حصلت «الأخبار» على التقرير الذي أنجزته هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي «أكابس» حول الخروقات المالية والإدارية الخطيرة التي شابت تسيير التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية خلال الفترة ما بين 2013 و2018، وهي الخروقات التي دفعت وزير الشغل والإدماج المهني السابق، محمد يتيم، ووزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، إلى التوقيع على قرار مشترك يقضي بحل أجهزة التعاضدية. وأكد تقرير «أكابس» كل ما نشرته «الأخبار» بشأن التعاضدية، حيث تطرق إلى ضعف التنظيم بالمؤسسة وعدم الاستقرار بها، وكذلك ضعف المراقبة الداخلية، ما جعلها تعرف هشاشة في كل ممارساتها الإدارية. ورصدت لجنة الافتحاص مجموعة من الخروقات التي شابت صرف ميزانية التعاضدية، حيث فوت الرئيس السابق للتعاضدية، عبد المولى عبد المومني، ما مجموعه 117 صفقة خلال الفترة ما بين 2013 و2018، وقامت اللجنة بافتحاص نماذج من هذه الصفقات بلغ عددها 16 صفقة، وقفت خلالها على مجموعة من الخروقات والاختلالات الخطيرة، منها غياب المنافسة الشريفة وتحويل صفقات بعد تجزيئها إلى مشتريات بسندات الطلب وتفضيل مقاولين على آخرين وعدم استخلاص ذعائر التأخير وإبرام عقود بطريقة مباشرة وبملايين الدراهم دون الإعلان عن إبداء الاهتمام أو عن طريق عرض طلب أثمان مفتوح، من قبيل صفقة «الشامل» بمبلغ 12 مليار سنتيم، وهي الصفقة التي نشرت تفاصيلها «الأخبار»، وصفقة الحراسة والنظافة بمبلغ 1.8 مليار سنتيم، وصفقة تهيئة المركب ب 348 مليون سنتيم، واستعمال أموال منخرطي التعاضدية العامة لتنظيم ملتقيات دولية ضدا على المادة الأولى من ظهير التعاضد. أما في ما يتعلق بتدبير المرافق الاجتماعية والصندوق التكميلي عند الوفاة والتغطية الصحية، فقد أثار التقرير الخروقات القانونية المتعلقة بعدم الحصول على تراخيص إحداث سبع عيادات للأسنان، وتسع وحدات لبيع النظارات، وعيادات للفحوص الطبية من سلطات الوصاية، وهي وزارة الشغل ووزارة الاقتصاد والمالية ووزارة الصحة، وتسبب عدم حصول هذه الوحدات على التراخيص القانونية في ضياع ملايير الدراهم على المؤسسة إضافة إلى سوء التدبير والتسيير، الذي نتج عنه عجز وخسائر سنوية فادحة تكبدتها مالية التعاضدية داخل هذه الوحدات والمقدرة بملايير الدراهم، إضافة إلى عدم مساهمة صندوق منظمات الاحتياط الاجتماعي «كنوبس» في هذه الخدمات التي تقدمها هذه المرافق الاجتماعية والوحدات الصحية بحكم عدم قانونيتها، والمقدرة ب9 مليارات سنتيم. تنفيذ الاقتطاع الجديد للصندوق التكميلي عند الوفاة الذي تم تنفيذه دون إصدار قرار مشترك بشأنه من طرف وزيري الشغل والمالية، اعتبرته لجنة الافتحاص، في تقريرها، تجاوزا قانونيا وماليا خطيرا تضرر منه منخرطو 114 مؤسسة ومنهم مستخدمو التعاضدية العامة، أما اتفاقية التدبير المفوض للتغطية الصحية الأساسية المبرمة بين صندوق «الكنوبس» والتعاضدية العامة، فقد ركزت اللجنة على خرق بنود هذه الاتفاقية من طرف عبد المولى بعد أن تعاقد مع شركة خاصة للقيام بتسجيل وتسوية ملفات المرض، وهو الأمر الذي تمنعه هذه الاتفاقية بحكم أن مستخدمي الشركة غير تابعين وظيفيا للتعاضدية، ما يشكل خرقا للقوانين التي تحمي المعطيات الشخصية لأزيد من 450 ألف منخرط تابعين للمؤسسة، بسبب الكشف عن أسرارهم الخاصة ومعطيات ملفاتهم الطبية. وتأكيدا لما نشرته «الأخبار»، وقف تقرير اللجنة على عدة خروقات في تدبير الموارد البشرية، ورصد التقرير اختلالات خطيرة سواء على مستوى عدم احترام المقتضيات القانونية في التوظيفات والترقيات والحقوق، أو على مستوى السلم الاجتماعي المتردي الذي تأثر بالشطط في استعمال السلطة واستغلال النفود والحط من الكرامة، وتحقير مقررات قضائية صادرة لصالح المستخدمين والمستخدمات، والتكلفة المالية لهذه الأحكام، وكذلك أتعاب المحامين المبالغ فيها والتي تجاوزت 600 مليون سنتيم خلال خمس سنوات فقط. كما تطرق التقرير إلى وجود تجاوزات خطيرة على مستوى تدبير العقود وتنظيم الجموع العامة بمبالغ باهظة تجاوزت في بعض الأحيان مبلغ 1.2 مليار سنتيم والإقامة في فنادق فخمة لعدد أقل من المناديب المحدد في عقود الاتفاق مع وكالات الأسفار وتجاوز الفارق أحيانا مبلغ 35 مليون سنتيم. ورصد تقرير «أكابس»، أيضا، تجاوزات على مستوى صرف التعويضات لأعضاء المجلس الإداري وليس كلهم، والتي بلغت خلال مدة 5 سنوات ما يناهز (مليار سنتيم). وتحدث التقرير عن البرامج الطبية غير المرخصة من طرف السلطات المختصة وانعكاسها السلبي على أموال المنخرطين بفعل صرفها على غرباء لا علاقة لهم بالجمعية التعاضدية، وتجاوزات في الشساعة بملايين السنتيمات وهجرة وتهجير الكفاءات بالتعسف وعدة اختلالات أخرى خطيرة.