قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن التعديلات الدستورية التي تم إقرارها في استفتاء 1 يوليو/تموز 2011، يمكن أن تطور بشكل كبير حقوق المغاربة، ولكن فقط إذا استخدمت السلطات هذه المبادئ الدستورية الجديدة لإصلاح القوانين والممارسات القمعية. قالت هيومن رايتس ووتش، إن من بين الممارسات التي تحتاج إلى أن تتماشى مع الدستور هي طريقة تعامل الشرطة مع الاحتجاج السلمي. منذ يوم 20 فبراير حين بدأ المغاربة في التظاهر في الشوارع للمطالبة بإصلاحات سياسية كبيرة، مُتأثرين بحركات الاحتجاج التي اجتاحت العالم العربي، تعاملت الشرطة في عدة مناسبات بوحشية متطرفة مع هذه المظاهرات. فقد ضربوا المتظاهرين السلميين إلى درجة أن عشرات الحالات استدعت إسعافات طبية، مثل الغرز وعلاج الكسور. وتوفي واحد على الأقل في المستشفى بعد تعرضه للضرب، على الرغم من أن سبب الوفاة لا يزال غير واضحاً. وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "إن الاختبار الحقيقي لالتزام الحكومة المغربية بحقوق الإنسان هو في مدى احترامها لحقوق مواطنيها على مستوى الممارسة. "ليس كافيا اعتماد دستور يؤكد أنه 'لايجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص في أي ظرف‘، ثم السماح بعد ذلك للشرطة بضرب المتظاهرين السلميين بالهراوات". وتشمل الاصلاحات الدستورية عدة أحكام تُعزز حقوق المواطنين، بما في ذلك المساواة بين الجنسين، وحرية التعبير "بجميع أشكالها"، وحرية تكوين الجمعيات والتجمع والاحتجاج السلمي، والحق في محاكمة عادلة، وتجريم التعذيب والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري. ويمنع الدستور الرقابة على الصحافة. وتُلزم السلطات بإخبار أي أحد تعتقله "فورا" بأسباب الاعتقال وبحقوقه. وتمنح التعديلات أيضا صلاحيات لرئيس الوزراء التي كانت في السابق حصرا على الملك. وقالت هيومن رايتس ووتش إن من بين العديد من القوانين المغربية التي تحتاج إلى أن تتماشى مع التأكيدات على هذه المبادئ الموجودة في الدستور الجديد، هناك أحكام قانون الصحافة والقانون الجنائي التي تنص على أحكام بالسجن بسبب التعبير. وتشمل هذه الكلام أو الكتابة التي "تسيء" إلى الموظفين العموميين أو مؤسسات الدولة بموجب المادتين 45 و 46 من قانون الصحافة، أو "المس" بالإسلام أوالملكية، أو السيادة على الصحراء الغربية التي يطالب بها المغرب، بموجب المادة 41. منظمو معظم المظاهرات التي جرت في الأشهر الأخيرة هم من حركة 20 فبراير/شباط من أجل التغيير، وهي مجموعة مرنة، وتتكون في في الغالب من الشباب الذي يستلهم انتفاضات مصر وتونس. وتركز شعارات المجموعة على الحرية والديمقراطية، ووضع حد للفساد والقمع. ورفعوا في بعض الأحيان مطالب أكثر تحديدا، مثل الحد بشكل كبير من صلاحيات الملك وامتيازاته، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين. ويؤيد أهداف حركة 20 فيراير/شباط، من بين آخرين، جماعة العدل والإحسان، وهي حركة إسلامية قوية، والنهج الديمقراطي، وهو حزب صغير من أقصى اليسار، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان. في مناسبات عديدة، بما في ذلك خلال أغلب شهر يونيو/حزيران، لم تتدخل السلطات ضد التظاهرات التي نظمتها الحركة في المدن الكبرى. ولكن في مناسبات أخرى عديدة منذ فبراير/شباط، هاجمت قوات الأمن المتظاهرين في الرباطوالدارالبيضاء وغيرها من المدن. أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع المتظاهرين في الرباطوالدارالبيضاءوالقنيطرة، الذين تعرضوا للضرب. وقالوا إن قوات الأمن هاجمت المتظاهرين حينما كانوا يتجمعون، بدون سابق إنذار، وهاجهوهم بالهراوات وضربوهم على أجسادهم، وفي بعض الحالات، على رؤوسهم. وفي حالات أخرى، وبينما كان المتظاهرون يتفرقون، لاحقت قوات الأمن المتظاهرين في شوارع جانبية لمواصلة ضربهم. إن الضرب الذي وصفوه يبدو إن الهدف منه هو تنفيذ عقاب جماعي. الشهادات العديدة والمتسقة تتناقض مع الادعاءات الرسمية بأن قوات الأمن استخدمت القوة اللازمة فقط لتفريق تجمهر "غير مرخص له"، أو لتفريق الأشخاص الذين يعرقلون حركة المرور أو عصوا الأوامر. وقالت هيومن رايتس ووتش إنه ليس هناك تفسير واضح لتردد الحكومة بين السماح بالمظاهرات السلمية في بعض الأيام، وقمع المظاهرات السلمية بعنف، في أيام أخرى، والتي تم تنظيمها تحت نفس الشعارات. وقالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي جمعية مستقلة، إنها وثقت أكثر من 100 حالة من الإصابات التي ألحقتها قوات الأمن بالمتظاهرين ما بين فبراير/شباط ونهاية مايو/أيار. وفي حدود علم هيومن رايتس ووتش، لم تتم مقاضاة أي عضو من قوات الأمن لاستخدام العنف غير المُبرر ضد المتظاهرين. وكانت أقسى أعمال عنف الشرطة ضد الاحتجاجات السلمية في 15 و 22 و 28 و 29 مايو/أيار. وقابلت هيومن رايتس ووتش العديد من الأشخاص الذين حاولوا المشاركة في هذه المظاهرات وغيرها في وقت سابق حين ضربت الشرطة المحتجين. في 15 مايو/أيار، في تمارة، حاول المحتجون تنظيم نزهة خارج منشأة يعتقد أنها سجن سري، اعترضت الشرطة المتظاهرين الذين وصلوا، ومنعتهم، وضربت العديد منهم، ولاحقتهم وهم يفرون لمواصلة ضربهم. وفي 22 مايو/أيار، في الرباطوالدارالبيضاء، كانت الشرطة بأعداد كبيرة في انتظار المتظاهرين وبدأوا بضربهم، وفي بعض الحالات، اعتقالهم وضربهم، فور وصولهم. وفي 28 و29 مايو/أيار، تعرض المتظاهرون في الرباطوالدارالبيضاءوالقنيطرة للضرب بشدة، والاعتقال في بعض الحالات. ويتطلب القانون المغربي من منظمي المظاهرات في الشارع العام إخطار السلطات مسبقا، وقد تمنع السلطات المظاهرة كتابة إذا رأت أنها يمكن أن "تمس بالنظام العام"، بموجب المادة 13 من قانون التجمعات العمومية. وقال بعض منظمي الاحتجاجات من أعضاء حركة 20 فبراير/شباط إنهم لم يُخطروا السلطات لأنهم يعتقدون أن الحكومة ستمنع الاحتجاجات تحت أي ظرف. وقال بعضهم إن السلطات، وعلى الرغم من أنهم لم يُخطروا السلطات، أرسلت إليهم إخطارات مكتوبة تُفيد أن الاحتجاجات التي يعتزمون تنظيمها غير مرخص بها. وعلى سبيل المثال، تلقى كريم التازي، 52 عاما، وهو رجل أعمال من الدار الدار البيضاء والذي يدعم الاحتجاجات، مثل هذا الإخطار في 26 مايو/أيار، الذي وقعه مدير الشؤون العامة، نجيب كراني، بأمر من والي الدارالبيضاء، يُحذره من أن المظاهرة المزمع عقدها في 29 مايو/آيار غير مرخص بها. وحتى عند تفريق المظاهرات التي تعتبرها السلطات غير مرخص بها أو تُهدد النظام العام، فإن المعايير الدولية تسمح لأعوان إنفاذ القانون باستخدام القوة كحل أخير فقط. وفقا للمبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، "على الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين عند تفريق التجمعات غير المشروعة الخالية من العنف أن يتجنبوا استخدام القوة، وإن تعذر ذلك عمليًا فيقصروه على الحد الأدنى الضروري" لتفريق الاحتجاج. وتشترط المادة 19 من القانون المغربي بشأن التجمعات العمومية على الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون إصدار ثلاث تحذيرات شفوية لتفريق المتظاهرين عبر مكبرات الصوت قبل تفريقهم بالقوة. إن ضرب المتظاهرين السلميين بالهراوات، دون سابق إنذار، والاستمرار في الضرب لفترة طويلة بعد تفريق المظاهرات، انتهاك لهذه المعايير. وقال محامون، ينوبون عن المتظاهرين، ل هيومن رايتس ووتش إن عددا من المتظاهرين قدموا شكايات رسمية إلى المحاكم في موضوع الضرب. واتهمت النيابة العامة المحتجين في بعض القضايا بالمشاركة في تجمع "غير مرخص له"، أو تهم أخرى مثل عصيان أوامر موظفين عموميين، وتكوين "عصابة إجرامية"، وتدمير ممتلكات خاصة. لكن السلطات لم تُعلن، على حد علم هيومن رايتس ووتش، عن أية تحقيقات أو محاكمات لمسؤولين عن أعمال العنف الوحشي ضد المتظاهرين، ما عدا ما يتعلق بالتحقيق في وفاة أحد المتظاهرين، كمال عماري، في آسفي (أنظر أدناه). وقالت سارة ليا ويتسن: "صوت المغاربة على دستور يحتوي على لغة جريئة في صالح حقوق الإنسان". وأضافت: "لا شيء يمكن أن يُظهر بسرعة أن تصويتهم ب "نعم" يعني إصلاحات في الممارسة سوى احترام جديد من قبل السلطات للحق في التظاهر ومعاقبة الضباط الذين يضربون المتظاهرين بدون سبب". تمارة، في 15 مايو/أيار حاولت حركة 20 فبراير/شباط تنظيم نزهة بالقرب من مقر المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، الذي يُشتبه على نطاق واسع في احتوائه على منشأة سرية للاستنطاق، رغم نفي الحكومة لذلك. وقال المنظمون، إن الغرض هو دعم الإصلاح السياسي وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين عبر مسرحيات وشعر وموسيقى خلال فترة ما بعد الظهر. لم يتم تنظيم الحدث لأن قوات الأمن اعترضت المشاركين المحتملين وهم يحاولون التجمع أمام السوق الممتاز "أسواق السلام" القريب. في بعض الحالات، أوقفت قوات الأمن المتظاهرين وهم يقودون سيارات في اتجاه السوق الممتازة، وطلبوا بطاقات هوياتهم وفتشوا حقائبهم، ثم أمروهم بالمغادرة. وقال محتجون آخرون، والذين وصلوا إلى السوق الممتازة، إن قوات الأمن احتجزتهم أو اعتدت عليهم لمنعهم من المضي قدما. وقال محمد علال الفجري، 34 عاما، وهو صحفي من مدينة سلا، إن قوات الأمن طلبت منه ومن صديق له، عندما وصلا إلى السوق الممتازة، بطاقة هوياتهما، والتقطوا صورا لهما، واحتجزوهما: "كان رجال الشرطة يضربون الناس في كل مكان، دون سابق إنذار ... وضعوني في سيارة شرطة كبيرة، ونعتوني بالمثلي جنسيا، والخائن والمجرم. ثم أخذوني إلى مركز الشرطة في تمارة. هناك أخذوا هواتفنا المحمولة وجعلونا نعطيهم الرموز السرية لهواتفنا بتهديدنا بأنهم سيستعملون "وسائل أخرى" لجعلنا نمتثل. دخلوا إلى دليل الأرقام في هواتفنا، نسخوا أرقام الهواتف وحذفوا الصور التي كانت في هواتفنا ... سألونا أسئلة حول عملنا، وعائلاتنا، وانتماءاتنا السياسية. أبقوني في مركز الشرطة واستجبوني خلال أربع ساعات ونصف الساعة، بينما كنت في الاحتجاج لمدة 15 دقيقة فقط ... بعد ذلك سمحوا لي بالرحيل". وقال أحد زعماء الاحتجاج، أسامة الخليفي، 23 عاما، وهو من الرباط ويحمل شهادة في الإعلاميات ولكنه عاطل عن العمل، ل هيومن رايتس ووتش إنه تمكن رفقة بعض الأصدقاء الآخرين من الوصول إلى الموقع المحدد للمظاهرة، حيث تمكن حوالي 100 شخص من التجمع. وقال، فور رفعهم لأول شعار، تحركت الشرطة لتفريقهم. وقال الخليفي: "هربنا لكن الشرطة تبعتنا لأزيد من 800 متر". وأضاف: "كنت ضمن مجموعة من حوالي 11 متظاهرا، الذين تبعتهم الشرطة في سياراتهم". وقال الخليفي بأنه انتهى به المطاف في طريق مسدود. حاولت الاختباء في متجر ولكن الشرطة وجدوني. أرغموني على قول "عاش الملك" وضربوني على كتفي. وبما أني لم أسقط أرضا، ضربوني بالهراوات على رأسي ففقدت الوعي. وجدتني عندما استعدت وعيي في المستشفى، مع كسر في الأنف وإصابة في الكتف". وكانت الإصابات على أنف الخليفي ومناطق أخرى من وجهه لا زالت بادية عندما قابلته هيومن رايتس ووتش في 8 يونيو/حزيران. وقالت سلمى معروف، وهي طالبة جامعية، 22 عاما، إن قوات الأمن طاردوها أيضا وضربوها بعد تفريق الاحتجاج. وقالت معروف: "حاولت الاختباء في مرآب، لكنهم طاردوني وركلوني وضربوني". وأضافت: "كان لدي كدمات، ولم أتمكن من التنفس أو المشي، ففقدت الوعي. نعتني أحد كبار الضباط ب "العاهرة" وهو يضربني. وقالت معروف إن قوات الأمن ضربوها وغيرها من النساء في الاحتجاجات بين أرجلهن بالهراوات. وقال أشرف الطيب كويجان، 18 عاما، وهو طالب في المدرسة الثانوية والذي حاول أيضا الوصول إلى مكان الاحتجاج، إن ثمانية من رجال الشرطة في ملابس مدنية أحاطوا به وانهالوا عليه بالضرب خارج السوق الممتازة. ثم تركوه بعد دلك، ولكن عندما حاول المغادرة ألقى ضابط آخر القبض عليه، فانهال عليه بالضرب. وقال كويجان ل هيومن رايتس ووتش: أخذني من شعري ودفعني إلى الأرض، وبدأ في ضربي بالهراوة. وعندما سقطت أرضا، محتفظا بحقيبتي، ضربني حتى تركت حقيبتي. ضربني على الفك والساقين. لم ينكسر فكي ولكن كان الأكل مؤلما لمدة أسبوع تقريبا. وقال نزار بنمات،25 عاما، وهو طالب في معهد الصحافة، إن قوات الأمن اقتادوه إلى خلف سيارة كبيرة للشرطة بدون نوافذ، عندما حاول الانضمام الى التظاهرة، وانهالوا عليه بالضرب رفقة 8 أو 9 آحرين داخل السيارة بالهراوات. وقال بنمات: "لم يضربوني على رأسي ولكنهم ضربوني في كل الأماكن الأخرى. وأضاف: "أجبروني على قول 'عاش الملك‘ وصفعوني على وجهي ... ثم نقلوني إلى مركز الشرطة. سألوني بعض الأسئلة واحتجزني لمدة 30 دقيقة تقريبا". وقال خالد كموري، وهو أحد المتظاهرين الإسلاميين والذي قال إنه احتجز سابقا في تمارة، إن أعوان الاستخبارات أوقفوه عندما حاول الوصول إلى السوق الممتازة. وقال كموري: "طلبوا منا بطاقات الهوية وأسمائنا، والتقطوا صورا لنا". وأضاف: "قالوا لنا أن نرحل أو سيكون أمرا خطيرا بالنسبة لنا. كنت أرى آخرين من قوات الأمن يضربون الناس". وقال كموري إنه تلقى مكالمات في ذلك اليوم من أقارب معتقلين إسلاميين، الذين حاولوا الوصول إلى تمارة من مدن أخرى، ولكن ضباط الشرطة اعترضوهم في محطات الحافلات وطلبوا منهم العودة إلى ديارهم. توجه كموري إلى محطة الحافلات في الرباط للقاء أقارب المعتقلين الذين تمكنوا من الوصول إلى الرباط، وذهب معهم للانضمام إلى مظاهرة أخرى أمام مبنى البرلمان في قلب المدينة. وقال كموري: كانت وقفة شارك فيها نحو 150 شخصا، ولكن عندما وصل نشطاء من حركة 20 فبراير/شباط وبدأوا يرددون شعاراتهم، تحركت قوات الأمن لضربهم، وفرقوا الوقفة بعنف. دامت الوقفة ثلاثة دقائق فقط ... هاجمنا قوات الأمن دون تحذير مسبق. كنا نردد شعارات ضد الفساد والاستبداد، ومن أجل الديمقراطية والحرية. ضربوني على الظهر في البداية بالهراوات، وبعد ذلك على رأسي. بدأت أنزف من رأسي. وحينما هاجمتنا الشرطة، بقينا نردد شعارات مثل "سلمية!" تراجعت الشرطة لبعض الوقت وهاجموا بعد ذلك مرة أخرى. لاحظت هيومن رايتس ووتش إصابة كموري على الرأس في 9 يونيو/حزيران، وكذلك شريط فيديو له في التظاهرة، وهو ينزف من الرأس. قال خالد الناصري، وزير الاتصال للصحافة، تعليقا على أحداث تمارة في ذلك اليوم، إن المتظاهرين لم يطلبوا ترخيصا وأنهم، لما أبلغوا أنهم كانوا يتصرفون خارج نطاق القانون، اختاروا التحدي. الدارالبيضاءوالرباط، 22 مايو/أيار قال حمزة محفوظ، 26 عاما، وهو طالب جامعي في مادة الفلسفة وطالب في معهد الصحافة والذي طور العديد من الشعارات لحركة 20 فبراير/شباط، إنه حاول الانضمام الى مظاهرة يوم 22 مايو/أيار في حي سباتة بالدارالبيضاء. لكنه عندما وصل وجد قوات الأمن، الذين كانوا أكثر عددا، يضربون المتظاهرين لتفريقهم. وقال محفوظ ل هيومن رايتس ووتش: حاولنا جعل الناس يأتون من الشوارع الصغيرة إلى شوارع أكبر بحيث يصبح عددنا أكبر ... جمعنا حوالي 500 شخص في شارع جانبي، ولكن عندما حاولنا الالتحاق بالآخرين، هاجمتنا قوات الأمن ... اختبأت في منزل [ولكن عندما غادرت قامت قوات الأمن] بضربي على اليد، وخُلع أصبعي. كان الناس يرددون فقط "سلمية، سلمية حتى تحقيق الحرية". أصيب المئات في ذلك اليوم. قال خالد كموري، لإنه حاول الانضمام إلى مظاهرة لحركة 20 فيراير/شباط، في حي العكاري في الرباط في اليوم نفسه، على الساعة 4:00 مساء ولكن قوات الأمن وصلت إلى المكان أولا. قال كموري: "تعرض جميع الذين وصلوا إلى المكان للضرب، لذلك لم نجتمع أبدا". وأضاف، إن مجموعة من المتظاهرين قرروا التجمع في باب الأحد، الأقرب إلى وسط المدينة، ولكن عندما وصل إلى هناك، "وجُنت الشرطة فبدأوا يضربون أي شخص على الأرصفة. رأيت شرطيا على دراجة يتجه نحو حشد من الناس ... حاول الناس منعه لكنه هدد شخصا بمسدسه". وقال كموري إن أربعة عناصر من الأمن اعتقوله واقتادوه إلى سيارة، حيث قاموا بضربه رفقة سبعة أشخاص آخرين. ثم أخذوه إلى مركز للشرطة. وقال كموري: "كنا 17 شخصا في مخفر الشرطة، وكلنا من حركة 20 فبراير/شباط. كنت الإسلامي الوحيد". وأضاف: "التقطوا لنا الصور، وأخذوا بصماتنا، واستنطقونا". وقال كموري إن الشرطة أخذوا ستة من المجموعة إلى زنازين تحت الأرض. وقال كمورب: "لم يسمحوا لنا بالاتصال بعائلاتنا أو بمحامين ... لم يخبروني بسبب اعتقالي". وقال إن الشرطة اقتادوهم، بعد 48 ساعة، إلى النيابة العامة بتهمة عرقلة السير والمشاركة في تجمع "غير مرخص". وأضاف: "بعد ساعة، قال لنا وكيل الملك إنه تلقى أوامر بإطلاق سراحنا". وفي قصاصة أخبار ليوم 22 مايو/أيار، قالت وكالة المغرب العربي للأنباء الرسمية :"إن هذه المسيرات، المتكررة أكثر وأكثر، تعرقل حركة المرور في المدن، ناهيك عن الضرر الذي تسببه للنشاط التجاري. ونتيجة لذلك اضطرت القوات العمومية إلى التدخل لاستعادة احترام القانون عن طريق تفريق هذه المسيرات". الرباط، 28 مايو/أيار، والدارالبيضاء، 29 مايو/أيار؛ والقنيظرة، 28 و 29 مايو/أيار هاجمت قوات الأمن، في 28 مايو/أيار، المتظاهرين في الرباطوالقنيطرة، وفي الدارالبيضاءوالقنيطرة في 29 مايو/أيار. قال حمزة محفوظ، إنه عندما حاول الانضمام إلى مظاهرة 29 مايو/أيار في حي سباتة بالدارالبيضاء، استهدفته الشرطة على الفور وضربوه بقسوة على الوجه والساقين إلى درجة أنه، وعندما غادرت الشرطة في الأخير، فقد وعيه عندما حاول المشي. وقال محفوظ: بعد أيام من الحادث لا زلت لا أشعر بجانب من وجهي، وعندما أحاول أن الأكل، أشعر بصدمة كهربائية ... وكان لدي كسر في الجزء الخلفي من كتفي ... والآن أذهب كل يوم تقريبا إلى المستشفى [لإجراء التشخيصية] لأنني لا أزال أغيب عن الوعي من وقت لآخر. وقال محمد علال الفجري، 34 عاما، وهو أحد مؤسسي حركة 20 فبراير/شباط وصحفي يعمل لwww.marayapress.net ، إن الحركة خططت لتنظيم مسيرة في 28 مايو/أيار، على الساعة 5 مساء في سلا، وهي مدينة كبيرة قرب الرباط، حيث يُقيم. في وقت سابق من ذلك اليوم، أحضرت السلطات إلى منزله إشعارا مكتوبا يفيد بأن المسيرة ممنوعة، بالرغم من أن الحركة لم تطلب الترخيص. قال الفجري إنه ذهب إلى المكان المقرر للمسيرة، لكن بعد دقيقتين احتجزه عناصر الشرطة في ثياب مدنية رفقة متظاهر آخر ووضعوهم في سيارة للشرطة: سألونا عما كنا نفعله هناك بما أن المسيرة ممنوعة. وقلنا إننا لم نطلب قط ترخيصا ... أخذونا إلى المخفر ... واستنطقونا. أخذوا هوياتنا وطرح علينا أسئلة حول مواقفنا من الملك ... وما كنا نعنيه عندما نرفع شعار "المخزن [وهو مصطلح مغربي يعني الدولة والإدارة العمومية]، برا!" أو مطالبتنا بتعديل الفصل 19 من الدستور [وهو فصل من دستور عام 1996، بعد التعديل، الذي يحدد الملك على أنه "أمير المؤمنين" و "الممثل الأسمى للأمة"]. وظلوا يقولون إنهم "سيغيرون تعاملهم" إن لم أجبهم. وقال الفجري ل هيومن رايتس ووتش في 8 يونيو/حزيران، إنه تم الإفراج عنه في وقت لاحق من ذلك اليوم، وأنه لا يزال يلقى تحذيرات من مجهول بأنه لن يجد عملا إلا إذا قال للنشطاء الآخرين أن يتوقفوا عن الاحتجاج. قال محمد أغناج، وهو محام مقيم في الدارالبيضاء، وعضو أيضا في جماعة العدل والإحسان وينوب عن عائلة العماري، إن قوات الأمن في مدينة آسفي، على بعد 207 كيلومترات جنوب غرب الدارالبيضاء، ضربت كمال العماري، 30 عاما، وهو أحد المُتظاهرين وينتمي لجماعة العدل والإحسان، في 29 مايو/أيار. وأضاف أغناج أن العماري عانى من كسر في الركبة وربما كسر في الأضلع. ذهب العماري في تلك الليلة إلى المنزل، وذهب الى المستشفى فقط بعد بضعة أيام لأنه لم يكن يشعر بأنه على ما يرام. توفي في المستشفى يوم 2 يونيو/حزيران. أعلن مكتب الوكيل العام للملك أن فريقا من الأطباء الشرعيين خلصوا إلى أن العماري توفي نتيجة "اعتلال رئوي واسع مع فقد الدماغ للأكسجين" والذي " فاقم مفعول رضة صدرية غير معقدة، وأدى إلى الوفاة في غياب علاج مبكر ومناسب". وقال مكتب الوكيل العام للملك بأنه "أمر بإجراء بحث شامل ومعمق لتحديد ظروف وملابسات الوفاة". وتقدمت عائلة العماري بشكاية لدى الوكيل العام وطالبت بنسخة كاملة من تقرير التشريح عن وفاة العماري. وقال أغناج أنه حتى 4 يوليو/تموز، لم يكن قد تم بعد تسليم التقرير. وقال خمسة متظاهرين إسلاميين - سعيد الأزهري، 39 عاما؛ والمصطفى الأمغاري، 40 عاما؛ وبوغابة روضان، 42 عاما؛ ونبيل الأمغاري،22 عاما؛ ومحمد موجان، 50 عاما - من مدينة القنيطرة على بعد 40 كيلومترا شمال شرق الرباط، ل هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن قاموا بضربهم أثناء الاحتجاجات التي نظمتها حركة 20 فبراير في 28 و 29 مايو/أيار. وقال روضان إن شارك في مظاهرة في القنيطرة، في 28 مايو/أيار، عندما بدأت الشرطة بضرب المتظاهرين بالهراوات الخشبية. وقال روضان: "حاولت حماية رجل عجوز، فضربوني على الذراع فكسروه". عندما قابلت هيومن رايتس ووتش روضان في 8 يونيو/حزيران، كان ذراعه في حمالة. وقال الأمغاري إن الشرطة اعتقلته رفقة أربعة متظاهرين آخرين في احتجاج آخر في القنيطرة في 29 مايو/أيار، واقتادوهم إلى الغابة، مكبلي اليدين، ووضعوهم على وجهوههم على الأرض، وضربوهم على ظهورهم وأرجلهم بعصي خشبية. وفي وقت لاحق، فكوا عنهم الأصفاد وتركوهم في الغابة للعودة لوحدهم. اعتداءات فبراير/شباط ومارس/آذار وتلقت هيومن رايتس ووتش تقارير مماثلة عن العنف في الرباط في 21 و23 فبراير/شباط، وفي الدارالبيضاء في 13 مارس/آذار، وكذلك في مدن أخرى في نفس التواريخ. في 21 فبراير/شباط، يوما بعد ما سمحت السلطات لمتظاهرين في مدن في أنحاء البلاد بتنظيم أول المظاهرات على الصعيد الوطني من أجل التغيير السياسي، ضربت الشرطة في الرباط المتظاهرين الذين تجمعوا في ساحة باب الأحد بالهراوات. وكانت خديجة الرياضي، وهي رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، من بين الذين ذهبوا إلى المستشفى لتلقي العلاج بعد تعرضهم للضرب. وفي 23 فبراير/شباط، فرقت الشرطة مُظاهرة صغيرة في الرباط بالقوة، وهي المظاهرة التي دعت إليها الشبكة الديمقراطية المغربية لدعم الشعوب أمام المركز الثقافي الليبي. وضربت الشرطة المشاركين المحتملين، بما في ذلك عبد الخالق بنزكري، وعبد الإله بن عبد السلام، ومنتصر الإدريسي، وتوفيق مساعف. وقال مساعف، وهو محام في مجال حقوق الإنسان والذي ينشط في جمعية عدالة المُهتمة بإصلاح القضاء، عندما وصل المُحتجون أمرهم أحد المسؤولين بالتفرق. ولما رفضوا، أمر المسؤول باستخدام القوة. وقال مساعف ل هيومن رايتس ووتش إن الشرطة ضربته على الرأس والكتفين والقدمين. وقال بن عبد السلام، من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ل هيومن رايتس ووتش إن الشرطة استخدمت الهراوات وضربت المتظاهرين في أجزاء مختلفة من أجسامهم. وقال أسامة الخليفي، وهو أحد قادة حركة 20 فبراير/شباط، إنه حاول رفقة صديق له، في 13 مارس/آذار، الوصول إلى مكان المظاهرة في الدارالبيضاء، ولكن الشرطة اعتقلتهم على الفور وقاموا بضربهم في سيارة الشرطة بالهراوات. وقال الخليفي: "كانوا فقط يواصلون نعتنا بالخونة والملحدين ... نقلونا إلى مركز الشرطة ... حيث تعرضنا للضرب والتحقيق... وفي الأخير تم الإفراج عنا لأن محتجين آخرين، بينهم شخصيات سياسية، نظموا وقفة [للمطالبة بالافراج عنا]". وكان حمزة محفوظ أيضا في مظاهرة الدارالبيضاء في 13 مارس/آذار، وقال إن الشرطة ضربوه أيضا. وقال محفوظ: "لقد وجدت شخصاً ما على الأرض والذي يبدو أن ساقه كُسرت ... حاولت نقله إلى إلى سيارة إسعاف، لكن الشرطة أحاطوا بي وبدأوا بضربي. أخذوا الكاميرا، باهظة الثمن، التي كنت أحملها معي وحطموها". وقال كل من الخليفي ومحفوظ إن أكثر من 100 متظاهر اعتقلوا في الدارالبيضاء في ذلك اليوم.