يعد رحيل الرئيس حسني مبارك عن الحكم أمرا جليا حسب العديد من المحللين والخبراء الامركيين في السياسة الاجنبية. أوضح مسؤول امريكي حضر اجتماع اوباما مع مستشاريه في الامن الوطني والذي اوردته صحيفة نيويورك تايمز أن "ما يبرر قرار الرئيس اوباما بعدم المطالبة على الاقل في الوقت الراهن برحيل الرئيس المصري هو خشية الحكومة الامريكية من فقدان التاثير على مبارك و خلق شغور في الحكم". و خلال هذا الاجتماع الذي انعقد أول امس السبت بين الرئيس الامريكي ومسؤولين بمجلس الامن الوطني لتقييم الوضع في مصر "أراد السيد اوباما تفادي باي ثمن أي تصور بأن تكون الولاياتالمتحدة قد أيدت الاطاحة بزعيم كبير في الشرق الاوسط" حسبما افادته الصحيفة النيويوركية. و أوضحت أن "التحفظ" الذي ابدته ادارة اوباما حيال هذه القضية ينم أيضا عن كون انه بالنسبة للولايات المتحدة مصر بدون مبارك سيكون في احسن الاحوال أمرا صعبا و في اسوئها مرعبا. و قد شكلت الحكومة المصرية منذ 30 سنة ركيزة السياسية الخارجية الامريكية في منطقة غير مستقرة لا سيما بسبب اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل. "لكن كما صرح احد مستشاري اوباما لنيويورك تايمز من الواضح أن عهد مبارك قد انتهى". هذه ليست المرة الاولى التي تواجه فيها واشنطن ازمة مثل هذه تخاض فيها حركات احتجاجية شعبية ضد حلفاء ديكتاتوريين أو فاسدين. ويقارن بعض المسؤولين الامريكيين ما يحدث في مصر بالانتفاضات التي ادت الى الاطاحة بالشاه في ايران والاحتجاجات في الفيلبين التي اسقطت فردينان ماركوس. في ايران فقدت واشنطن رهانها حول بروز حكومة تعمل مع الولاياتالمتحدة وكذلك في الفيلبين حيث نشأت "ديمقراطية فوضوية". وأشار الخبراء الى أن ادارة اوباما تأمل في "بروز حكومة معتدلة ولائكية في مصر". "لكن ولكون مبارك طالما اغلق النقاش السياسي وقام بتهميش المعارضة ليس هناك كما أضافوا امر وسط في سياسة مصر ولا يوجد اي حزب ذو مصداقية ينشط في المعارضة واعتبر ستيفن ج. هادلي مستشار سابق للأمن الوطني للرئيس بوش يقول "لا يجب أن نصر على تنظيم انتخابات مسبقة". "علينا كما قال اعطاء الوقت للشعب لتشكيل احزاب مصرية غير اسلامية. فالهدف هو ربح الوقت حتى تتنظم المجتمعات المدنية وتقوم باختيارات حقيقية". لقد بدأت الحكومة الامريكية بالتفكير حول الخيارات العديدة التي قد تبرز اذا تم ابعاد السيد مبارك عن الحكم. وبشأن نائب الرئيس الجديد الذي تم تنصيبه عمر سليمان فان الامركيين يعتبرونه ك"أكبر معارض للاصلاحات الواسعة النطاق". وفيما يخص محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة النووية فهو يعتبر كشخصية "منتقدة" للسياسة الامريكية :"انه يبدي استقلالية" ازاء الولاياتالمتحدة على حد تعبير مسؤول امريكي كبير. واشارت كاتبة الدولة الامريكية هيلاري كلينتون في الحوارات التي خصت بها امس الاحد عدة قنوات تلفزيونية امريكية الى ان موقف الولاياتالمتحدة كان "واضحا جدا" من خلال الدعوة الى "انتقال منظم الى الديمقراطية" في مصر. واعتبرت أن "ذلك يعد الوسيلة الوحيدة التي ستسمح بتفادي شغور سياسي والفوضى وبوضع مخطط مدروس لقيام حكومة ديمقراطية". وفي هذا السياق أكدت أن ذلك في صالح مصر على المدى الطويل و كذا الشراكة بين البلدين. وعن سؤال حول خطر وصول الاسلاميين الى الحكم بفضل انتخابات حرة اجابت السيدة كلينتون أن الولاياتالمتحدة "لا تتمنى أن ترى ايديولوجية تفرض على المصريين".واستطردت رئيسة الديبلوماسية الامريكية تقول "نريد ان نرى ثمار ما بدأ يتجه نحو ديمقراطية حقيقية. ليس ديمقراطية خاطئة حيث تأخذ مجموعة صغيرة لا تمثل التشكيلة المتنوعة للمجتمع المصري زمام الحكم وتحاول فرض اعتقاداتها الدينية أو الايديلوجية. نحن نريد أن نرى تنوع وديناميكية المجتمع المصري".".