ما زال "الدواعش" يبدعون الزلات، ويقترفون الجرائم النكراء، ويتنافسون في كل أنواع الرذائل والفواحش.. فبعد إحراق البشر أحياء، وذبْح الأسرى ذبح الشاة، ونبْش قبور الصحابة الكرام، وهدْم الأضرحة إلى جانب النية في تحريف القرآن الكريم، وهدْم الكعبة المشرّفة، وإكراه المرأة على الزنى بدعوى "جهاد النكاح"، وبيع بترول الأمة وخيراتها بأبخس الأثمان، وحرْق الكتب العلمية والأدبية النادرة إسوة بهتلر ولينين، واستقطاب الشباب العاطل بأكذوبة الشغل للجميع، إلى جانب "حور العين" في الآخرة للقتلة والإرهابيين، قامت "داعش" الأسبوع الماضي باستهداف أضرحة السنة في مدينة "تكريت" العراقية، حيث فجّرت "مرقد الأربعين" الذي يضم رفاة 40 من جنود "عمر" رضي الله عنه، خلال الفتح الإسلامي لما بين النهرين؛ وهو ما سبق أن قام به "الخوارج" طيلة قرون بعد الفتنة الكبرى.. ومثل النازية البغيضة التي أجرت الدماء أنهارا، وانتشت بذلك، وافتخرت، فتحول الناس عنها ولعنوها وانخرطوا في محاربتها، كذلك فعلت "داعش" وهي تصوّر جرائمها وتنشرها عبر العالم لبلادتها ولعل الله سبحانه وتعالى هو الذي أملى لها، حتى يعرف الناس حقيقتها: "ولا يحسبنّ الذين ظلموا أن ما نملي لهم خير لأنفسهم، وإنما نملي لهم ليزدادوا إثما.." صدق الله العظيم. ها هو الفنان الإرهابي الذي كان يتهدد ويتوعّد، ويزبد ويرغي، ويتلفظ بأحاديث كاذبة، وروايات مفبركة، يصحو فجأة من غفلته، ويثوب بعد ردته، ويتراجع بعد زلته، وأعني به المغني الإرهابي "فضل شاكر"، وقد تخلى عن لحيته، وما عاد يثوق لحور العين في "جنته" التي وعدوه بها إثر عثرته لبلاهته.. قال قائل: وهل من الممكن أن يستحيل الفنان إرهابيا؟ فقيل له: نعم؛ فهتلر نفسه كان فنانا وديعا فصار مجنونا فظيعا؛ أفي ذلك ما يثير الاستغراب؟ الجواب: كلاّ! فمن ذا الذي ستطاوعه نفسه لمشاهدة فنان إرهابي وهو يغني مجددا على المنصة؟ من ذا الذي سيصفق له، وقد أصاب أيدي الناس الشلل التام وهم يسمعون فنان الردة يثني على الإرهابيين، ويغنّي لهم ألذّ الأشعار، ويعلي من شأنهم، ويزكّي دمويتهم؟ سأل سائل: هل كان يوما للخوارج الفسقة شاعر يمدحهم ويثني عليهم عبر قصائده الدموية؟ الجواب: نعم! لقد كان للخوارج الفسقة شعراء من أمثال "الطِّرِمَّاح، وعمران بن حِطَّان" وهو الذي أنشد ممتدحا "ابن ملجم" قاتل "عليٍّ" كرّم الله وجهه: يَا ضربةً من تقيّ ما أراد بها * إلا ليبلغ من ذي العرشِ رضوانًا وإني لأذكره حينًا فأحسبه * أوفى البرية عند الله ميزانًا ففضل شاكر لا يؤمن جانبه، فمن الممكن أن يفجّر المنصّة بعد الحفل؛ ومن يدري!؟ لكن المثير أكثر للاهتمام، هو اعتناق شقيق "أبوبكر البغدادي" المسيحية، وإعلانه ذلك نهارا جهارا، وتبرؤه من أخيه ومن "داعش" مرة واحدة وإلى الأبد أمام وسائل الإعلام، وأمام كاميرات القنوات الفضائية، وبذلك تكون "داعش" قد حققت بعض أهدافها والمتمثلة في ضرب الإسلام، وتبغيض الناس في هذه العقيدة السمحاء، مما جعل أعداء الدين يقولون إن تنظيم "داعش" يمثل الإسلام الحقيقي وحاشا ذلك، وخاصة بعد رجم امرأة اتُّهمت بالزنى ظلما، وكان مخّها يتدلى على صَدْغيها بفعل الحجارة، فثبت في ما بعد أن المرأة أرملة، وغُضّ الطرف عن الزاني، لأنه من "داعش".. هل حدث مثل هذا في التاريخ إذ رُجمت امرأةٌ خطأً؟ الجواب: نعم! لقد حدث، اُنظر "موَطّأ" الإمام مالك، (باب الحدود) إن كنتَ لا تصدق.. فتنظيم "داعش" يحيي أسوأ ما في التاريخ، وينسبه للإسلام الحنيف، لضرب الدين بالدين عن طريق الأحاديث المكذوبة، والروايات الموضوعة، والفتاوى الفظيعة.. لكن بدأ نجمها يأفل، وصار الناس منها يملّون، فما نجح مشروعها ولا اكتمل، ثم "أتى أمر الله فلا تستعجلوه" صدق الله العظيم.