عرفت البشرية خلال تاريخها الطويل ألوانا متباينة من العنف الدموي وغير الدموي .وحفظت لنا الوثائق التاريخية وقصائد الشعر ونصوص المسرح معلومات مهمة وقيمة عن العنف السياسي والعرقي والديني و الطائفي والاجتماعي و الأسري .. وسجل لنا هذا التاريخ وما يزال يسجل حالات لا حصر لها للعنف بشتى ألوانه , وتشهد المجتمعات الحديثة ضروبا متعددة من العنف والإبادة واستعباد الضعفاء وسجن المعارضين … وقهر النساء وظلم الأطفال وتشغيلهم وحرمانهم من الدراسة والتكوين وهو من اشد أنواع الاضطهاد والعنف المادي منه والرمزي . يعتبر العنف والتهديد من اشد ما يقاسى منه الإنسان واخطر ما يؤذيه في عصر كعصرنا الحاضر , حيث انتشار قيم و مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وتزايد الحديث عن قدسية حرية الإنسان وعن حقه في أن يعيش الحياة التي يختارها وحقه في حياة كريمة دون عنف بينه وبين الآخرين. صحيح انه يبدو ظاهريا أن الديمقراطية وحقوق الإنسان وقيم التسامح قد تغلبت على العنف منذ أن أحرز هذا الإنسان انتصاراته الكبرى في العصر الحديث على الظلم والعبودية والاستبداد , ولكن الحقيقة غير ذالك ,إذ ما يزال العنف كامنا في النفوس حتى في تلك البيئات التي يبدو فيها انه قد اقتلع من جذوره. فالعنف ينمو في ظل ظروف سياسية واجتماعية ونفسية يعيشها الأفراد وتعيشها الجماعات: العنف ينشا ويزداد كلما كانت هناك فروقات كبيرة بين الطبقات الاجتماعية أو انعدم العدل الاجتماعي , واختلفت وتباينت المصالح والمنافع و السلط بين الأفراد والجماعات . العنف ينشا كلما ازداد الجهل و التهميش وانقطعت فرص الاتصال والتواصل بين الأفراد والفئات . العنف يزداد كلما ازداد الخوف وانعدم الآمن الإنساني والاجتماعي والروحي . العنف ينشا بسبب انسداد نوافذ الحوار وانغلاق آفاق السلم الاجتماعي استشراء ثقافة العنف وسيكولوجية العنف تزدادان كلما كانت القيم السائدة تشيع ثقافة الخوف مما يولد ثنائية العنف والعنف المضاد . العوامل الثقافية مثل وسائل الإعلام المختلفة (صحافة – إذاعية تلفاز) قد تساعد في تشكيل العنف عند ألأطفال والمراهقين على حد سواء . وبالنسبة لمجتمعنا المغربي فالعنف ليس معطى جديدا أو طارئا على البنية الاجتماعية والسياسية في مجتمعنا , فتاريخنا حافل بالعنف بل إن تاريخنا هو إلى حد كبير تاريخ العنف والصراع كما تشهد على ذالك أسوار المدن,والحصون , والقلاع وأقبية السجون ومطا مرها و كذا تراثنا الزاخر من السيوف والخناجر,والبنادق , والفروسية …. ومن المؤكد أن هذا العنف التقليدي هو عنف فوضوي , عنف مرتبط بالصراع على الخيرات في المجتمع , عنف متبادل بين السلط في المركز أو في الجهات من جهة وبين القبائل من جهة ثانية. أما العنف الحديث الذي بدا مع الدولة العصرية وخصوصا خلال فترة الحماية فهو عنف منظم ومؤسسي وتقني وفعال ولقد ورثت الدولة العصرية الحديثة في المغرب في جملة موروثاتها الترسانة العسكرية والتنظيمية والقانونية والتقاليد المؤطرة لهذا الضرب الجديد العصري من العنف .(د. محمد سبيلا- عنف الدولة – منشورات المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان) إننا لا نبالغ عندما نقول أن العنف وكل أساليب التهديد والتسلط تخترق بنية المجتمع المغربي والعربي عموما , ويصف عبد الوهاب بوحديبة بدقة وبعد نظر هذه الظاهرة التسلطية العنيفة في الثقافة المحلية و العربية قائلا أن السلطة والتسلط والعنف والقمع تمتد جذورها عميقا في مجتمعنا التقليدي , وهي لا تحكم علاقة الزوج بالزوجة أو الآباء بالأبناء فحسب , بل تحكم كذلك علاقة المعلم بالمتعلم , والسيد بتابعه, ورب العمل بالعامل, والحاكم بالمحكوم, والميت بالحي .(عن تأملات في نظام التعليم بالمغرب – ص 9) المدرسة مؤسسة للتربية على التحرر ام للضبط والكبت إن سلطة المؤسسات سياسية – اجتماعية كانت أم تربوية هي سلطة شاملة وقامعة وغير محدودة النفوذ والانتشار لا تعرف أين تبدأ ولا أين تنتهي ولا تعرف حدودا للعنف – بكل أشكاله – , فهي مفروضة بمبرر الصراع لأجل البقاء والاستمرارية. هذا فوركان FORQUIN يؤكد في أطروحته التي تصنف ضمن المقاربة الصراعية أن المدرسة لا تنتقي من هو أكثر قدرة وأكثر إنتاجية وأكثر ذكاء وإنما من هو أكثر انضباطا للقوانين السائدة وأكثر خضوعا للطقوس القائمة اجتماعيا وثقافيا وإيديولوجيا . (استسلموا , تكيفوا , ولكم أن تتحركوا داخل سلاسل نظامية . كونوا كائنات عجينية , ولا تكونوا انتم أنتم….. ) إن الصوت المخنوق داخل المؤسسة ألتربوية هو وجه عدواني ناتج عن فرض سلوك غير سوي وتدبير غير إنساني وتعليم غير اجتماعي ولا حياة فيه , وان فرض هذا الصوت المخنوق ما هو إلا صورة للعنف الرمزي , عنف ليس له وجه عقابي فقط – ولكنه متعدد الوجوه فيه ما له علاقة بالقواعد والضوابط الإدارية والبرامج والمناهج الدراسية و الأساليب التربوية , وكلها تعمل على تثبيت السلطة المادية والرمزية للمؤسسة مع ترسيخها و تأبيدها . إن مؤسساتنا التعليمية تعيش في وسط ومحيط قمعي – رمزيا – قائم على الضبط والصرامة والوهم و الخداع والتهميش وإنتاج اللا مساواة مع الادعاء على نفسها بالموضوعية والنزاهة والرشاد والصواب والحكمة . يتمرد التلاميذ على العنف والكبت فيدخلهم في صمت غير طبيعي ويدفع بعضهم إلى الانسحاب والتراجع إلى الوراء في غياب الانضباط داخل الفصل أو خارجه , وفي كل مرافق المدرسة. إن انتشار الفوضى و اللا نظام في المؤسسة يعني أن هناك مقاومة ورفض من قبل التلاميذ ,هذا الرفض في تجلياته افرز ثقافة العنف والتخريب: تخريب التجهيزات والممتلكات بل حتى البرامج الدراسية للدفاع عن استقلالهم الذاتي لكنهم ليسوا قادرين عن تغيير التربية في صالح حريتهم البناءة , فهم يوغلون أكثر فأكثر في العنف والتخريب أو يغرقون أكثر فأكثر في صمت عميق ومريب أو يتعاطون أكثر للمخدرات أو ينزاحون إلى الخلف فيتسرب إليهم وهم الفشل والإقصاء يقول ايفان ايليتش ivane Illich أن النظام المدرسي ليس سوى نظام سباق من اجل الحصول على الشهادات , و انه نظام مغلوط يهدف إلى إنتاج تلاميذ طيعين فاشلين مقبلين على استهلاك المقررات المهيأة من لدن “السلطات” , ومن اجل طاعة المؤسسات . وتسود بين أطرافه علاقات من الصراع والعنف في ظل مناخ غير متسامح وغير ديمقراطي , لا يشعر فيه التلميذ بالأمن ولا يشجعه على السؤال والتحدي . فماذا عن السيكولوجية العدوانية داخل المؤسسات التعليمية؟ صاغ علماء السلوك الاجتماعي آليات مختلفة من الشخصية للربط بين الخصائص الشخصية وردود الأفعال العنيفة , ومن تلك الصياغات النظرية التي ترى أن الإحباط يؤدي إلى العنف (ميشيل ارجايل1982) ونظرية الإحباط هي واحدة من النظريات التي تعامل العنف على انه عدوان واعتداء غاشم . وقدمت الأبحاث التي صاغها (دولا رد) و(بيتلهايم BETTELHEIM) وأمثالهما أدلة امبريقية تبين أن الإحباط هو السبب الرئيسي للعنف و هو يؤدي دائما إلى زيادة التعصب العنيف , كما أن هذان الباحثان وجدا أن الأفراد الذين يفقدون موقعهم داخل المجتمع أو داخل منظومة مؤسساتية ويضطرون إلى قبول مرتبة أدنى يصبح لديهم قدر كبير من التوتر والقلق مما يدفعهم للبحث عن كبش فداء ليتحمل مسؤولية إحباطهم (طارق عبد الوهاب ). وحاولت بعض الدراسات النفسية والاجتماعية والطبية البحث عن أسباب الاضطراب النفسي وعن الانحراف عند الأطفال والمراهقين فتكونت لديها علامات توضح أسباب الانحراف ….من هذه الأسباب : من تكون فيزيولوجية ناتجة عن خلل في بعض الغدد , كالغدة الكضرية فوق الكلى . وقد تكون نفسية ناتجة عن تفكك عائلي أو تعطش للحنان . وقد تكون اجتماعية ناتجة عن ضعف مستوى العيش وعن سوء التغذية وقد تكون ناتجة عن عوارض مرضية تحول بين التلميذ والنضج المتوازن…ويؤدي ذالك حتما إلى احتدام باطني يؤدي غالبا إلى التمرد والغضب لذا اهتم خبراء وأطباء الصحة النفسية والعقلية على معالجة مشكلة التفاعل الاجتماعي بين الأفراد داخل المؤسسات الاجتماعية والتربوية بصفتها المشكلات التي تعتبر مصدرا من مصادر الضغط والتوتر والتي يرتبط النجاح في معالجتها بالصحة النفسية والفاعلية الشخصية . فمن المعروف أن السلوك الاجتماعي في حالات القلق يتسم بخصائص تذبذب بين أطراف متعارضة أو غير متجانسة (أستاذ – تلميذ / أب- ابن / حاكم – محكوم ) كالانصياع الشديد والعدوان والخجل والاندفاع , ولهذا نجد قصورا شديدا في قدرة الأفراد في حالات القلق على تبادل المشاعر الايجابية , بما فيها من احترام وتقدير وفاعلية مما يؤثر في كفاءاتهم وقدرا تهم على التفاعل الإنساني أو التربوي فتتحسن قدراتهم ويقل قلقهم بدرجة ملحوظة , هذا عندما نضع ضمن خططنا التربوية العلاجية ما يساعدهم على معالجة الضغوطات والتوترات النفسية . فهل يسمح للمربى أن يمارس العنف ضد المتعلم في إطار عملية تعديل السلوك الفردي أو الجماعي وخارج حدود السلطة التربوية ؟ هل يسمح للمتعلم تجاوز قواعد الانضباط أو الخروج عن السلوك التربوي السوي ؟ تأثير العنف والضغوط النفسية على التعلم يخضع الفرد منذ بدايات وجوده لتأثيرات, لضغوطات , لإغراءات ,لصدمات ,لتشريطات,من كل الجهات ,تصوغه, تقولبه, تحوله لكي تصوغ منه كائنا ثقافيا , بهذا المعنى يمكننا التكلم عن “هلعة” تطور فردية (من الهلع), هذه اللفظة تحمل فكرة العدوانية الشديدة والعنيفة – بيار ايرني –(اثنولوجيا التربية). إن كثيرا من الأفراد والمتعلمين يعانون مشاكل عنيفة قاسية في بيئتهم وبين أسرهم وليس هناك من يستطيع أن يزيل عنهم أعباء هذه المشاكل سوى في وجود مؤسسة تربوية بأساتذة ومربين يمتلكون مقاربات بسيكولوجية و بيداغوجية ملائمة تأخذ في حسبانها الحاجات التي تحقق لهم النضج النفسي والعقلي والثقافي والاجتماعي . إن الضغوطات النفسية والعقوبات البدنية تعطل قدرات التلميذ على تحديد أولوياته وترتيبها , لان التفكير والتذكر يتأثران بشكل سلبي تحت الضغوطات النفسية وتحت التهديد , وإنهما يكبحان ويثبطان الذاكرة المستديمة ,,,بل إن التهديدات , والخوف من العقاب والضغوطات النفسية تجعل التلميذ أكثر عرضة لأمراض نفسية وعضوية . وحسب الأطباء النفسانيين أننا إذا نظرنا إلى مراكز الأعصاب في الدماغ وتتبعناها لوجدنا أن تفرعات الخلية العصبية للشخص المتوتر متقلصة وتشعبها اقل وعلى العكس بالنسبة للشخص غير المتوتر وهذا يؤثر بلا شك على قدرة الاتصال وفعاليته فيما بين الخلايا العصبية – (إيريك جونسون) فما الذي يسبب – كذالك – في هذه التغيرات الهائلة ؟ 1 – إن التغيرات الاجتماعية تغير في سلوك الأشخاص وتصرفاتهم وبالتالي فان الدماغ يستجيب لهذه التغيرات مما ينتج عنه تغير في الخلايا العصبية . وقدم فرويد نظرية حول تأثير الحياة العائلية والاجتماعية , واظهر كيف تؤدي العواطف والصراعات المتولدة عن علاقات الفرد بابيه وأمه وإخوته ومعلميه , إلى تبلور مواقف ومشاعر معينة إزاءهم , هذه المواقف والمشاعر تستمر في الذاكرة واللاوعي وتطبع الحياة اللاحقة للفرد في علاقاته مع الآخرين. 2 – المجتمع المدرسي المتوتر في ابسط صوره وأشكاله يساعد في خلق ظروف الفشل والإخفاق بالنسبة للتلميذ : فالاكتظاظ والعلاقات بين التلاميذ ية وبين التلاميذ ومدرسيهم ونوعية التجهيزات وفضاء القسم والإضاءة كلها عوامل لها تأثيرها في إخفاق التلميذ وفي توتره وتشنجه واضطراباته وانفعالاته: فالإضاءة مثلا قد تسبب في حدوث توتر, وقد أكد احد الاختصاصيين في عالم البصريات (جوتليب) أن الضغوطات المدرسية تتسبب في مشكلات بصرية تؤثر سلبيا على التحصيل الدراسي وتقدير المتعلم لذاته , وأنها أي الضغوط المدرسية تقلص عملية التنفس وتؤثر على تركيز المتعلم مما يؤثر في نهاية المطاف على التحصيل الدراسي : فتحت الضغوط تصبح العين أكثر يقظة وحساسية لمتابعة ما يجري بمجال الإبصار مما يكون معه شبه مستحيل تتبع الأمور الصغيرة بدقة- (اريك جونسون) 3 – هناك عوامل اجتماعية خاصة تكون مصدرا للضغوط النفسية من بينها أن تضع بعض الأسر والعائلات التوقعات العالية في تأهيل وتكوين أبنائها وبشكل صارم , وهو ما لا يتوافق أحيانا مع القدرة والمقدرة والواقع العملي للأبناء/ التلاميذ مما ينتج عنه فشل وخيبة أمل وعدم رضا , فظروف التنشئة التربوية لا تسير دوما كما يريد الآباء أو ألأسر ولا بد من منغصات تعترض حياتنا الاجتماعية والتعليمية من حين لأخر(الاكتظاظ – المحيط المدرسي – العلاقات بين أفراد المجتمع المدرسي –المر دودية الداخلية والخارجية للمؤسسة …..) كلها عوامل لها تأثيرها , ولذا في مثل هذه الأوضاع فالدماغ يعتبرها بمثابة تهديد مباشر له تقود إلى بيئة غير مناسبة للتعلم … لذا لابد أن ندرك جميعا أننا نستجيب للتهديد والتخويف بشكل مختلف , فالبعض قد لا يكترث به مهما كان الموقف . والبعض الآخر يتفاعل معه ويعتبره تحديا يجب مواجهته ببسالة وبعضهم يعتبره أمرا مهددا للبقاء ومحطما للحياة …وعلى كل حال فان الدماغ يستجيب للتهديد بشكل متوقع . 4- موقف السخرية والتهكم يتسبب في توتر حاد لكل من يتعرضون لمثل هذه المواقف (روزنسكي), إن المتعلم عندما يتعرض لنعوت سلبية أو عقوبات معينة سواء كنت لفظية أو جسدية أو نفسية لا يستطيع السيطرة عليها فان ذالك الموقف يفضي إلى صدمة عنيفة , وتجاهل المتعلم أو الاستهزاء منه من المحرمات التربوية لذا على المربي والمدرس أن يتفادى أي أسلوب أو خطاب أو موقف استهزائي منه لان من شان ذلك أن يدفعه إلى التحدي والمواجهة , كما أن على المربي والمدرس (أن يتساءل عن كنه – هذا الانفعال – ليعرف حقيقة البواعث ويكتشف دوافعها فهي قد ترجع إلى انحراف في التلميذ او إلى عارض مرضي أو إلى تكثيف تحدي انفعالاته النفسية …) (محمد بن عبد العزيز الدباغ) فالمعلم الذي يرشد وينصح التلميذ على انفراد مهما كا الموقف تكون نصيحته ذات مردود جيد على التلميذ والعكس اذا كان معلم يصرخ في وجه تلميذه او حتى ينصحه ولكن في حضرة الاخرين وبأسلوب عقيم تحيط به الصرخات ونبرات الصوت العالية 5- إن التهديد والتخويف يؤثران على التوازن النفسي وبالتالي على المشاعر و التصرفات , فإذا انخفض منسوب المركب ألأميني اثر ذلك على التوازن الكيميائي للمشاعر والتصرفات / فتلاميذ معرضون للتهديد والضغوط النفسية العالية خصوصا من تربى منهم في بيوت معروفة بالعنف الأسري يكونون أكثر الأشخاص صعوبة في الإصغاء للآخرين ويميلون للعنف وتراهم دائما يتحينون الفرص للقضاء على الخصم ليثبتوا وجودهم وتراهم دوما أكثر عدوانية .(إيريك جونسون)- عن مجلة المعرفة- العدد52 6- التهديد والتخويف والاستهزاء والعنف لها مضار أخرى كثيرة فهي تولد العجز وعدم الرغبة في العمل والمواظبة عليه أو حتى التفكير فيه فيتأثر التحصيل الدراسي للمتعلم , ويصبح التلميذ في هذه الحالة أكثر ميلا إلى الانطواء أو التردد عوض أن يتحلى بالرغبة في التعلم والاستعداد الفطري لبلوغ درجات من النجاح والتوفيق في الدراسة . انه كلما زادت الضغوط النفسية انخفض إنتاج التلميذ . لذا فان الضغوطات والتهديدات وكل مسببات العجز يجب أن تبتعد عن التلميذ وعن محيطه وبيئته لتحقيق اكبر درجة من التحصيل الدراسي . إن المدرس أو المربي لا يمكنه أن يفرض وجوده عن طريق القسر والعقاب وإنما يفرض وجوده عن طريق التفاهم والإقناع والمجادلة بالتي هي أحسن , فالأفكار إذا حاول الأستاذ فرضها وحاول أن يعاقب من ناقشه فيها فهو أستاذ فاشل – كما يشير غالى ذلك الأستاذ محمد بن عبد العزيز الدباغ . إن أحسن وسيلة لتربية الطفل أو المتعلم تأتي عن طريق إشعاره بوجوده وعن إنماء وعيه بذاته وعن فتح عينيه على أخطائه ليتسنى له اخذ اختيارات تبعده عن الزلل وتنزهه عن المزالق وترفع قيمته وتجعله حكما على نفسه . حلول ومقترحات إذا كان التعسف في استعمال السلطة التربوية مع التهديد النفسي والعنف المادي والرمزي,يؤدي إلى نشوء أنواع من الشذوذ والعاهات النفسية التي تشوه إنسانية الإنسان , فان جميع فلاسفة التربية اجمعوا على رفض كل سلطة تربوية تمارس بشكل تعسفي – قاهر لأنها لن تؤدي إلا إلى حدوث أضرار تربوية ونفسية وعضوية على مستوى سلوك الأطفال والمراهقين وعليه فعلى الآباء أولا , والمدرسين ثانيا التضحية بأنانيتهم والعمل على تنمية قدرات أبنائهم وتلامذتهم على كفاية ذاتهم بأنفسهم من خلال خفض حدة الضغوطات النفسية عليهم وإزالة كل المواقف المسببة والمثيرة للضغط النفسي , ومن المقترحات التي يمكن الاستئناس بها في هذه الوضعيات التربوية : على المربي مساعدة تلامذته للتعرف على المواقف المفضية إلى الضغوط النفسية وكيفية علاجها والتعامل معها حال حدوثها , فوظيفة المربي آو المدرس لم تعد قاصرة على القيام بعملية التدريس فقط , بل تتعداها إلى الدعم النفسي , والنصح و الإرشاد والتوجيه ومراعاة جانب العلاقات الإنسانية. تدريب التلاميذ على بعض الأساليب الفاعلة في هذا المجال متمثلة في إدارة وتنمية مهارات العلاقات الإنسانية وكيفية الحصول على مساعدة الآخرين . هذا البعد من العلاقات داخل القسم أو في المؤسسة التربوية ينمي الطابع الوجداني والإنساني ويركز على دينامية الجماعات وتفاعل عناصرها وأدوارها . ممارسة الأنشطة الرياضية والألعاب المدرسية وتقويتها لما لها من اثر كبير وفاعل في تخفيض حجم الضغوطات النفسية . تعزيز ثقافة الحوار والمناقشة مع مجموعة الفصل أو أفراد المؤسسة اعتبارا لمبدأ الإيمان بالديمقراطية كسلوك إنساني وأسلوب في التعامل البشري . وكذا تشجيع القراءة الحرة والكتابة الإبداعية لتخفيف حدة الضغوط وإبعاد أسباب الانحراف والعنف عنهم . استعمال وسائل تعليمية حديثة تشوق التلاميذ وتجعلهم راغبين في المعرفة زاهدين في الشغب , فكثيرا من الفوضى داخل الفصول ليس ناتجا عن سوء أخلاق التلاميذ , ولكنه ناتج عن سوء تصرف المربي وعن عقم طرقه في التدريس .(محمد بن عبد العزيز الدباغ) ضرورة إلمام المدرسين بالدراسات والعلوم التربوية النفسية منها و البيداغوجية حتى تساعده وتدله على معرفة أعماق تلامذته وعلى الترابط بين تكوينهم النفسي وتكوينهم الجسدي و عندئذ تستغل تلك المعرفة لإحداث الملائمة بينهم وبين طرقه التعليمية ومواقفه التربوية. حسن الاقتداء بالمدرس في سلوكه وأخلاقه , فالعلاقات الإنسانية التي يبنيها المدرس تحقق له الفعالية وتعود على المتعلم بالنفع والإيجاب وبهذه العلاقة الإنسانية يبني صرح الثقة بينه وبين الآخرين , وتتحول الى علاقة ارتباطيه بينهما والى نوع من الانجذاب وزيادة الترابط فيتمثلها التلميذ ويسعى لاكتسابها والتحلي بها (ضبط النفس – الاتزان – عدم القلق – تقبل الرأي الآخر- روح المرح – الفكاهة – مكارم ألأخلاق) إن علينا أن نسعى جادين لإزالة كل الضغوطات النفسية التي تؤدي إلى أمراض عضوية والى عدم التركيز وعدم الانتباه وتشتت الذاكرة. وعلينا آن لا نسمح لتأثير التهديد والمؤثرات المحيطة أن تشكل عائقا في مجريات حياتنا التربوية. ذ: محمد بادرة مدير ثانوية بالدشيرة الجهادية