لم يمر وقت طويل على القرار الملكي بالتعامل مع إشكالية الهجرة والمهاجرين المتدفقين على المغرب بطريقة إنسانية وشمولية، وذلك طبقا لما ينص عليه الدستور من مبادئ عدم التمييز ، وحق اللجوء ، والمساواة في الحقوق بين المواطنين المغاربة والأجانب ، مع مراعاة مقتضيات القانون الدولي ،ليتم تنزيل هذه القرار إلى أرض الواقع من خلال إخراج الدفعة الأولى من بطاقة اللاجئ . وكان جلالة الملك محمد السادس قد توصل بتقرير حول وضعية المهاجرين واللاجئين رفعه إليه المجلس الوطني لحقوق الإنسان. بالفعل ، تمت بالرباط عملية منح الدفعة الأولى لبطاقة اللاجئ التي شملت 524 من الذين المهاجرين . وقد جرت العملية بمكتب اللاجئين التابع لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون بحضور السيدة أربولا أبوبكر ، الممثلة المعتمدة للمفوضية العليا للأمم المتحدة للاجئين بالمغرب ، والسيدة ماشتيلت دوفرييس، المكلفة بحماية الأجانب في مكتب اللاجئين بالمملكة ، إلى جانب ممثلين عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، وأعضاء اللجنة المكلفة بفحص الطلبات. وقد جاءت هذه العملية تنفيذا للتعليمات الملكية المحددة في هذا الصدد، وتتويجا لأشغال اللجنة المكلفة بالفحص التي جرت من 25 شتنبر إلى 21 نونبر من الشهر الجارين بالبت في 532 حالة ، وتوصية بمنح صفة اللاجئ ل524 ممن تقدموا بطلبات في الموضوع. وكانت وزارات الداخلية، والشؤون الخارجية والتعاون ، والعدل والحريات، أوضحت في بلاغ مشترك لها أن التوجيهات الملكية تشكل بالفعل رؤية جديدة للسياسة الوطنية في مجال الهجرة ،مؤكدا ان هذه الرؤية تأخذ بعين الاعتبار التحولات الكبرى التي تعرفها ظاهرة الهجرة على الصعيدين الإقليمي والدولي ن والوقائع الطارئة على الصعيد الوطني التي لها علاقة بالمهاجرين واللاجئين، حيث فرضت واقعا جديدا جعل المغرب يتحول من بلد مصدر للهجرة أو بلد العبور إلى بلد مستقبل للمهاجرين. وقد جاءت هذه الرؤية لتضفي لمسة جديدة على السياسة الخاصة بإفريقيا التي أطلقها المغرب ، والتي تؤكد توجهه كأرض للاستقبال ،وعلاقاته المتميزة العريقة مع القارة السمراء. وفي الواقع، فإن الأمر يتعلق بسياسة جديدة في مجال الهجرة ستتجسد في برنامج عمل يرتكز على عدة محاور كما جاء في تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، على أن يتم تنفيذها وفق مقاربة تشاركية مع مختلف الفاعلين المعنيين. تجدر الإشارة إلى أن تقديرات وزارة الداخلية تشير إلى أن عدد المهاجرين واللاجئين يتراوح ما بين 25 و40 ألف شخص، معظمهم من دول إفريقيا جنوب الصحراء، فضلوا الاستقرار في المغرب بعد عدم تمكنهم من العبور إلى أوربا.