اعتبر لمجلس الوطني للفيدرالية الديمقراطية للشغل التطبيق الفعلي والجيد لمضامين الدستور الجديد، معركة سياسية واجتماعية بامتياز. وأكد بيان للمجلس، في ختام أشغاله مساء السبت الماضي، أن هذا التطبيق هو مدخل لبناء ديمقراطية حقيقية ودولة المؤسسات». كما عبر المجلس الوطني عن قلقه الشديد إزاء التهميش الذي لقيه الملف الاجتماعي في البرنامج الحكومي. ودعا الحكومة إلى تدارك هذا الموقف، وإعطاء إجابات واضحة حول المطالب العمالية المضمنة في المذكرات المطلبية للفيدرالية الديمقراطية للشغل. وشدد بيان المجلس الوطني أيضا على ضرورة تدخلها وأرباب العمل لإرجاع العمال المطرودين، والحد من ظاهرة الطرد التعسفي لأسباب نقابية، وتنفيذ الأحكام القضائية لفائدة العمال، والاهتمام بالشؤون الاجتماعية. كما أكد في السياق ذاته على إصلاح نظام التعاضديات ودمقرطتها وحماية التعاضدية العامة للوظيفة العمومية من لوبيات الفساد المناهضة لخطوات الإصلاح التي يقودها المجلس الإداري الحالي. وبالموازاة أكد المجلس مصادقته على البرنامج النضالي والمطلبي والتنظيمي المرحلي للفيدرالية الديمقراطية للشغل، وأكد الاستعداد التام للمناضلات والمناضلين الفيدراليين على تنفيذه في مختلف المواقع العمالية، داعيا إلى تقوية المبادرات النضالية الوحدوية. كما أكد أيضا حرص الفيدرالية الديمقراطية للشغل على الدفاع عن الحريات النقابية، وحق ممارسة العمل النقابي داخل المعامل والمؤسسات طبقا لما تنص عليه مختلف المواثيق الدولية والقوانين الوطنية، وندد بكل الإجراءات الانتقامية والتعسفية التي تطال العمال والمأجورين والموظفين النقابيين. وفي هذا الإطار سجل البيان بقلق شديد، بروز ظواهر مؤلمة في بعض الحركات الاحتجاجية وخاصة في صفوف المعطلين، محملا المسؤولية فيها للسلطات الحكومية التي تتلاعب بهذا الملف وخاصة في جانب التوظيفات المباشرة التي لا تخلو من المحسوبية والزبونية والرشوة. وعبر المجلس الوطني مجددا عن مساندته للحركات الاجتماعية المطالبة بإسقاط الفساد، وأعلن تضامنه مع الفئات المستضعفة والمهمشة، ضحايا الفقر والأمية والاستغلال. كما ثمن المجلس الوطني عاليا كل الخطوات النضالية التي تخوضها النقابات القطاعية والاتحادات المحلية في مختلف جهات وأقاليم ومدن المغرب، دفاعا عن المطالب العمالية وعن الحريات النقابية وضد كل مظاهر التعسف وهضم الحقوق . وأكد البيان الموقف المبدئي للفيدرالية الديمقراطية للشغل في الدفاع عن الوحدة الترابية للمغرب، ومواجهة مناورات الخصوم في كل المحافل الدولية والجهوية والتجمعات العمالية العالمية. وقد استحضر البيان الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية المحيطة بانعقاد المجلس الوطني للفيدرالية الديمقراطية للشغل، والذي يشكل محطة أساسية في مسار الفعل النقابي الفيدرالي، حيث جسد وعي الفيدراليات والفيدراليين بمدى جسامة المهام المطروحة على الحركة النقابية المغربية، في مواجهة كل التحديات التي يعرفها المشهد النقابي المغربي وتعرفها الساحة الاجتماعية. قالت هيومن رايتس ووتش: «لقد نالت السلطات المغربية الإعجاب في الخارج للاستجابة الإيجابية للاحتجاجات في الشوارع والربيع العربي، إذ تعهدت بالإصلاحات، وتبنت دستوراً جديداً بعد طرحه للتصويت، وأجرت انتخابات مبكرة». وأضافت: «لكن عام 2012 سيكشف ما إذا كانت هذه التعهدات ستعني تحسنا حقيقيا في مجال حقوق الإنسان - وعلى وجه الخصوص، وضع حد للسجن بشكل غير عادل لمنتقدي الحكومة سلميا - أو ما إذا كانت وعودا فارغة». وذكرت «أنه ينبغي على الحكومة المغربية الجديدة إصلاح القوانين المحلية القمعية، وكبح العنف الذي تمارسه الشرطة، وتعزيز استقلال القضاء؛ إذا كانت تسعى إلى تحقيق وعود حقوق الإنسان الواردة في الدستور الجديد للبلاد. إن تقدما ملموسا في هذه المجالات سيُثبت صدق الإصلاحات التي أعلن عنها الملك محمد السادس استجابة لاحتجاجات في الشوارع في المغرب والاضطرابات الكبرى في أماكن أخرى في المنطقة خلال عام 2011». وأوضحت المنظمة الدولية أنه، خلال عام 2011، أن السلطات كبحت حق المغاربة في التجمع في الشوارع، وتسامحت في بعض الحالات مع الاحتجاجات المؤيدة للإصلاح التي بدأت في 20 فبراير ولكن فرقت في حالات أخرى المتظاهرين بعنف، مثل ما وقع في إحدى مظاهرات الدارالبيضاء». وبعد استعراض وجرد المنظمة لحالات من قبيل: (اعتداء قوات الأمن بالضرب على كمال عماري بمدينة أسفي وتسببها في وفاته، انفجار قنبلة داخل مقهى يرتاده السواح الأجانب في مدينة مراكش والأحكام الصادرة في حق المنفذين، إطلاق سراح المعتقلين الصحراويين: علي سالم تامك، وبراهيم دهان، وعلي أحمد ناصري، إعفاء جعفر حسون والتشطيب عليه من سلك القضاء، إدانة وسجن بطل الملاكمة زكريا مومني بتهمة الاحتيال، إطلاق سراح الكولونيل ماجور قدور ترزاز، إطلاق سراح المعتقلين السياسيين الخمسة)، بعد هذا الجرد قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم شمال الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: «في الحالات المشحونة سياسيا مثل كل الحالات الأخرى، ينبغي على القضاة أن يبنوا أحكامهم على الأدلة، والتحقيق في الادعاءات الخاصة بالاعترافات المنتزعة بطريقة غير سليمة، وفرض الاحتجاز السابق على المحاكمة فقط على سبيل الاستثناء، وليس كقاعدة». وأضافت: «يجب دعم الحقوق المكتوبة في الدستور بإصلاحات محددة تُبين كيف يتعين حماية حقوق المشتبه بهم، سواء في المعاملة من قبل المسؤولين أو خلال البت في قضاياهم». وأشار التقرير إلى حالة الزميل رشيد نيني الذي يقضي سنة في السجن بموجب أحكام القانون الجنائي التي تعاقب على «إهانة» موظفين عموميين، أو اتهام مسؤولين حكوميين بانتهاك القانون بدون تقديم دليل، وإهانة القضاء. وقالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي على المغرب إلغاء أو تعديل هذه القوانين إذا كان يُريد ضمان حرية التعبير المنصوص عليها في دستوره. وذكر التقرير الدولى أن مئات المتطرفين الإسلاميين المشتبه بهم، الذين اعتقلوا سواء في أعقاب تفجيرات الدارالبيضاء عام 2003 أو في السنوات التي تلتها، ما زالوا داخل السجون. وقد أدين العديد منهم في محاكمات جائرة بعد احتجازهم رهن الاعتقال السري وتعرضوا لسوء المعاملة والتعذيب في بعض الأحيان. وقالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي أن يُترجم الدستور الجديد، بوعده بسلطة قضائية مستقلة، إلى عملية مراجعة قضائية مستقلة لإداناتهم. وقالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي على السلطات المغربية ضمان الحق في التجمع - ليس فقط في بعض الأحيان بل على الدوام وبغض النظر عن الغرض من التجمعات. وينبغي على السلطات محاسبة رجال الشرطة بموجب القانون عند استخدامهم للقوة المفرطة في تفريق المتظاهرين. وقالت هيومن رايتس ووتش، إن الضمانات الدستورية لحرية تكوين الجمعيات تتطلب من الإدارة المغربية إنهاء أسلوب «خفة اليد» المستخدم لحرمان الجمعيات المستقلة من الاعتراف القانوني. وينفي المسؤولون في كثير من الأحيان رفضهم تسجيل الجمعيات برفضهم الاعتراف بأنهم تلقوا وثائق تأسيس المنظمات. وتشمل الجمعيات التي حُرمت من الوضع القانوني، العديد من الجمعيات الصحراوية ذات التوجه المؤيد للاستقلال، وجمعيات ثقافية أمازيغية (بربرية) وجمعيات خيرية تُعتبر مقربة من الحركة الإسلامية العدل والإحسان، من بين جمعيات أخرى. وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى أن التلفزيون المغربي يوفر مجالا محدودا للانتقاد المباشر للحكومة في القضايا الرئيسية، على الرغم من أنه يسمح ببعض التحقيقات وقدر من النقاش السياسي. وفي 26 مارس، نظم مئات الصحفيين الذين يعملون لصالح وسائل الإعلام التي تخضع لسيطرة الدولة، احتجاجات للمطالبة، من بين أمور أخرى، باستقلالية أكبر لخطها التحريري. يراقب صحفيو الدولة، مثلهم مثل جمهور المشاهدين، ما إذا كانت عملية الإصلاح التي بدأها الملك في عام 2011 ستُترجم إلى قرار بفتح موجات الأثير أمام برامج أكثر حيوية وانتقادية ومناقشات حول القضايا الرئيسية. وفي الوقت الذي لا تواجه فيه المنظمات الحقوقية المحلية والدولية صعوبات كثيرة أثناء عملها في المدن الكبيرة - يقول التقرير- يواجه النشطاء الذين يعملون بشكل فردي صعوبات كبيرة ويدفعون ثمن عملهم غاليًا. وقال التقرير إن التعديلات الكبيرة التي أدخلت على مدونة الأسرة المغربية سنة 2004 أفضى إلى رفع سن الزواج وتحسين حقوق المرأة في الطلاق وحضانة الأطفال. ولكن المدونة الجديدة حافظت على بعض الأحكام التمييزية المتعلقة بالميراث وحق الزوج في التنصل من زوجته بشكل أحادي. واعتبرت هيومن رايتس ووتش سحب تحفظات المغرب من من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، إشارة إلى التزام المغرب بالقضاء على التمييز بين الجنسين في الحقوق والمسؤوليات الزوجية، ويعكس قانون صدر عام 2007 منح الأمهات المغربيات نفس حقوق الآباء المغاربة في منح الجنسية المغربية للأطفال في حالة كون الزوج غير مغربي. وتوصلت المفوضية العليا للتخطيط، وهي هيكل حكومي يُعنى بجمع الإحصائيات، في دراستها الوطنية الأولى المتعلقة بالعنف ضد النساء، إلى أن 55 بالمائة من النساء المغربيات، اللاتي شملتهن الدراسة وتتراوح أعمارهن بين 18 و64 سنة، تعرضن للعنف المنزلي خلال 2009. كما أقرّت 15 بالمائة من هن بالتعرض للعنف الجسدي، و48 بالمائة للعنف المعنوي.