قالت هيومن رايتس ووتش إن علي السلطات الجزائرية وضع حد للقيود التي تفرضها على جهود النقابات المستقلة لتنظيم احتجاجات سلمية وإضرابات عمالية والمشاركة فيها. قامت السلطات بمنع المظاهرات، واعتقال نقابيين بشكل تعسفي، وحاكمت بعضهم بتهم جنائية، ويبدو أن الدافع الأساسي وراء ذلك هو معاقبتهم على أنشطتهم النقابية. وعلى سبيل المثال، في 29شتنبر قامت قوات الامن بفض مظاهرة امام مقر الحكومة بالعاصمة التي نظمتها اللجنة الوطنية لمتعاقدي ما قبل التشغيلواعتقلت 20 شخصا قبل اخلاء سبيلهم في نفس . قال جو ستورك، القائم بأعمال المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، "تزعم الجزائر أنها سائرة في طريق الإصلاح السياسي، ولكنها أحيانًا تحيد عن ذلك وتهدد النقابات المستقلة التي تسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وظروف عمل أفضل. ويجب أن لا يتعرض العمال إلى خطر الطرد أو السجن بسبب المشاركة في أنشطة نقابية سلمية". قالت هيومن رايتس ووتش إن ذلك نتج عنه مناخ من الترهيب والخوف حال دون تكوين نقابات مستقلة تنشط جنبًا إلى جنب مع النقابات التي تدعمها الدولة. أجرت هيومن رايتس ووتش لقاءات مع 20 ناشطانقابيا حول التكتيكات التي تستخدمها السلطات لضرب الأنشطة النقابية خلال الإضرابات والاحتجاجات السلمية، والتجمعات في الأماكن المغلقة. وقامت السلطات بطرد عمال في القطاع العام بعد مشاركتهم في احتجاجات سلمية، وسجنت زعماء نقابيين بتهم ذات دوافع سياسية. وفي 25 أبريل 2013، بعثت هيومن رايتس ووتش برسالة إلى وزيري العدل والداخلية الجزائريين والتمست منهما معلومات حول حوادث وحالات معينة يبدو أن السلطات قامت فيها بانتهاك حق النقابيين والعمال في ممارسة أنشطة نقابية سلمية. ورغم مرور حوالي خمسة أشهر، لم يقدم الوزيران أي ردّ على ذلك. مناورات إدارية لمنع النقابات المستقلة من الحصول على وضع قانوني تمارس السلطات الجزائرية مناورات إدارية لمنع النقابات المستقلة من الحصول على وضع قانوني. وينصّ القانون الجديد المنظم للنقابات على أن تقوم هذه المنظمات فقط بإعلام السلطات بأنها تأسست، ولا تحتاج إلى الحصول على ترخيص في ذلك، ولكن السلطات أحيانًا ترفض تقديم وصولات تثبت أنه تم إعلامها. وعلى سبيل المثال، قامت نقابة أساتذة التعليم العالي المتضامنين بتقديم وثائقها في 9 يناير 2012، ولكنها لم تتحصل في ذلك الوقت وإلى الآن على أي ردّ من الحكومة، وهو ما يعني أنها لا تستطيع العمل بشكل قانوني. كما قامت النقابة الوطنية المستقلة لعمال البريد بإعلام السلطات في ثلاث مناسبات: في 2 يوليوز 2012، و13 شتننبر2012، و3 مارس 2013، ولكن السلطات لم تقدم لها أي وصل استلام، ولذلك فهي مازالت لا تملك صيغة قانونية. وتضمن اتفاقيات منظمة العمل الدولية، والجزائر طرف فيها، الحق في حرية تكوين الجمعيات والمفاوضة الجماعية والإضراب. وللجزائر أيضًا التزامات تجاه الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكلاهما يحمي الحق في حرية تكوين الجمعيات والتجمع، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي يكفل حقوقًا محددة تتعلق بحرية تكوين الجمعيات والانتماء إلى نقابات. وتنص المادة 2 من اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 على الحق في حرية تكوين الجمعيات، وحماية الحق في التنظم، وعلى حق العمال وأصحاب الأعمال، دون تمييز، في تأسيس منظمات يختارونها، والانخراط فيها، في إطار القوانين المتعلقة بتكوين المنظمات، ودون الحصول على ترخيص مسبق لذلك. قال جو ستورك: "لقد لعبت أكبر منظمة نقابية في الجزائر، الاتحاد العام للعمال الجزائريين، دورًا يُفتخر به في استقلال الجزائر منذ قرابة نصف قرن، ولقد حان الوقت كي تسمح الجزائر ببروز نقابات أخرى أيضًا". ومنذ استقلال الجزائر عن فرنسا في 1962 وإلى غاية التسعينات، لم يكن يوجد فيها سوى نقابة عمالية واحدة، هي الاتحاد العام للعمال الجزائريين. ويقول المؤرخون إنه لعب دورا أساسيًا في حرب التحرير الجزائرية بين 1954 و1962. وفي أعقاب أعمال الشغب الواسعة والاحتجاجات التي هزّت الحكومة في أكتوبر 1988، اعتمدت الجزائر دستورًا جديدًا فتح الباب أمام تشريعات أنهت سيطرة جبهة التحرير الوطني الحاكمة على الحياة السياسية، ووسائل الإعلام، والمنظمات العمالية، وسمحت بقدر أكبر من حرية التعبير، والتجمع، وتكوين الجمعيات. وفي 2 يونيو 1990، تبنت الجزائر القانون رقم 9014 الذي سمح بتكوين نقابات مستقلة. وتم إنشاء عديد النقابات المستقلة في القطاع العام، مثل النقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية، والنقابة الوطنية المستقلة لعمال التربية والتكوين. وينص القانون رقم 9014 على أن تقوم النقابات الجديدة بالتسجيل عبر إرسال تصريح إلى السلطات تعلمهم فيها بتأسيسها. ويجب أن يشمل الإعلان قائمة بأسماء الأعضاء المؤسسين، وأعضاء الهيئة الإدارية، وتوقيعاتهم، وصفاتهم الشخصية، ووظائفهم، وعناوينهم، ونسختان طبق الأصل من القانون الداخلي للنقابة ومن محضر الجمعية التأسيسية. وينصّ القانون على أن يقدم الوالي أو وزير العمل وصل تسجيل يعترف بتأسيس النقابة في أجل لا تجاوز 30 يومًا. قيود على تأسيس النقابات رفضت السلطات في عديد الأحيان تقديم الوصل، وهو ما يحرم النقابة من الحصول على اعتراف قانوني ومن العمل بشكل قانوني. وبالإضافة إلى النقابات التي حاولت التسجيل في الفترة الماضية، ولم تتحصل على أي ردّ، قدّمت النقابة الوطنية لعمال التكوين المهني وثائقها التأسيسية في 2002 ولم تحصل على إجابة إلا في 2011 بعد أن قدمت لجنة منظمة العمل الدولية الخاصة بحرية تكوين الجمعيات طلب استفسار حول الموضوع الى السلطات الجزائرية. عراقيل أمام تكوين الاتحادات والكنفديراليات تنص المادة 2 من القانون رقم 9014 على حق العمال والمستخدمين الذين ينتمون إلى المهنة الواحدة أو الفرع الواحد أو قطاع النشاط الواحد في تكوين منظمات نقابية. ولكن السلطات أولت هذا الحكم القانوني على أنه يمنع تكوين كنفديراليات واتحادات تجمع عمالا من قطاعات مختلفة. واستخدمت السلطات هذا التأويل لمنع النقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية من تكوين النقابة الوطنية المستقلة للعمال الجزائريين في 2001. وفي موقف نُشر في 17 أكتوبر 2001، قالت منظمة العمل الدولية إنه لا يجب تأويل القانون الجزائري بطريقة تمنع تكوين اتحادات وكنفديراليات، ودعت السلطات الجزائرية إلى الكف عن فرض قيود وعراقيل على إنشائها. أحيانًا تقول السلطات إن النظام الأساسي للنقابات لا يتطابق مع القانون. وقالت نقابة أساتذة التعليم العالي إن الحكومة ردّت على مطلب تقدمت به في يناير/كانون الثاني 2012 بأن "دراسة النظام الأساسي تبرز أنه لا يتناسب مع الأحكام الواردة في القانون رقم 9014 المؤرخ في 2 يونيو/حزيران 1990"، دون تقديم أي معطيات أخرى. وقال قدور شويشة، المنسق الوطني لنقابة أساتذة التعليم العالي إن ممثلي وزارة العمل طلبوا من ممثلي النقابة، أثناء الاجتماعات مع وزارة العمل، تغيير النظام الأساسي. وقامت النقابة بذلك، وأعادت تقديم طلبها، ولكن دون جدوى. كما حصلت النقابة الوطنية المستقلة لعمال مجمع سونلغاز (الشركة الوطنية للكهرباء والغاز)، التي قدمت وثائقها التأسيسية في 14 يونيو/حزيران 2012 على نفس الردّ، دون أي توضيحات أخرى. وقدمت المنظمتان شكوى لدى لجنة منظمة العمل الدولية الخاصة بحرية تكوين الجمعيات. وخلصت اللجنة إلى ما يلي: "بصفة عامة، وبالنظر إلى أنه تم تقديم مطالب التسجيل منذ أكثر من سنة في إحدى الحالات، فان اللجنة تعبر عن قلقها تجاه التأخير المطول الحاصل في تسجيل النقابات وانتهاك حق العمال في تكوين منظمات من اختيارهم". وأوصت اللجنة السلطات الجزائرية بالإسراع في تسجيل هذه النقابات، ولكن هذه الأخيرة مازالت لم تحصل على وصولات من الحكومة التي ما فتئت تطالبها بتغيير قوانينها الداخلية. التدخل التعسفي في أنشطة النقابات في 20 فبراير 2013، قامت السلطات باعتقال وترحيل عشرة أعضاء غير جزائريين في منظمات للعاطلين عن العمل في بلدان المغرب العربي كانوا قد سافروا إلى الجزائر العاصمة لحضور المنتدى المغاربي الأول لمكافحة البطالة والعمل الهش الذي كان سينعقد في 20 و21 فبراير/شباط في دار النقابات في منطقة باب الزوار في الجزائر العاصمة. وتم احتجازهم جميعًا في مركز شرطة باب الزوار، ثم تم اقتيادهم إلى المطار، ورُحّل خمسة تونسيين وثلاثة موريتانيين في نفس ، ومغربيين اثنين في التالي. وقال رشيد ملاوي، رئيس نقابة الإدارة العمومية، ل هيومن رايتس ووتش إن الشرطة قامت في الصباح الباكر من يوم 20 فبراير/شباط بمحاصرة دار النقابات وأغلقت الطريق المؤدية إلى قاعة الاجتماعات. وقامت الشرطة باعتقال مراد تشيكو، عن نقابة الإدارة العمومية، وعبد القادر خربة، عن اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق المعطلين، التابعة إلى النقابة، واحتجزتهم حتى المساء، ثم أطلقت سراحهم دون أن توجه إليهم أي تهم. وكانت السلطات قد أغلقت في 2009 المقر الرئيسي لنقابة سابقة للإدارة العمومية. وكانت هذه النقابة قد اكترت بناية في منطقة باش جراح في الجزائر العاصمة من أحد المواطنين، وجعلتها على ذمة التظاهرات التي تنظمها المنظمات، فأصبحت بمثابة مركز لأنشطة المجتمع المدني في الجزائر العاصمة. وجاء قرار إغلاق هذا المبنى على الفور قبل أن تنظم فيه النقابة المنتدى النقابي المغاربي في 14 و15 ماي 2009. وقال نصّ القرار الذي يحمل توقيع قائد الأمن في ولاية الجزائر إن أسباب الغلق هي: عقد تجمعات واجتماعات عامة دون الحصول على تراخيص مسبقة، دعوة أجانب للمشاركة في تجمعات دون الحصول على التراخيص اللازمة من السلطات المعنية، تحويل المكان إلى مكان التقاء بين الشباب والشابات من مختلف أنحاء البلاد، والمسّ بالنظام العام من طرف الأشخاص المتواجدين في المكان. مضايقة وتخويف زعماء النقابات قال أعضاء النقابات التي تعتبر نفسها مستقلة عن الاتحاد العام للعمال الجزائريين ل هيومن رايتس ووتش إن السلطات مارست عليهم مضايقات قضائية واعتقالات تعسفية بسبب أنشطتهم النقابية السلمية ومظاهراتهم المطالبة بحقوق العمال. وأكدت لجنة منظمة العمل الدولية بشأن حرية تكوين الجمعيات، التي تدرس الشكاوى المتعلقة بانتهاك حرية تكوين الجمعيات، في إحدى القضايا السابقة إن الحق في الإضراب "حق يتمتع به العمال ومنظماتهم (النقابات، والاتحادات، والكنفديراليات)"، وإن أي قيود على هذا الحق " يجب أن لا تكون مبالغًا فيها"، وإن "لا ينتج عن الممارسة المشروعة لحق الإضراب أي عقوبات قضائية، مهما كان نوعها، لأن ذلك يعني وجود أعمال تمييز قائم على مناهضة النقابات". وقال العديد من النشطاء النقابيين ل هيومن رايتس ووتش إنهم واجهوا عقوبات بسبب تنظيم إضرابات أو المشاركة فيها. كما قالو إنهم التزموا بالقوانين المتعلقة بالخطوات التي يجب إتباعها قبل الدعوة إلى الإضراب. ومن بين هذه الخطوات استنفاذ آليات الوساطة كما تنص على ذلك المادة 24 من قانون النقابات، وإعلام صاحب العمل قبل الإضراب بثمانية أيام، والتأكد من توفير الحد الأدنى من مواصلة الخدمة أثناء الإضراب. وتمنع المادة 33 من القانون فرض عقوبات على العمال المشاركين في إضراب قانوني. وتحدث مراد تشيكو، عن نقابة الإدارة العمومية، عن التخويف والمضايقة القضائية التي مورست ضدّه منذ بداية 2004. وينتمي مراد تشيكو، الذي يعيش في الجزائر العاصمة، إلى المكتب الوطني للنقابة، وهو نائب الرئيس السابق للنقابة الوطنية لأعوان الحماية المدنية. وفي 18 ديسمبر/كانون الأول 2004، نظم مراد تشيكو وشارك في اعتصام أمام الإدارة الوطنية للحماية المدنية في الجزائر العاصمة للمطالبة بفتح تحقيق في الفساد في هذه الإدارة ولتحسين ظروف العمل، فقامت الإدارة بفصله عن العمل في نفس . وفي 12 فبراير 2005، أمرت لجنة تأديبية بإعادة تعيينه في الحماية المدنية في مدينة أخرى خارج ولاية الجزائر بسبب مشاركته في الاعتصام. وقال مراد تشيكو إن محكمة بئر مراد رايس في الجزائر العاصمة وجهت له في أبريل/نيسان 2005 تهم "عرقلة خدمات إدارة عمومية"، و"تنظيم تجمع غير مسموح به". ومنذ ذلك التاريخ، تم تعليق عمله دون إصدار حكم في القضية. كما قال إن السلطات قامت بمنعه من الإطلاع على ملفه القضائي. بعد ثماني سنوات، قضت محكمة بئرمراد رايس في 10 أكتوبر 2012 بعد سماع الدعوي ضده. وقد قام تشيكو منذ ذلك التاريخ بمحاولات عديدة للرجوع الي عمله وارسل للادارة التي كان يعمل بها بالحكم القضائي الذي يبرأه ولكنه لا يزال معزول عن عمله. قال مراد غدية، رئيس الفدرالية الوطنية لعمال قطاع العدالة، إن الفدرالية لما قررت تنفيذ إضراب في أبريل 2012 للمطالبة بتحسين ظروف عمل أعوان القضاء، فرضت الإدارة على الزعماء النقابيين قيود مختلفة ومارست عليهم التضييق والتخويف. كما قال إن الفدرالية التزمت بالتشريعات المتعلقة بالإضراب، وأرسلت إلى السلطات إعلاما في 31 مارس 2012 حول إضراب ينطلق في 10 أبريل. وقال مراد غدية إن الإدارة اتخذت بعض الإجراءات الانتقامية ضدّ المضربين، فقد عاقبت 17 موظفًا قضائيًا شاركوا في الإضراب بسبب "التقصير في أداء الواجب" و"عدم الاجتهاد في العمل"، وأعادت تعيينهم في محاكم أخرى بعيدة عن محل سكناهم. ومباشرة بعد الإضراب، بحسب مراد غدية، قامت السلطات بطرد 57 موظفًا قضائيًا، ومنهم ستة من المكتب التنفيذي للفيدرالية، في تجاوز واضح للآليات الاعتيادية في إجراءات الفصل من العمل لأسباب تأديبية. كما قال إنهم لا يستطيعون استئناف قرار الطرد لأنهم لم يحصلوا على أي إعلام رسمي بذلك، ولا يستطيعون العودة إلى العمل لأنهم ممنعون من القيام بذلك. كان سعد بوركبة، عضو الفدرالية الوطنية لعمل قطاع العدالة، واحدا من قيادات إضراب أبريل 2012 في سطيف. وكان يعمل تقني معلومات في المحكمة الابتدائية في نفس المدينة. وفي 1 يوليو 2012، استلم سعد بوركبة استدعاء من قاضي التحقيق في محكمة سطيف يُعلمه فيه بأنه متهم بتعطيل شبكة الانترنت في المحكمة التي يعمل فيها. كما أعلمه القاضي أنه وضعه تحت المراقبة القضائية وأنه يتعين عليه التوقيع في مركز الشرطة ثلاث مرات في الأسبوع. وفي 16 أكتوبر ، قال القاضي ل سعد بوركبة إنه يواجه تُهمة التحيل في الوصول إلى نظام المعالجة الآلية للبيانات عملا بالفصل 39 مكرر من قانون العقوبات. ولكنه أنكر التهمة وقال إن الدافع الحقيقي من وراء ذلك هو معاقبته بسبب أنشطته النقابية. ومنذ 1 يوليوز2012، تم تعليق سعد بوركبة عن العمل دون أن يُصرف له مرتبه. وفي 17 يونيو صدر في حقه حكم بالسجن لمدة سنة واحدة، تم تعليق عشرة أشهر منها. تعرض ياسين زايد، ناشط حقوقي ونقابي، إلى التخويف والمضايقة منذ أن أصبح يُشارك في أنشطة النقابات المستقلة، بما في ذلك نقابة الإدارة العمومية. وقال ياسين زايد إنه كان في 2 أكتوبر على متن حافلة في اتجاه ورغلة لمقابلة عمال في شركات نفطية، فقامات الشرطة بتوقيفها في نقطة تفتيش تبعد 20 كيلومترا عن المدينة للتثبت من وثائق المسافرين. وقال ياسين زايد إن الشرطة أنزلته من الحافلة واقتادته إلى مركز للشرطة، وهناك قام الأعوان بصفعه على الوجه عديد المرات، وتم اعتقاله بشكل مؤقت لمدة أسبوع. وفي 8 أكتوبر 2012، مثل أمام القاضي في المحكمة الابتدائية في ورغلة بتهم الاعتداء على عون شرطة وإهانته عملا بالمواد 144 و148 من قانون العقوبات، وقضت بسجنه لمدة ستة أشهر مع تأجيل التنفيذ. وقام ياسين زايد باستئناف الحكم في 16 أكتوبر ، وهو الآن في انتظار محاكمة الاستئناف. وقال أمين سيدهم، محامي ياسين زايد، إن أحد الشهود على استجواب موكله قال له إن ثلاثة عناصر من الشرطة قاموا بالتحقيق معه لمدة ساعتين، وقاموا بضربه على وجهه ورقبته وهو مغلول اليدين. وقال ياسين زايد إنه رفع شكوى بعد أن تم إطلاق سراحه لدى المدعي العام في المحكمة الابتدائية في ورقلة بسبب سوء المعاملة، ولكن مكتب المدعي العام لم يفتح أي تحقيق ضدّ أعوان الشرطة. وفي واحدة من الأمثلة الحديثة عن المضايقة التي يلقاها الزعماء النقابيون، صدر في 6 مايو حكم بالسجن لمدة شهرين وغرامة مالية قدرها 20 ألف دينار (حوالي 250 دولار أمريكي) في حق عبد القادر خربة، عضو اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق المعطلين. وقامت محكمة الاستئناف في المدية، التي تبعد حوالي 80 كيلومتر جنوب غرب الجزائر العاصمة، بإدانة عبد القادر خربة عملا بالقانون رقم 1206 المتعلق بتكوين الجمعيات، والذي دخل حيّز التنفيذ في يناير 2012. وتفرض المادة 46 من هذا القانون على أعضاء الجمعيات غير المسجلة عقوبات بالسجن تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر. وكان قد صدر في حق عبد القادر خربة في الماضي عقوبة بالسجن لمدة سنة واحدة مع تأجيل التنفيذ بتهم "التحريض المباشر على تجمع غير مسلح"، و"التدخل في عمل إحدى المؤسسات" لأنه قام بتصوير اعتصام موظفي المحاكم الذين كانوا يشنون إضرابا لمدة عشرة أيام للمطالبة بتحسين ظروف عمل أعوان المحاكمة. موجة إضرابات اجتماعية وعمالية تشهد الجزائر في الأسابيع الأخيرة موجة إضرابات اجتماعية وعمالية على خلفية مشاكل ومطالب مهنية، تأتي قبيل أشهر قليلة عن موعد الاستحقاق الانتخابي الرئاسي في أبريل المقبل. وأضرب الثلاثاء أساتذة التعليم في المدارس والثانويات، استجابة لنداء وجهته نقابة مستقلة، احتجاجاً على محاولة السلطات تقييد الحريات النقابية وملاحقة نقابيين وإحالتهم إلى العدالة. واعتصم كوادر وقيادات في النقابات المستقلة، الأربعاء، أمام وزارة التربية في العاصمة الجزائرية، وقابلتهم قوات الأمن بالعنف، واعتقلت عدداً منهم، كما منعت الصحافيين من تصوير الوقفة. وقال العربي نواري، الأمين العام ل"مجلس أساتذة الثانويات"، وهي نقابة مستقلة، إن الإضراب والاعتصام الذي نظمته النقابة تحذير موجه إلى السلطات بعدم تكرار حالات ملاحقة القضائية للنقابيين وفصل عدد منهم عن العمل في بعض الولايات. وفي سياق آخر، شل الأربعاء عمال المؤسسة الحكومية للنقل حركة النقل العام في العاصمة الجزائرية وأعلنوا عن إضراب بسبب مشاكل مهنية وتأخر تلقي أجورهم ورفض السلطات الاستجابة لمطالبهم. وفي 28 سبتمبر الماضي أعلنت التنسيقية الوطنية للشباب العاطل عن العمل يوما للغضب الوطني، للمطالبة بحق العاطلين في مناصب شغل، خاصة في ولايات الجنوب النفطية. وقبل 10 أيام نفذ الأطباء وعمال قطاع الصحة إضرابا عاما، وشلوا المستشفيات والمراكز الصحية. وتنهي هذه الاحتجاجات فترة هدنة اجتماعية استفادت منها الحكومة منذ أشهر، وتأتي في خضم جدل سياسي كبير يحيط بالانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في أبريل المقبل. الظرف المناسب ويرى الناشط في منظمة مكافحة الفساد، محمد طيبي، أن هناك جملة من المطالب المهنية التي تتماطل السلطات في الاستجابة لها، تدفع النقابات إلى العودة في كل فترة إلى الإضراب. وأشار طيبي إلى أن "هناك شعورا لدى التنظيمات النقابية أن الظرف السياسي مناسب، قبيل أشهر عن موعد الانتخابات، لابتزاز السلطة والحكومة، التي تسعى إلى الدفع باتجاه تحقيق السلم الاجتماعي وتهدئة الأوضاع لتوفير ظروف جيدة لإجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة". وأضاف أن "النقابات تبتز النظام الضعيف الذي يعمل على إسكات كل من يضرب بالمزيد من التنازلات". وحذر طيبي من أن "تتطور المطالب الاجتماعية والمهنية، في حال عدم الاستجابة إليها، إلى حراك سياسي مع تزايد المخاطر الأمنية، خاصة أن لجنة الشباب العاطل عن العمل مصرة على العودة إلى الاحتجاج في وقت لاحق تحت شعارات سياسية". ولفت الناشط في هيئة مكافحة الفساد إلى أن "السلطة تصر على نهج الحل الأمني لقمع النقابات والإضرابات، لقد أوقفت التوظيف في كثير من القطاعات، ماعدا الجيش والشرطة".