انطلقت مساء يوم الجمعة 28 دجنبر 2012 فعاليات الندوة العلمية التي ينظمها النادي الصحي للثانوية التأهيلية الأمل-تيكوين بتعاون مع جمعية آباء وأمهات التلاميذ والإدارة التربوية للمؤسسة تحت شعار “الوقاية خير من العلاج”. حضر هذا اللقاء عن مندوبية الصحة الدكتور محمد البوعامي، الطبيب الرئيس للمركز الصحي بتكوين، وعن جامعة ابن زهر الدكتور عبد الرحيم عنبي، خبير وأستاذ علم الإجتماع القروي رئيس مسلك علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الانسانية باكادير، وعن مندوبية الأوقاف والشؤون الاسلامية السيدة ثورية الساخي مرشدة دينية، وعن جمعيات المجتمع المدني السيد رشيد زكي رئيس المنتدى المغربي للتنمية والثقافة وحوار الحضارات، والسيدة زينب الضو نائبة الكاتب العام لمكتب جمعية محاربة السيدا ALCS، والسيد رشيد بوداني متدخل ميداني، والسيدة صوفيا الشاتي عن نفس الجمعية، إضافة إلى السيد محمد حجاج منسق نادي الصحة بالثانوية التأهيلية عمر الخيام بالدشيرة الجهادية، وممثلتين عن نادي الصحة والمحافظة على البيئة بالثانوية الاعدادية البحتري-تيكوين، وبعض السيدات والسادة الأساتذة والاداريين. بعد افتتاح النشاط بآيات بينات من الذكر الحكيم التي تلتها التلميذة رحيمة بنهوصية، تناول الكلمة كل من مدير الثانوية التأهيلية الأمل تيكوين السيد أحمد بولحوس، ورئيس جمعية آباء وأولياء التلاميذ السيد عبد الله عيور، شكرا من خلالها الضيوف الذين لبوا الدعوة وحملوا على عاتقهم رسالة توعية الشباب الناشئ كما أشادا بالمجهودات الكبيرة التي بذلها نادي الصحة للثانوية من أجل تنظيم عمل متميز تنفتح فيه الثانوية على مؤسسات حكومية وغير حكومية من أجل تعميم الافادة والاستفادة. مداخلة الطبيب الرئيس للمركز الصحي بتكوين اعتمدت مقاربة تواصلية أفقية تفاعل معها تلاميذ المؤسسة، حيث ذكر بأن التعفنات المنقولة جنسيا تدق ناقوس الخطر ببلادنا معتبرا أن السيدا من أخطر الفيروسات المنقولة جنسيا على الإطلاق يهاجم وسائل دفاع الجسم فيضعف مناعته ويجعله معرضاً للإصابة بأنواع مختلفة من التعفنات والأمراض الانتهازية والأورام السرطانية، كما عاد ليذكر طرق العدوى وسبل الوقاية داعيا الحاضرين لزيارة المركز الصحي بتكوين الذي يقوم بحملات سنوية للكشف عن المصابين. ويعتبر هذا المركز إلى جانب مركزي طنجة ومراكش من المراكز الثلاث المجهزة بآلات متطورة للكشف عن السيدا. أما الدكتور عبد الرحيم عنبي فقد تناول انتشار التعفنات المنقولة جنسيا من الزاوية السوسيولوجية حيث اعتبر أن الصحة كثقافة وكقيمة غائبة في مجتمعنا المغربي، وأن التمثلات المنتشرة في المجتمع حول الظاهرة تنم عن انتشار الأمية واللاوعي، فضلا عن الخوف الذي ينتاب الشباب من الألقاب التي يمكن أن يلقبهم بها أقرانهم إذا ما تجنبوا الممارسة الجنسية، وهي ألقاب تمس بالرجولة، الشيء الذي يجعل الداء ينتشر بسرعة ويحصد أعدادا كبيرة كل سنة. كما أورد أستاذ علم الاجتماع أسماء مجموعة من التعفنات بالعامية، وأسهل في موضوع مقاربة العدوى التي تفتح الباب واسعا أمام معتقدات خاطئة تدخل ضمن الطرهات الاجتماعية كإمكانية الاصابة بالعدوى عند استعمال مرحاض سبق استعماله من طرف مصاب. ولم يتوان الأستاذ في تشجيع التواصل بين أفراد الأسرة وبين المؤسسة التعليمية والمؤسسة الصحية في إشارة إلى دعم التربية الجنسية داخل مؤسساتنا. الدور الذي تلعبه المؤسسة الدينية في التوعية والتحسيس في مجال التعفنات المنقولة جنسيا كان محورا أساسيا تناولته بالتفصيل الأستاذة والمرشدة الدينية ثورية الساخي عن مندوبية وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية حيث ربطت انتشار التعفنات بالسلوكيات الجنسية غير السوية منوهة بالدور الفعال الذي تلعبه المؤسسة الدينية للحد من انتشار هذه “الكوارث” من خلال إصدارها ل “دليل الأئمة والخطباء في مواجهة التعفنات المنقولة جنسيا”. أما عن الرسالة الوعظية الإرشادية للأوقاف فهي طرق الوقاية من هذه التعفنات من خلال ملء الفراغ الروحي الذي يعاني منه شبابنا، والرجوع إلى الدين الحنيف، والالتزام بمبادئه وتجنب التهور مصداقا لقوله تعالى “ولا تقتلوا أنفسكم، إن الله بكم رحيما”، “ولاتقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا”، كما وجب عدم مرافقة رفقاء السوء. كان للتلاميذ مجال للتعبير عن ابداعاتهم المتعلقة بمجالي التوعية والتحسيس، فمن خلال مسرحية من أدائهم وإخراجهم استطاعوا التواصل مع الحاضرين بشكل كبير. مسرحية تبين نظرة المجتمع للمصابين بداء السيدا، وكيف ينبذ المصاب ويرمى به، بدأ من عائلته وانتهاء بباقي أفراد مجتمعه مرورا بأصدقائه وأقرانه. وبعد استراحة شاي على شرف المدعوين كان الحضور على موعد لاكتشاف تجارب مختلف الفعاليات كجمعية محاربة السيدا ALCS التي استعرضت تعريفا لها ولأهدافها وبرامجها الوقائية والموجهة بالأساس للفئات الأكثر هشاشة فضلا عن الشباب المتمدرس. أما عن أنشطتها فتعتمد على تدخلات ميدانية في إطار مقاربة القرب وتسهيل الولوج إلى الوسائل الوقائية. والجمعية بفضل تجربتها وتمرسها في الميدان استطاعت التغلب عن مجموعة من العراقيل. ثمانية وعشرون مركزا ومختبرات للتحليلات المجانية، وتسعة عشر فرعا للجمعية بمختلف ربوع المملكة فضلا عن وحدات متنقلة، ووسائل مختلفة للإتصال والتواصل مع المواطنين مع الإبقاء على الطابع السري للنتائج، كلها مجهودات سخرتها جمعية محاربة السيدا خدمة للمواطنين ومساهمة في الحد من انتشار التعفنات والاصابة بها. أما المنتدى المغربي للتنمية والثقافة وحوار الحضارات قدم تعريفا لإطاره الفتي، وأهدافه، واستراتيجية عمله، وفلسفة أنشطته المتنوعة والتي تمس ميادين مختلفة. وفي مجالي التوعية والتحسيس نظم المنتدى مائدة مستديرة “حول التعفنات المنقولة جنسيا: الواقع واستراتيجية الوقاية” حضرها أزيد من 11 متدخلا و أكثر من 70 مستفيدة ومستفيدا. نشاط ترك توصيات مختلفة رفعت إلى وسائل الاعلام، والجرائد الورقية والالكترونية. كما شارك في ندوات أخرى متعلقة بموضوع التعفنات، إضافة إلى استفادة بعض أعضاءه من تكوينات الهلال الأحمر المغربي في الموضوع ذاته، وساهم في حملات التحسيس والتوعية بمناطق قروية تابعة إلى عمالة أكادير إداوتنان. والمنتدى اليوم يدرس مشروع “مبادرة توعية” يستفيد منها عموم المواطنين في تخصصات طبية مختلفة. مداخلة النادي الصحي للثانوية التأهيلية عمر الخيام-الدشيرة الجهادية أكدت انفتاح المؤسسة على منظمات حكومية وغير حكومية. فقد استفاد 20 تلميذا من تكوين للمثقفين بالنظير. تكوين دام لمدة يومين من طرف خبراء مدعوين من طرف وزارتي الصحة والتربية الوطنية، مما “مكن المستفيدين من أدوات التحسيس والتثقيف”، حيث يعد التلاميذ جذاذات موضوعاتية وأخرى للوضعيات المولدة للخطر. كما يعمل أعضاء النادي داخل وخارج الثانوية من أجل تصحيح معلومات نظرائهم وإعداد تقارير شهرية تبعث إلى الجهات المختصة. كما أن النادي ينظم أنشطة دورية للتوعية والتحسيس، إضافة إلى انتاج مسرحيات وأغنية حول الموضوع ذاته. وخلال تجربته وقف النادي على حقائق مرة ضمن الوضعيات المولدة للخطر والمنتشرة بالمؤسسة ومنها “الجنس السطحي” وتناولت مداخلة النادي الصحي للثانوية الإعدادية البحتري بتيكوين تعريفا به وبأهدافه وأنشطته المختلفة، كما قدم نصائح للشباب وتلاميذ المؤسسة. لترفع أشغال الندوة بكلمة شكر لجميع الحاضرين والمساهمين في إنجاح هذا اللقاء العلمي ألقتها الأستاذة فاطمة الزهراء العمراني، أستاذة علوم الأرض والحياة بالثانوية التأهيلية الأمل-تيكوين. من الجدير ذكره انه قد شارك في الندوة التي نشطها بنجاح التلميذ ميلود المودن عدد كبير من التلاميذ الذين أبدوا اهتماماً بالموضوع من خلال تساؤلات ومداخلات تنم عن الحاجة والاهتمام في الموضوع وقد وجدوا ضالتهم في أجوبة المتدخلين التي تناولت الجانب النفسي للمصاب، ودور الأسرة في بناء المجتمع، حيث أن محاربة الداء لاتكون إلا بشكل جماعي.