربوية : كعدم توفر بعض الأسلاكالتعليمية ، والخصاص الحاصل في الموارد البشرية . عدم ملاءمة التنظيم المدرسي لخصوصيات الوسط القروي . ضعف الخدمات الإجتماعية المدرسية : كالمطاعم المدرسية والخدمات الصحية … نقص حاد في الداخليات ودور الطلبة وغيرها. الخ… لكن أنا سأعطي تعريفا بسيطا لهذه الظاهرة السلبية التي تنخر المجتمع و تعطي صورة سلبية على الوطن، فبكل بساطة الهدر المدرسي هو انقطاع أو غياب أو تغييب التلاميذ عن ولوج المفاعد الدراسية، أعني بكلامي أن مجموعة من التلاميذ (تلاميذ فصل دراسي واحد) لا يذهبون إلى المدرسة و ينقطعون لفترات طويلة في السنة، علما أن كل الأسباب التي سبق ذكرها لا علاقة لها من بعيد أو من قريب بهذه الظاهرة ( أنا أسميها ظاهرة الهدر الممنهج)، لأن المدرسة التي سأتحدث عنها لا تنتمي إلى المجال القروي حيث غياب ظروف العمل من الوسائل البيداغوجية و الإنارة … فضلا عن غياب الظروف الإنسانية للمعلمين بالرغم من أن بعض المعلمين ممن يشتغلون في الجبال البعيدة بظروف أقل ما يقال عنها أنها إنسانية، لكنهم يشتغلون بضمير مهني حي و يقظ يتنافس المعلمون في المدارس الفرعية لنفس المركزية، قلت يتنافسون من أجل أن يصبح تلامذة كل أستاذ قدوة لغيرهم… أعود و أقول أن المدرسة التي سوف أتحدث عنها هي مدرسة "الأطلس" تنتمي إلى مدينة أكاديرالمدينة بالحي المحمدي و بالضبط دوار أيت الموذن، و من يسمع ب ‘دوار' لا يجب أن يُخيل إليه دوار العروبية البعيد جدا عن المدينة حيث لا كهرباء و لا ماء و لا تغطية و لا … دوار أيت الموذن بالحي المحمدي يتواجد بالقرب من الطريق المؤدية إلى مستشفى الحسن الثاني، يكفي أن حافلة النقل العمومي تتواجد باستمرار بتلك المنظقة و بثمن 4 دراهم إلى و من مقر الولاية بأكادير… إذن دوار أيت الموذن مدينة صغيرة، تضم مجموعة كبيرة جدا من العائلات و كل أربابها يعملون بمدينة أكادير و انزكان و غيرها و منهم موظفون في الامن و الوظيفة العمومية.. مشكل هذه المدرسة ليس كونها تستقبل جميع أطفال دوار أيت الموذن و الدواوير المجاورة لكن المشكل مع إدارة المؤسسة أو إن شئنا قلنا مشكل مع هيئة التدريس، أدخل في صلب الموضوع مباشرة: "نجلاء" و هو اسم مستعار، تلميذة تدرس بالمستوى الأول لدى الاستاذة "حنان"، هذه الاخيرة غادرت المدرسة لأسباب صحية و هي الحمل و الولادة، و هذا من حقها، فكما نعلم أن الأم الحامل في الوظيفة العمومية تستفيد من عطلة نقاهة تصل إلى 81 يوم من يوم الولادة، لكن القانون لا و لم و لن يعطي أبدا عطلة نقاهة لتلاميذ الصف الأول فقط لأن أستاذتهم استفادت من هذه العطلة, هذا ما وقع ل"نجلاء" و زملائها في القسم، و لكن حتى لا أبالغ و حتى أنقل لكم الصورة كما هي، فالأستاذة حنان ذهبت لشأنها و تركت وراءها أبرياء للقدر الذي جاد عليهم بأستاذة شابة لا أعلم من تكون و كيف تم استقطابها للمدرسة، بدأت عملها مع هؤلاء التلاميذ لكن سرعان ما غادرت بدون سابق انذار ليتم تعليق الدراسة مرة أخرى بعدما تم تعليقها لما غادرت الأستاذة حنان. مرة أخرى تجود الأقدار بأستاذة أخرى تدعى " وفاء"، هذه الأخيرة (كبيرة في السن)، و وصلتنا أخبار مفادها أنها تنقطع عن التدريس بين فينة و أخرى، ربما تكون لها دواعي شخصية تجعلها تنقطع و ربما لا!!! في بعض الأحيان يأتي التلاميذ إلى المدرسة مرفوقين بأمهاتهم نظرا لصغر سنهم و كما نعلم فهذه الأيام تنامت ظاهرة الإختطاف، مما يجل الأمهات يخفن على فلذات أكبادهن، و يضطررن إلى انتظار أكثر من نصف ساعة حتى يتأكدن من وجود الأستاذة مع العلم ان الأمهات يتركن الأولاد الصغار لوحدهم بالمنزل فيكون الخطر مضاعفا لديهن.. لكن سأدخل المدير أيضا كطرف في هذا المشكل، كيف؟؟ عندما تغيب الأستاذة ليوم أو يومين ، يطلب المدير من التلاميذ ألا يحضروا في اليوم الموالي لأن الأستاذة ستكون في اجتماع لبقية أيام الأسبوع!!!!!!!!! أي اجتماع يستمر من يوم الإثنين إلى السبت؟؟؟ الأستاذة غائبة منذ يوم الإثنين الماضي (20 ماي) و ستبقى غائبة إلى حدود يوم السبت المقبل!!!!! أليس هذا هدرا؟؟؟؟ اليس هذا ضحكا على الذقون؟؟؟؟ ما الذي يقع في مدارسنا؟؟؟ لماذا نلوم الجهل و الامية لدى الوالدين؟؟ لماذا لا نمعن النظر في هيئة التدرسي؟؟ أين لجن التفتيش؟؟؟ أين النيابة؟؟؟ أين الأكاديمية؟؟ كل هاته المؤسسات لا تبعد عن المدرسة المذكورة إلا ب ربع ساعة أو أكثر بقليل!!! لماذا تتعامل المعلمة مع تلاميذها كأنهم ليسوا أبناء الوطن؟؟ أين الغيرة و الضمير المهني؟؟ لماذا لا يتحرك المدير؟؟؟ أليس في أكادير شباب مجازون يقومون بدورة تكوينية سريعة و يتم استقدامهم للتدريس في مثل هاته الحالات؟؟ والد "نجلاء" االذي يعتبر ابنته مجتهدة و حاصلة على نقط مشرفة في الدورة الأولى يخشى من نتائج سلبية لهذا الغياب المتكرر و قد بدأ من اليوم بالبحث عن مدرسة خصوصية بثمن مناسب لمدخوله ، يسجل بها ابنته للسنة المقبلة. قبل أن أنهي مقالي أريد أن أشير إلى أن مدرسة الأطلس مازالت تعمل بنظام اتوقيت العام الماضي أي (من :8:00 إلى 12:40 و من 13:45 إلى 17:00) أي أن المعلم عامة يمكنه قضاء أغراضه كيفما كانت متى شاء نظرا للوقت الفارغ الذي يتمتع به. كما أريد أن أشير فقط إلى جملة رددتها الأستاذة على مسامع التلاميذ ( و العهدة عليهم كما أظن أن التلاميذ لا يمكن أن يكذبوا لأن البراءة لا تكذب) تقول الاستاذة " إلا ماسكتوش غانلوحكوم واحد واحد فالبركاصة"