من قال إن المغرب بات بؤرة للعنف والعنصرية في طريق الأفارقة، فهو كاذب. ومن زعم أن المغاربة عنصريون أكذب منه. مغاربة يقولون لنا هذا الكلام وكأننا لسنا مغاربة؛ كأننا قدمنا من كوكب آخر إلى هذا البلد؛ أو كأننا لا نعرف شيئا عن هذا الوطن؛ أو كأننا لم نعتد ولم نستأنس على رؤية الأجانب بيننا، بينما بلادنا ظلت منذ القدم محطة لتلاقي مختلف البشر، من ألوان وأجناس وألسن وبلدان مختلفة، كانوا، وما زالوا، يحلون بها إما لطلب العلم كما كان يقال أيام زمان، أو للدراسة، أو للتجارة، أو للتدريب والتأطير في مجالات معينة. وظلت أبواب المغرب وصدور المغاربة، بل بيوت المغاربة مفتوحة، على الدوام، إزاء كل قادم من جميع الآفاق، لا فرق بين أبيض أو أسود أو أصفر إلا باحترام القوانين الجاري بها العمل، كما يجري به العمل في سائر الأصقاع والبقاع. هناك من لم يجد أي شيء يبني عليه «تحليلاته" العقيمة للإساءة لبلده، فآثر القفز على موضوع المهاجرين الأجانب بالمغرب، مستغلا، بانتهازية واضحة، حدثا منعزلا يتمثل في مقتل اسماعيلا السنغالي من طرف مغربي، ليركب على موجة العنصرية، وليسرد دفوعات ما أنزل الله بها من سلطان تقول بتنامي العنف والعنصرية تجاه المهاجرين ذوي البشرة السوداء في المغرب، فقط لأن السلطات المعنية قامت بعملها في هذا الصدد كما تفعل جميع سلطات الدنيا التي تحرص على الحفاظ على أمن واستقرار البلد من أي تجاوز قد يقع هنا أو هناك. وهناك من دعم موضوعه ب"شهادات" زعم أنها لأفارقة مقيمين في المغرب حول واقع العنصرية، من قبيل ما تم نقله على لسان بعضهم: "أقل ما تسمعه من مغربي حين تمر بالقرب منه: أيها الأسود أو أيها الصرصور"، أو "لا يمكنك أن تمر في الطريق دون أن تسمع كلمة أسود أو تسمع عبارات السب والقذف." يورد أصحاب "التحليلات" هذه الادعاءات وكأنها "فتح عظيم" من شأنه أن "يجرجر" المغرب أمام المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، وبالتالي توجيه ضربة بهدف الإساءة إلى سمعته وتشويه صورته - وهذا هو المراد من وراء هذا العمل - وكأنهم تناسوا أن المغرب بلد إفريقي؛ وكأنهم (هم المغاربة) لا يعرفون أن بيننا مغاربة سودا، وأن المغاربة فوق هذا وذاك شعب مسلم يكره العنصرية ويبغضها لأنه هو نفسه عانى الكثير منها من خلال إخوانهم المهاجرين في أوربا. إن المتجول في طول البلاد وعرضها، وفي شوارع وأزقة مختلف مدنها، يلاحظ التغيير الطارئ على المشهد العام الذي أصبح سمة من السمات الجديدة ل"الألديرادو" المغربي؛ كما يلمس الحضور المكثف للأفارقة الذين يتدفقون على المغرب والذين استطابوا الإقامة والعيش فيه؛ ومنهم من استقدم أسرته؛ ومنهم من كون أسرة له في المغرب؛ ومنهم من قرر الإقامة فيه بصفة نهائية؛ ومنهم من يمارس أشغالا ومهنا مختلفة، إلى جانب المئات من الطلبة الذين أصبحوا يفضلون متابعة دراساتهم العليا بالمملكة عوض الذهاب إلى أوربا، نظرا لما يجدونه في هذا البلد من أجواء ملائمة وحميمية.. وجميعهم يعيشون في وئام وسلام مع المغاربة. وهذا ما لم يرد أصحاب "التحليلات" و"الروبورتاجات" المخدومة التطرق إليه لأنه بكل بساطة لا يخدم أهدافهم ولا أجندتهم. هناك شيء لا بد من التأكيد عليه، وهو أنه لا يجب أن ننسى أن الدولة – أي دولة – مسؤولة عن حماية حدودها وأمنها واستقرارها. ولا يوجد بلد في العالم يترك حدوده مشرعة على المجهول.