يظهر بالملموس بأن مختلف أجهزة و مؤسسات الدولة مصرة على عدم الاستجابة لأحد المطالب التي يرفعها الشارع المغربي ضمن الحراك الاجتماعي و السياسي الذي تقوده حركة 20 فبراير و الهيئات النقابية و الحقوقية و السياسية و الجمعوية التي تدعمها، و أقصد مطلب محاسبة و محاكمة ناهبي المال العام ووضع حد للفساد الإداري و المالي. إن ما تعيشه حاليا، التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، من خروقات متعددة وخطيرة، يجسد ما سبقت الإشارة إليه. فحجم الاختلالات الإدارية و المالية بلغ حجما لا يطاق، دون أن تحرك السلطات الوصية عن قطاع التعاضد (وزارتي التشغيل و المالية) ساكنا. انه تستر مكشوف، يفهم بأن من ورائه حسابات سياسوية ضيقة. و معلوم أنه بمقتضى الظهير رقم 1-54-187 المنظم للتعاضد ، تم تكليف وزارتي التشغيل و المالية بمهمة مراقبة التدبير الإداري و المالي للتعاضدية و المصادقة على قوانينها و الحرص على المحافظة على التوازن المالي لهذه الجمعية بالإضافة الى الصلاحيات التي خولها نفس الظهير (الفصلين 15 و 16) و الفصول من 19 الى 24 ،لهته الوزارات. و انطلاقا من تلك القوانين، كان لزاما على هته الوزارتين الوصيتين التدقيق في حسابات التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية و كذا في الطريقة التي يتم بها تدبير شؤون التعاضدية. و أسرد هنا بعض هذه الاختلالات و الخروقات: - أقدم رئيس المجلس الإداري لهذه التعاضدية على فسخ عقد العشرات من المتعاقدين، بشكل يخالف القانون، مما تسبب في تشريد العشرات من عائلاتهم. و قد فرض هذا الخرق القانوني على المتعاقدين، الدخول في اعتصام مفتوح داخل أحد مقرات التعاضدية. و قد تجاوز هذا الاعتصام شهره 15 ، دون أن تظهر بوادر لحل النزاع بطريقة منصفة و عادلة. وهو ما نتج عنه مأساة اجتماعية حادة. وبدل إرجاع المعتصمين لأماكن عملهم، أصر رئيس المجلس الإداري على تنظيم مباراة مفتوحة أمام مرشحين من خارج التعاضدية، على الرغم من توصله برسالة من وزارة التشغيل تنبهه الى عدم قانونية هذا الامتحان و بإلغاء نتائجه. وقد شرعت المحكمة الابتدائية بالرباط، منذ 3 غشت الجاري في البث في الموضوع. - توقيف أعضاء المكتب النقابي لنقابة الاتحاد المغربي للشغل (الكاتب العام و نائبته و عضو مستشار)، التي تؤطر النزاع . و قد تجاوز هذا التوقيف الغير قانوني، أربعة أشهر. و على الرغم من تنبيه مفتش الشغل ، للجهاز المسير للتعاضدية، بعدم شرعية هذا التوقيف، فقد أصر رئيس المجلس الإداري على تمديد هذا التوقيف. و للإشارة، فظهير 1963 المنظم للتعاضد، عرفت التعاضدية بكونها جمعية تعاضدية، خاضعة لمراقبة وزارتي التشغيل و المالية. أي أنها تابعة للقانون الخاص و تخضع لأحكام مدونة الشغل. - تم إحداث اتحاد للتعاضديات التي تربطها مع الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي "كنوبس"" اتفاقية التدبير المفوض للخدمات الصحية الإجبارية عن المرض.و يرأس هذا الاتحاد ، الرئيس الحالي للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية.و أهم الملاحظات التي تم تسجيلها عن هذا الاتحاد، هو كونه تأسس بشكل لم يحترم فيه مقتضيات الفصول 42 و 43 من الظهير رقم 1-57-187 المنظم للتعاضد التي تشترط عقد جمع عام يحضره مناديب المنخرطين و الذين يتم انتخابهم لهذا الخصوص. و قد لوحظ كذلك بأن من بين أهداف هذا الاتحاد، هو تشكيل جبهة لمواجهة مشروع مدونة التعاضد الذي تمت المصادقة عليه في مجلس الوزراء و مجلس الحكومة. و معلوم أن من بين الأفكار الرئيسية التي أتى بها هذا المشروع الإصلاحي، هو فصل السلط بين المنتخبين و الجهاز المسير للإدارة ، و اكتفاء المنتخب بالقيام بمهمة المراقبة، على عكس الوضع الحالي ، حيث أناط ظهير 1963 المنظم للتعاضد، مهمة التدبير الإداري و المالي للتعاضدية، للمجلس الإداري للتعاضدية، المنتخب من طرف الجمع العام. و قد تسبب هذا الوضع، في ظل غياب مراقبة صارمة، في عدة اختلالات إدارية و مالية، كان البعض منها موضوع متابعة قضائية. - خرق كبير لمدونة الصفقات العمومية و عدم احترام مبدأي الشفافية و المنافسة و التوقيع على الطلبيات بعد استشارة عبر الهاتف ، وهو ما يمنعه القانون الذي يفرض أن تكون الاستشارة كتابيا .كما يلاحظ تمرير طلبيات لنفس المقاولة دون احترام معايير المنافسة. كما يلاحظ تبديد أموال ضخمة في أنشطة لا تدخل في نطاق مهام التعاضدية و لم يتم الترخيص لها من طرف الجمع العام و السلطات الوصية. - انعدام الشفافية و عدم تقديم بيانات مدققة (معززة بالوثائق المحاسبتية) عن الوضعية المالية و كذا المصاريف و لائحة المحاصيل و النفقات، و هو الأمر الذي يدفع الى التشكيك في كل الأرقام المقدمة من طرف رئيس المجلس الإداري. - عدم احترام الفصل 16 من القانون الأساسي للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية الذي يفرض تنظيم الجمع العام العادي، على الأقل مرة في السنة. و تتم خلاله قراءة التقريرين الأدبي و المالي و تقرير لجنة المراقبة. وعند نهاية شهر يوليوز من هذه السنة ستمر سنتين على انعقاد آخر جمع عام عادي، دون أن تظهر بوادر لتنظيم الجمع العام العادي. و للتذكير فان الفصول 23 ، 24 و 32 من هذا القانون الأساسي، حددت مدة صلاحية المكتب الإداري و ثلث أعضاء المجلس الإداري في سنتين.و عليه فان كل القرارات الصادرة عن هذه الأجهزة، ستصبح لاغية بقوة القانون. مقابل هذا الوضع أصرت الأجهزة المسيرة لهذه التعاضدية على عقد جمع عام بمراكش يوم السبت 25 يونيو الجاري، سمي بالجمع العام "الاستثنائي"، و هذا النوع من الجمع العام لم ينص عليه القانون الأساسي للتعاضدية إلا في حالة الاندماج مع تعاضدية أخرى (الفصل 54 من القانون الأساسي) أو في حالة الحل الكلي للتعاضدية (الفصل 55 من القانون الأساسي). و بالتالي فان كل القرارات الصادرة عن هذا الجمع العام الغير قانوني، هي لاغية بقوة القانون. و قد لوحظ بأنه تم هدر عشرات الملايين من السنتيمات، انتزعت من أموال المنخرطين من أيتام و مرضى و أرامل و ذوي الاحتياجات الخاصة،على جمع عام غير قانوني،تم تبديدها في مصاريف الأكل و الإقامة في فندق فاخرمن 5 نجوم بالإضافة الى التعويضات الخيالية عن مصاريف التنقل للمناديب و المتصرفين و حوالي 30 من المستخدمين الإداريين بالإضافة الى جيش من الحراس التابعين لشركة خاصة تم المجيء بهم من الرباط (رغم كون هؤلاء المستخدمين و الحراس ليست لهم الصفة لحضور الجمع العام). دون أن نغفل بأن الجمع العام يجب أن ينعقد بالمقر الاجتماعي للتعاضدية ، المتواجد بالرباط. - عدم احترام الفصل 15 من ظهير 187-57-1 المنظم للتعاضد و الذي يشترط موافقة سلطات الوصاية على استعمال موارد التعاضدية في بعض الأنشطة التي تخرج عن نطاق خدمات التعاضدية، مثل ما حصل عندما صرفت الأجهزة المسيرة للتعاضدية، أموالا ضخمة على ما يسمى بالاتحاد الإفريقي للتعاضد و بعض السفريات خارج المغرب بالإضافة الى المبالغ التي تصرف على الجمعية الدولية للتعاضد. علما بأن كل هذه الأموال و الأنشطة لم يوافق عليها الجمع العام. - تدهور الخدمات المقدمة من طرف التعاضدية و عدم تسديد مستحقات المنخرطين و ذوي حقوقهم و التصرف المشبوه للأجهزة المسيرة للتعاضدية في تلك الأموال. - استعمال وسائل التعاضدية من هاتف للاتصال خارج المغرب وكذا سيارة التعاضدية في أغراض شخصية من طرف بعض أعضاء المكتب الإداري - انجاز أشغال التهيئة لمرافق التعاضدية بدون موافقة السلطات الوصية (وزارتي التشغيل و المالية) و هو خرق للمادة 16 من ظهير 1963 المنظم للتعاضد. و تبلغ قيمة هذه الأشغال ، عشرات الملايين من السنتيمات عن العملية الواحدة، في إطار صفقة يتم فيها خرق مقتضيات مدونة الصفقات العمومية. - فتح عيادات جديدة وهو خرق للمادة 44 من مدونة التغطية الصحية الإجبارية (أمو) التي تمنع على التعاضديات ، مراكمة تقديم الخدمات الصحية و تدبير خدمات التغطية الصحية ، كما أنه خرق للمادة 15 من ظهير 1963 التي تشترط موافقة السلطات الوصية عن قطاع التعاضد، على عملية فتح تلك العيادات، و كذا الموافقة على عملية كراء أو شراء وحدات موجهة للخدمات الصحية. - استمرار اشتغال العديد من الوحدات الاجتماعية على الرغم من عدم توفرها على التوازن المالي كما يقتضيه ظهير 1 -57-187 المنظم للتعاضد، بالإضافة الى عدم توفرها على ترخيص من طرف السلطات الوصية عن قطاع التعاضد. و غالبا ما يتم تشغيل هذه الوحدات لأسباب سياسوية ضيقة أو لإرضاء السلطات المحلية (كما هو الحال عليه بالنسبة لمركز أمل سوس بأكادير). - إتلاف ملفات المرض و الإصرار على عدم تسليم المنخرطين، وصل الإيداع و التأخير الكبير في تسديد مستحقاتهم ، وهو التأخير الذي يتجاوز 5 أشهر. إنها أضعف مردودية مقارنة مع باقي التعاضديات المتعاقدة مع صندوق كنوبس. انه رقم بعيد جدا عن ما تفرضه مدونة التغطية الصحية الإجبارية عن المرض (3 أشهر، كما تنص على ذلك المادة 16 من هذه المدونة). كما أن هذه الآجال بعيدة كل البعد عن ما يحدده صندوق كنوبس (21 يوما، بعد أن قدم هذا الأخير دعما لوجيستيكيا للتعاضديات). و يلاحظ بأن بعض التعاضديات، تسدد مستحقات منخرطيها في فترة تقل عن 21 يوما. و قد ساهم في ضعف أداء مردودية التعاضدية العامة، سوء التدبير و انعدام الكفاءة المهنية لدى بعض المسؤولين، بالإضافة الى الطرد التعسفي ل 106 مستخدم(ة) (و هو ما يشكل تقريبا ثلث عدد المستخدمين) . - تحويل مستحقات المنخرطين الى حسابات بنكية لمنخرطين آخرين و عدم تصحيح "الخطأ" رغم توصل إدارة التعاضدية بشكايات الضحايا. - - العديد من مستحقات المنخرطين التي لا يتم التوصل بها عن طريق الحوالات البريدية، يبقى مصيرها مجهولا، مادام المسؤولين عن إدارة التعاضدية، لا يعملون على إرجاعها لهؤلاء المنخرطين. - الإعداد لزيادة، بعد اللجوء الى الجمع العام الغير قانوني الذي نظم مؤخرا بمراكش، في اقتطاع "القطاع التعاضدي" الموجه لتسديد الخدمات التكميلية. و هم ما يعتبر تقليصا في الأجور و المعاشات، مقابل رداءة في الخدمات التي تسديها هذه التعاضدية. - لقد أعطى القانون، للجنة المراقبة المنتخبة من طرف الجمع العام، صلاحية مراقبة التدبير المالي للتعاضدية. كما أن وزارة المالية يمكن لها أن تحرك المفتشية العامة للمالية، من أجل إجراء افتحاص لمالية التعاضدية. إلا أن رئيس المجلس الإداري عرقل عمل لجنة المراقبة و رفض مدها بكل الوثائق التي من شأنها تسهيل عملها. و هو خرق فادح لمقتضيات القانون الأساسي للتعاضدية. فهل هناك شيء يريد هذا الرئيس إخفاءه؟. - غياب العمل بالمساطر الإدارية و المالية و المحاسبتية و تغليب منطق التعليمات و إصدار الأوامر عبر الهاتف. - - استمرار الريع التعاضدي عبر تسديد تعويضات عن تنقلات وهمية و مبالغ فيها ، حيث تصر الأجهزة المسيرة للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، على صرف أموال باهظة يتم نزعها من واجبات الانخراط التي يؤديها منخرطو هذه التعاضدية، لتقدم على شكل "تعويضات عن التنقل" للمتصرفين، أعضاء المجلس الإداري و كذا بعض الإداريين. - إن المجلس الإداري الذي انعقد بأكادير يوم 4 دجنبر الأخير، تم تنظيمه بمركز أمل سوس ، أي بمكان مطعون في شرعيته. و هو ملف مطروح على القضاء للبث فيه. و للتذكير، فان هذا المركب كلف ميزانية التعاضدية مبلغا يقدر بحوالي 4.5 مليار سنتيم و قد تجاوز هذا المبلغ ، القيمة الأولية للصفقة بحوالي 500 في المائة ، و هو خرق سافر لمدونة الصفقات العمومية، التي تحدد التجاوز في 10 في المائة. بالإضافة إلى هذه الخروقات، يضم هذا المركب عدة مرافق ليست لها أية علاقة مع الخدمات التي تقدمها التعاضدية، أذكر من بينها: مسبح مغطى، غرف فخمة، مرافق صحية لم يتم الترخيص لها من طرف وزارة الصحة، قاعات للتدليك و كمال الجسم،... كما أن وزارتي التشغيل و المالية لم تعط موافقتها على استغلاله. و تبقى التساؤلات مطروحة عن الأسباب و الخلفيات التي دفعت البعض، داخل الأجهزة المسيرة الحالية، إلى الإصرار على استغلال هذا المركز على الرغم من عدم شرعيته. و بخصوص هذا الإصرار المنافي للقواعد القانونية، أشير إلى أن الرئيس الحالي للمجلس الإداري للتعاضدية العامة، قد فتح حسابا بنكيا بأكادير، و حول إليه مبلغ 600 مليون سنتيم ، منتزعة من أموال المنخرطين، من أجل صرفها على تسيير هذا المركز الذي لا يتوفر على ترخيص من طرف وزارتي التشغيل و المالية. كما أن تسييره سيكلف ميزانية تقدر بحوالي مليار سنتيم في السنة، مما سيسبب للتعاضدية العامة، عجزا ماليا كبيرا. و معلوم أن ظهير 1963 المنظم للتعاضد ، يشترط ضمان التوازن المالي لتسيير أي مرفق اجتماعي تابع للتعاضدية. و تجب الإشارة الى أن عملية تحويل 600 مليون المشار إليها أعلاه، تزامنت مع التحقيق الذي فتحته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية حول الاختلالات التي عرفته صفقة تهيئة مركز أمل سوس،و هو التحقيق الذي أفضى الى اعتقال الكاتب العام لجمعية المهندسين بأكادير و المقاول المسؤول عن المشروع. - وجود أشخاص داخل المكتب الإداري يشير إليهم تقرير المفتشية العامة للمالية بكونهم تسلموا أموالا بصفة غير قانونية عن طريق مصاريف لتنقلات وهمية (انظر التقرير الذي أنجز عن الفترة الممتدة من 2004 إلى 2007 ). - الاستبداد في تسيير الموارد البشرية و عدم احترام مقتضيات مدونة الشغل مع غياب قانون أساسي لتسيير المستخدمين، مصادق عليه من طرف السلطات الوصية. كما يلاحظ الاستمرار في تقديم منح خيالية لبعض "المسؤولين" و الفتات لفئات واسعة من المستخدمين . دون أن ننسى المراجعة الغير قانونية، للوضعية الإدارية لبعض المسؤولين المقربين (بعضهم بأثر رجعي منذ 1987 و البعض الآخر تم تعويضهم عن مسؤوليات خلال فترة الفراع)، الذين قدموا "خدمات " من نوع خاص للرئيس،... عبد السلام بلفحيل عضو المجلس الإداري للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية الهاتف: 0661328789