بعد أن انهارت بعض الأنظمة القومية والبعثية والباقي يعاني صعوبات في العيش، لم يعد أمام خالد السفياني، الذي تحول من مناضل في الاتحاد الاشتراكي كحزب وطني إلى الأمين العام للمؤتمر القومي العربي، سوى أن يتحالف مع كل من كان ضدهم بالأمس، وأصبح مستعدا للتحالف مع الشيطان لو وفر له الموارد البشرية الكافية لقيادة تظاهرة في شارع محمد الخامس، وكانت آخر إبداعاته محاولة الظهور بمظهر المحامي القومي المدافع عن حقوق الإنسان حتى لو كان هذا الإنسان هو رشيد نيني. وبعدما فقد منابر الخطابة التي وفرها له الاتحاد الاشتراكي وبعد أن تفرق جمعهم ولم يعد له رهط يحمونه لجأ إلى المحاكم ليرافع بعيدا عن سياق القضية ولكن ليقول كل شيء بما في ذلك الكلام الذي لا معنى له ولا يمكن أن يقال إلا في الأزقة، يعني لغة شوارع، من قبيل قوله إنه إذا أراد أن يحصل على قاعة كبيرة "ليتبورد فيها" عليه أن يلجأ إلى مجلس الأمن، وهذا كلام لا يمكن أن يقال في محكمة باعتبارها مؤسسة دستورية لها حرمتها. لكن الذي يريد أن ينساه خالد السفياني هو أن هذه "التبوريدة" التي يقوم بها الآن لم يقم بها من قبل وفي قضايا ذات بعد اجتماعي، لماذا يقود اليوم كوكبة من المحامين للدفاع عن نيني، الذي لم يترك لا قوميا ولا يساريا ولا إسلاميا إلا ونعته بأقذع النعوت؟ ولماذا لم يترافع خالد السفياني عن 17 من الصحافيين والتقنيين بجريدة الجمهور يوم كان محاميا للنقابة الوطنية للصحافة؟ لماذا اضطر هؤلاء لترحيل ملفهم إلى القنيطرة عند المرحوم جواد العراقي قبل أن يتخلوا عنه فيما بعد؟ ألم يكن حريا بخالد السفياني، الذي يجوب الدنيا نضالا وتضحية، أن يسجل فقط الدعوة؟ ألا يتذكر أنه بعد مرور شهور على القضية لجأ إليه الصحافيون المذكورون ليجدوه لم يرفع دعوى أساسا؟ ولا ننسى أن خالد السفياني هو نفسه محامي نقابة الصحافة الذي تخلى عن صحافيي الميثاق الوطني والمغرب اللتين كانا يصدرهما التجمع الوطني للأحرار، ولا ننسى أن الصحافي بوشعيب الزعنوني المنتمي للمؤسسة مات في حالة يرثى لها. نعتقد أن خالد السفياني لم يكن همه الأساسي في كل ذلك هو المال وقد أوتي خيرا كثيرا، نعتقد جازمين أن السفياني محركه الأساسي عندما قام مناضلا لفائدة نيني وعندما قعد خاذلا صحافييي الجمهور، كان هو طبيعة القضية وموقعها إعلاميا، فالقضية الأولى التي أصبحت في ذمة التاريخ، كان متأكدا أنه لن يتحدث عنها أحد، أما القضية الثانية فوراءها لوبيات تحرك المشهد الإعلامي للدفاع عنها وطنيا ودوليا. ويبدو أن خالد السفياني وبحكم موقعه كمناضل قومي أصبح له من العلاقات الكبيرة ما يجعله يقول جازما إن هناك جهة تريد تخريب البلد وهي التي اعتقلت رشيد نيني، وكي تعرف هذه المعلومة لا بد أن تتوفر على معطيات تسربها لك جهة أخرى لأنه لا يمكنك أن تدركها عن طريق الفهم والتحليل. وما دخل كل هذا الكلام في مرافعة قانونية أمام المحكمة التي هو جزء منها؟ ألا يدخل في إطار المزايدات؟ ولا نفهم كيف تحول السفياني من مناضل اشتراكي يعادي القوى الظلامية، التي اغتالت مناضلي اليسار، إلى حاضن لها بكل قواه بل محتضن لخطابها، ولا نفهم كيف يسمح لنفسه أن يتبنى موقفها من المجمع الإداري لتمارة التابع لمؤسسة أمنية، بل إن السفياني قال إن معتقل تمارة السري موجود تحت "كوزينة" المقر الإداري للإدارة العامة لمراقبة التراب الوطني، ولا نعرف ما إن كان السفياني قد شرب قهوة في تلك "الكوزينة" أم لا ومع من وهل سمع أصوات التعذيب؟ بل لا نفهم كيف يجلس المناضل القومي مع ممثل السفارة الأمريكية "عدوة الشعوب" حسب تعبيره في شوارع الرباط. إن السفياني هو المناضل القومي الذي يرفع صوته علنا لكل من التقى مسؤولا أمريكيا، فكيف سمحت له نفسه بالدفاع عن صحافي تتبنى السفارة الأمريكية ملفه؟