اختتمت مساء أمس الأربعاء بمسرح الحبول بمكناس فعاليات النسخة ال12 لمهرجان مكناس- وليلي الدولي بحفل فني كبير أحيته باقة من الفنانين المغاربة وبتكريم الملحن الفنان محمد بن عبد السلام. ونسج الحفل لحظة من اللحظات القوية في فقرات المهرجان, خاصة وأن الجمهور الذي جاء بكثافة للالتقاء مع نجوم الأغنية المغربية, لطيفة رأفت, وليلى الكوشي, وحاتم عمور, تفاعل معه بشكل كبير وزاد من تألقه طقس مكناس الجميل في هذا الصيف. وتميز الحفل بتكريم الفنان بن عبد السلام أو محمد التواشي, أحد أعمدة الفن الغنائي المغربي منذ النصف الأخير من القرن العشرين, وهو من مواليد مدينة سلا عام 1930, ينتمي إلى أسرة فنية, وكان يتنقل بين مدينة مكناسوسلا لكسب موهبة الغناء والموسيقى. كانت أول أغنية لحنها بن عبد السلام وغناها هي "في الدرب" في عام 1952, ومنها انطلق في تلحين وغناء مقطوعات ذات طابع مغربي, ولحن للعديد من المطربين الذين اشتهروا بألحانه, منهم المعطي بنقاسم وعبد الوهاب الدكالي وبهيجة إدريس وأمينة إدريس ومحمد الإدريسي والحبيب الشراف. وساهم بن عبد السلام الذي أغنى خزانة الأغاني بكم كبير من الأعمال, في إدماج المطربين في الأوبريتات الغنائية, فلحن أوبريت "مشروع بورقراق" وغيرها, ومحاورات منها "التيلفون" و"أنت هاني" وغيرها من الألحان الجميلة التي تحفظها الذاكرة, وفي الخمسينيات أسس فرقة موسيقية ترأسها, مما جعله يدخل في منافسات مع فرق أخرى إلى أن تأسس الجوق الوطني للإذاعة سنة 1953. وتميز الحفل الذي حضره وزير الثقافة السيد بن سالم حميش ووالي جهة مكناس-تافيلالت عامل مكناس السيد محمد فوزي وعدد من الشخصيات وضيوف المهرجان, بأداء الفنانة لطيفة رأفت أروع مقطوعات ربيرتوارها الغنائي, إلى جانبها الفنانين الصاعدين الكوشي وعمور اللذين أتحفا الجمهور بأغنيات مغربية جميلة رفقة أوركسترا الموسيقى العصرية برئاسة مصطفى الركراكي. واعتبر محمد الثقال المدير الجهوي بجهة مكناس -تافيلالت لوزارة الثقافة, أن الدورة حققت نجاحا كبيرا بكل المقاييس, اعتبارا لتنوع وغنى فقرات المهرجان الذي جمع بين الموسيقى العالمية والعربية والمتوسطية والمغربية, إضافة إلى الجمهور الهائل الذي حج بكثافة إلى العروض. وأوضح الثقال, أن الدورة تجاوزت الجانب الموسيقي لتشمل جوانب أخرى تتجلى في السينما والمعارض الفنية والتشكيلية, والورشات التي شارك فيها أزيد من 100 شاب وشابة أطرتها مجموعة "آش كاين". واعتبر أن هذه المؤشرات ساهمت في نجاح المهرجان الذي شكل فرصة للفنانين الأجانب الذين ظلوا في مكناس طوال عمر المهرجان, من نسج علاقات تعاون وتبادل وحوار فيما بينهم وبين الفنانين المغاربة, إلى جانب تمكينهم من الإطلاع على الأبعاد التراثية للعاصمة الإسماعيلية وتحقيق أحد أهداف هذا الموعد الفني والثقافي. وجدير بالإشارة فإن المهرجان نظمته وزارة الثقافة بتعاون مع ولاية جهة مكناس- تافيلالت ما بين 15 و20 يوليوز الجاري, تحت شعار "تلاقح الحضارات وألق الإيقاعات" شاركت فيه باقة من الفنانين والفرق المغربية والأجنبية, بهدف تبليغ رسالة إنسانية, سامية تسعى للارتقاء بالأذواق وتجسد مغربا منفتحا على كل الثقافات. وكانت إسبانيا ضيف شرف هذه النسخة من المهرجان المنظم بتعاون مع الجماعة الحضرية لمكناس, حيث كانت مشاركتها متميزة إلى جانب كل من فرنسا, ومصر, والأردن, والجزائر, والشيلي وبولندا, وهايتي, والهند, والسنغال, وساحل العاج, وجورجيا, وجزر القمر, وجمهورية كوريا وإنجلترا.