فاز الاشتراكي فرانسوا هولاند بالانتخابات الرئاسية في فرنسا يومه الاحد في تحول نحو اليسار في قلب اوروبا من شأنه ان يبدأ موجة مضادة لتوجه التقشف الذي تقوده المانيا. وفاز هولاند على منافسه المحافظ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بنسبة 51.9 في المئة مقابل 48.1 في المئة بناء على نتائج الفرز الجزئي للاصوات مما يعيد يسار الوسط الى الحكم بعد عشر سنوات في صفوف المعارضة. وأقر ساركوزي بالهزيمة أمام منافسه الاشتراكي خلال 20 دقيقة فقط من اغلاق اخر مراكز الاقتراع في البلاد في الثامنة مساء (1800 بتوقيت جرينتش) قائلا لانصاره انه اتصل بهولاند وتمنى له حظا سعيدا. واحتفل هولاند (57 عاما) المنتصر امام مقر الحزب الاشتراكي في ساحة الباستيل في باريس حيث احتفل انصار الحزب اليساري بفوز فرانسوا ميتران عام 1981 وهو اخر رئيس اشتراكي حكم فرنسا. فمن هوفرانسوا هولاند فرانسوا هولند من مواليد 12 غشت عام 1954 في مدينة روان في الشمال الغربي من البلاد، خريج كلية الإدارة الوطنية، التحق بالحزب الاشتراكي العمالي الفرنسي في العام 1979. تزوج في العام 1980 من المرشحة الاشتراكية سيجولين روايال التي تقدمت لرئاسيات فرنسا سنة 2007 2007، وهو العام الذي انفصل فيه عنها بعد ان خلفا معا أربعة أبناء. تقلد منصب مستشار اقتصادي للحزب على عهد فرنسوا ميتيران، كما حصل على مقعد في البرلمان الفرنسي منذ العام 1988، واستطاع ان يخلف ليونيل جوسبان على رئاسة الحزب الاشتراكي عام1997 بعدما أصبح الأخير رئيسا للحكومة في حكومة التعايش مع رئيس يميني وهو جاك شيراك. رأى فيه الفرنسيون من الحزب الاشتراكي أو من أنصاره الرجل السياسي الذي يمكن أن يراهن عليه لخوض الاستحقاقات الانتخابية الكبرى للعام 2012،خصوصا بعد موجة من الفضائح التي تعرض لها الحزب وبالضبط بعد سقوط القيادي والمرشح الأكبر للحزب للرئاسيات الفرنسية، دومنيك ستراوس كان، على إثر الفضيحة المترتبة عن اتهامه بمحاولة اغتصاب في فندق بنيويورك. وصفه جاك شيراك في مذكراته “برجل الدولة الحقيقي”، وبالتأكيد فإن هذا الاعتبار الذي حظي به من رئيس مثل شيراك، كانت له تداعيات على تعزيز صورته السياسية أمام الرأي العام الفرنسي. استطاع فرانسوا هولند أن يفوز على خصمه نيكولا ساركوزي في الجولة الاولى، ب من28،3 ، مقابل 26 في المائة. وجدد فوزه في الجولة الثانية بحصوله على 51،9 في المائة مقابل 48،1 في المائة. صدقت بحقة معظم استطلاعات الرأي سواء داخل فرنسا ام خارجها، حيث جلها دفعت بتقدمه ومن ثم بفوزه في كلا الجولتين الاولى والثانية وذلك ما تحقق مع النتائج التي أفرزتها صناديق الاقتراع. فوزه بالانتخابات الرئاسية الفرنسية يوم 6 مايو، يجعله أمام جبهات داخلية وخارجية ساخنتين، نتيجة للوضع الدولي القائم الذي أفزته الأزمة الاقتصادية العالمية، والتي جعلت السياسيات المستحكمة تتجه نحو التقشف والبطالة، مما سيتطلب منه تحرير سياسية تنعش الاقتصاد وتوقف العطالة. كما سيكون أمامه تحدي إعادة اللحمة الاجتماعية للمجتمع الفرنسي التي مزقتها السياسية اليمينة سواء مع الرئيس الخاسر نيكولا لساركوزي أو خطابات أنصار اليمين المتطرف الذي زحف على المشهد السياسي الفرنسي بقوة أكبر. على الصعيد الأوروبي فوزه سيحدث شرحا في الهيمنة المطلقة لليمين السياسي الأوروبي المتحكم في القرارات الكبرى للمجموعة ، وتتطلع دول أوروبية مثل اليونان وإسبانيا وإيطاليا والبرتغال إلى ان يحمل وصول هولند إلى الإليزيه مؤشرات وجهة جديدة في السياسة المتبعة لمواجهة الازمة الاقتصادية تخفف من هيمنة البنك المركزي الأوروبي والتي تحرسها وتطبقها أنجيلا ميركل وحليفها الفرنسي المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي. في مناسبات عدة، أعرب هولند عن موقفه من عد من القضايا العربية مثل أحداث سوريا حيث ناشد الصين وروسيا بالعدول عن موقفهما بدعم النظام السوري، ودعا إلى حماية المواطنين السوريين الذين يتعرضون لقمع النظام، ويوافق على مشاركة فرنسا في أي تدخل عسكري في سوريا متى كان في إطار من الشرعية الدولية. وبخصوص القضية الفلسطينية فإن هولند يدعم قيام دولة فلسطينية مستقلة، ويبدي التزام بلاده في حال فوزه بالرئاسة الفرنسية بالمساهمة بتقديم مبادرات من أجل إيجاد حل القضية. وبخصوص الملف النووي الإيراني فإنه يعارض امتلاك إيران للسلاح النووي ولكن لم يبد أي تهديد بضرب إيران.