ما إن يعلن البرلمان انتهاء الدورة التشريعية حتى يغادر البرلمانيون، نواب ومستشارون من غير رجعة. الذي يجمع البرلماني بالقبة هو الصورة والتلفيزيون. اللجن يٌسمع فيها نعيب البوم. انتهت الدورة وجمع النواب والمستشارون حقائبهم ولكل وجهة هو موليها. رئيس مجلس النواب شد الرحال إلى دول "مجهرية" قصد ممارسة الديبلوماسية البرلمانية. النواب تفرقوا عبر دول العالم. هل هي استجابة لنداء تفعيل الديبلوماسية البرلمانية أم هي الرغبة في الاستجمام على حساب المال العام؟ البرلمان فارغ وجدرانه تردد صوت الموظفين وحدهم. الحكومة تقدمت بمجموعة من مشاريع القوانين، التي من المفروض أن تكون جاهزة في الدورة المقبلة. حزمة التشريع غليظة والوثيرة تشبه سير السلحفاة. انتهاء الدورة التشريعية لا يعني عطلة البرلمانيين. التعويضات التي يحصل عليها ممثل الشعب مهمة. يحصل عليها مقابل الأشغال التي يقوم بها. التعويض هو مقابل لممارسة الرقابة على عمل الحكومة وللمساهمة في التشريع. يعني تعويض عن عمل وليس تعويض عن تمثيل شبحي. استغربت لما علمت أن البرلماني الأوروبي (يعني العضو في البرلمان الأوروبي) يحصل على تعويض قدره 7 آلاف يورو، وتتكلف المؤسسة بالنقل عبر الطائرة والسكن في الفندق والأكل وكل شيء بما يعني أن كل برلماني قد يكلف إلى 35 ألف يورو. فالمبلغ كثير نسبيا. لكن المرافق اليوناني، الذي كان يشرح العملية أظهر لي أن أتعس شغل هو أن تكون برلماني أوروبي. فهو مطالب بالاشتغال من صبيحة الاثنين إلى مساء الجمعة. والغياب محسوب والاقتطاعات جاري بها العمل ولا تتوقف. والغياب ينبغي تبريره. والإنتاج التشريعي يشكل تراكما ملحوظا. والتشريع صاعد من البرلمان ونازل من المفوضية الأوروبية في تكامل. لهذا نقول "في صحة" البرلماني الأوروبي أما المغربي فإنه في الغالب يأكل السحت. المال الذي يحصل عليه محدد مقابل الشغل الذي يقوم به. والشغل الأساسي يتم عبر اللجن. باعتبار أن كل القوانين تمر من هذا المسلك. وكم من قانون مهم صوت عليه نفر لا يتجاوز أصابع اليد. لماذا لا يشتغل البرلمانيون بين الدورتين على التشريع بينما تبقى الدورة مخصصة لمراقبة العمل الحكومي والمصادقة على مشاريع القوانين، دون الحديث عن مقترحات القوانين التي تكاد تكون منعدمة. يخطئ كثيرون عندما يحددون دور البرلمان في مراقبة العمل الحكومي عبر الأسئلة الشفوية. فالرقابة تتم عبر مسلكيات كثيرة ومنها أيضا الأسئلة الكتابية ولجان تقصي الحقائق. وليست الرقابة وحدها هي هدف البرلمان. هذا الأخير يحمل صفة المؤسسة التشريعية. وبالتالي فإن دور التشريع مهم حتى يستحق الصفة. وليس عيبا تجوال البرلمانيين عبر العالم، لكن ليس على حساب التشريع وتراكم مشاريع القوانين، وأن يكون ذلك مشروطا بنتائج لفائدة المغرب. "اللي يبغا يروح على راسو يحك جيبو".