فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزير العدل:إصلاح العدالة يشكل ركنا قيميا أساسيا من أركان المواطنة وورشا حاسما في التنمية البشرية
نشر في زابريس يوم 09 - 12 - 2010

المهمة التي تفضل جلالة الملك بتكليفي بها هي مواصلة النضال من أجل تحسين أوضاع العدالة
إصلاح العدالة يشكل ركنا قيميا أساسيا من أركان المواطنة وورشا حاسما في التنمية البشرية
كان التفكير في إنجاز حوار مع وزير العدل الأستاذ محمد الطيب الناصري إحدى انشغالات هيئة التحرير، خاصة أن وزير العدل كتوم، وقصير الأجوبة، ولم يسبق له أن أدلى بحوار صحفي. وفي حقيقة الأمر فوجئنا بالتلقائية التي وافق بها على إنجاز هذا اللقاء الصحفي رغم انشغالاته المتعددة وضيق وقته، حيث امتدت هذه التلقائية إلى أجوبته المتسمة بالوضوح والجرأة، فكانت جلسة ممتعة همت مختلف جوانب العدالة. ونستهدف من هذا التواصل خلق نوع من الحوار بين مسؤولي العدالة ومساعديها والوقوف على بعض محطات مشروع إصلاح القضاء، حسب وجهة نظر المسؤول الحكومي عن قطاع العدل. دفاعا عن نظرتي لوطني :
++++++++++
قضيتم حوالي سنة بعد تعيينكم من طرف جلالة الملك وزيراً للعدل، ما هي مشاعركم الآن؟ هل انتابكم شعور باليأس، أم بالأمل أمام المشاكل التي يعرفها قطاع العدل؟
+++++++++ المشاكل موجودة بطبيعة الحال، ونحن نعيش على الأمل، ولدي اليقين بأنه حينما تفضل جلالة الملك نصره الله بتعييني وزيرا للعدل، فإني أعتبر هذه المهمة وطنية، وأعتبرها شخصيا مواصلة للعمل النضالي في مهنة المحاماة، بل في إصلاح القضاء، وبصفة عامة مواصلة النضال في ميدان حقوق الإنسان... يمكن أن أقول لكم أستاذي العزيز بأنني أعتبر نفسي بكل تواضع شاهد عصر، لأنني منذ بداية الستينيات عندما انخرطت في مهنة المحاماة عايشت العديد من المحاكمات التي جرت في بلادنا والتي عُرض خلالها مجموعة من المواطنين من تيارات مختلفة، من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين للمحاكمة، واعتبرت أن تنصيبي للدفاع عن هؤلاء المتابعين الذين منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر هو دفاع عن الوطن، هو دفاع عن نظرتي لوطني وما كنت أتمناه لوطني، ولهذا أرى أن المهمة التي تفضل جلالة الملك بتكليفي بها هي مواصلة للنضال من أجل تحسين أوضاع العدالة في بلادنا، وأعني بالعدالة جميع مكوناتها، حيث لا أقصد القضاة فقط وإنما كل المكونات من موظفي العدل والمهن المرتبطة بالقضاء.
خارطة طريق لسِت مجالات ذات أسبقية :
قبل الحديث عن وصفة لإصلاح القضاء لابد من التشخيص، وتحديد مكامن الضعف، وبالتالي أين يكمن الخلل، علما أن الوزارة تتوفر على ركام من التوصيات والدراسات والتقارير؟
في كل عملية إصلاح لابد من تشخيص لوضعية المجال المراد إصلاحه، وتقييم آليات اشتغاله في أفق إيجاد الحلول التي تقتضيها عملية الإصلاح. في هذا الإطار تم الحرص على القيام بعملية تشخيص ميدانية وموضوعية لمختلف الجوانب المرتبطة بمنظومة العدالة في بلدنا، سواء من حيث القوانين والمساطر، أو من حيث البنيات والهياكل القضائية والإدارية، أو من جانب كل ما يتعلق بالموارد البشرية، وهذه هي المجالات الأساسية التي تندرج في عملية الإصلاح. وقد شكل الخطاب الملكي السامي ليوم 20 غشت 2009 خارطة طريق واضحة للمجالات الست ذات الأسبقية في الإصلاح وهي :
تعزيز ضمانات استقلال القضاء.
تحديث المنظومة القانونية.
تأهيل الهياكل القضائية والإدارية.
تأهيل الموارد البشرية.
الرفع من النجاعة القضائية.
ترسيخ التخليق. وفي تقديري فإن إنجاح الإصلاح في ميدان صعب ومتشعب كما هو الشأن بالنسبة للعدالة يقتضي منهجية واضحة للتفعيل وتحديدا دقيقا للأولويات وتتبعا مستمرا للتطبيق، ولكنه يستلزم قبل كل ذلك توفر إرادة كل المعنيين للإنخراط الفعلي في الإصلاح والتزامهم بتحقيق أهدافه وحشد الذكاء الجماعي لإنجاحه.
القضاء في خدمة المواطن : لماذا ظل إصلاح القضاء متعثرا رغم وجود إرادة سياسية قوية، خاصة في السنوات الأخيرة؟ هناك إرادة سياسية واضحة للإصلاح عبر عنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله عدة مرات، لا سيما في الخطاب الملكي السامي ليوم 20 غشت 2009، والخطاب الملكي السامي في افتتاح الدورة التشريعية يوم 8 أكتوبر 2010. وطبقا للتوجيهات الملكية السامية فإن الإصلاح الذي أعلن عنه صاحب الجلالة يتميز بأنه إصلاح عميق وشامل، لا يقتصر على القضاء فقط، بل إنه إصلاح يمتد بعمقه وشموليته لنظام العدالة برمته، الذي يشكل ركنا قيميا أساسيا من أركان المواطنة وورشا حاسما في التنمية البشرية. كما أن هذا الإصلاح يهدف إلى عدة غايات مثلى يلخصها المفهوم الجديد للإصلاح الذي أسس له جلالة الملك :
« القضاء في خدمة المواطن ».
إن عملية الإصلاح عبارة عن مسار مترابط الحلقات، وسيرورة متواصلة من المنجزات يتم تحقيقها على مراحل في الزمن، ولذلك فإن الأساسي هو تسريع عملية الإصلاح حتى يلمس المواطن وفي الأمد المنظور النتائج المباشرة للإصلاح. هل يمكن للمجلس الأعلى للقضاء أن ينهض بدوره على الوجه الأكمل ونتحدث عن استقلاله عن السلطة التنفيذية إذا ما نزعنا الاختصاص الموكول لمؤسسة وزير العدل، بمعنى هل الإشكال ينحصر في وزير العدل فقط؟
ينقسم أعضاء المجلس الأعلى للقضاء إلى قسمين رئيسيين، الأول من سامي قضاة المملكة معينين قانونا وعدد هؤلاء الأعضاء ثلاثة، هم الرئيس الأول للمجلس الأعلى والوكيل العام للملك لديه ورئيس الغرفة الأولى، أما القسم الثاني من ممثلي القضاة المنتخبين وعددهم ستة أعضاء. إذن الأغلبية الكاملة في المجلس هي للقضاة، وبالتالي فإنه لا يتصور وجود أي تأثير لوزير العدل في ظل هذه الوضعية. وتعزيزا لضمانات استقلال القضاء فإن التعديلات التي حفل بها مشروع النظام الأساسي للقضاة أسند للمجلس الأعلى للقضاء الكثير من الصلاحيات، وعلى كل حال فإن جميع المغاربة يتقاسمون اليوم الاقتناع بأن استقلال القضاء يشكل قوام دولة الحق والقانون التي قطع المغرب في بناء صرحها أشواطا نوعية ووازنة بقيادة جلالة الملك أعزه الله.
الهيئة الاستشارية :
ما هو تصوركم لإحداث لجنة وطنية لإصلاح القضاء؟ وهل يمكن الآن الحديث عن برنامج وفريق للإنجاز وتحديد سقف زمني محدد على الأمد القريب والمتوسط والبعيد؟
لقد أعلن جلالة الملك نصره الله في خطابه التاريخي ليوم 20 غشت 2009 عن إيجاد هيئة استشارية قارة، تعددية وتمثيلية، تتيح للقضاء الانفتاح على محيطه، وتشكل إطارا مؤسسيا للتفكير وتبادل الخبرات، بشأن القضايا ذات الصلة بالعدالة، وذلك في احترام لصلاحيات المؤسسات الدستورية، واستقلال السلطة القضائية، واختصاصات السلطات العمومية. ومن جهة أخرى، فقد حث جلالة الملك على اتباع المنهجية التشاورية والإدماجية في بلورة مخطط الإصلاح، وقد قامت الوزارة بالفعل بفتح مشاورات موسعة مع مختلف الفعاليات المعنية بهذا الخصوص، وتمت استشارتها كذلك بشأن مشاريع القوانين المرتبطة بالإصلاح القضائي.
هل تفكرون في الهيكلة القطاعية لمساعدي القضاء عبر إيجاد إطار موحد يتسع لكل هذه المكونات المنتجة لمنطوق الحكم القضائي بهدف ترجمة الإصلاح على أرض الواقع، وتذويب الخلافات وربح الوقت والجهد؟
لقد حث صاحب الجلالة على ضرورة إشراك مختلف القطاعات المعنية في بلورة مخطط الإصلاح، وقد تم في إطار المنهجية التشاورية والإدماجية استشارة مختلف المهن القضائية حول موضوع ومشاريع الإصلاح وأخذ بالكثير من المقترحات التي تم تقديمها بهذا الخصوص.
ديناميكية في التكوين بالمعهد :
ما هو دور الوزارة في تكوين مساعدي القضاء على غرار تكوين القضاة؟
يجب التذكير هنا بأن المعهد العالي للقضاء فضلا عن تكوينه لأفواج من القضاة والموظفين التي تم توظيفها، فإنه كون هذه السنة الكثير من مساعدي القضاء، ومن ذلك 520 مفوض قضائي، و500 عدل، إضافة إلى تنظيم مختلف الندوات التي تعقد بشراكات مع باقي المهن القضائية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن وزارة العدل تولي لموضوع التكوين أهمية بالغة سواء تعلق الأمر بالتكوين الإعدادي أو التكوين المستمر. وهكذا فقد تم الرفع من مدة تكوين الموظفين بالمعهد إلى مدة شهرين، حيث استفاد هذه السنة 654 محرر قضائي (فوج التقنيين) من تكوين إعدادي، التحق بعده المعنيون بالمحاكم لتنظم لهم فيما بعد حلقات تكوين تخصصي. كما بلغ عدد المستفيدين من التكوين المستمر 1.700 قاض وموظف ضمن البرنامج المنجز على صعيد المعهد العالي للقضاء، و1.681 قاض وموظف برسم التكوين الذي تنفذه مديريات الوزارة، وحتى يستطيع المعهد العالي للقضاء بالرباط استيعاب هذه الأفواج الضخمة من المستفيدين من التكوين، فقد اقتنت وزارة العدل خمسة هكتارات بالعاصمة الإدارية للمملكة من أجل بناء مشروع مركب عصري للمعهد العالي للقضاء كما أسلفنا، والذي من شأنه أن يستوعب بالإضافة لتكوين القضاة والموظفين، تكوين المحامين ومختلف المهن القضائية. ولا حاجة للتأكيد في هذا السياق على أن التكوين يشكل مدخلا ضروريا للتأهيل المتجدد وللتنمية المهنية المستمرة، لا سيما بالنسبة للمهن المرتبطة بالعدالة التي تظل مدعوة، على الدوام، لمواكبة تطور المجتمع والانفتاح على التجارب الدولية الناجحة، لذلك فإن رهاننا، بالنسبة للتكوين، هو، علاوة على توفير الوسائل المادية وتوسيع الطاقة الاستيعابية، إصلاح برامج التكوين ومناهجه وأدواته ليكون في مستوى المنظومات القانونية والقضائية الناجحة على الصعيد الدولي.
لنضع النظام الأساسي لكتابة الضبط : يلاحظ البعض أنكم تتعاملون مع بعض القضايا ب »منطق » المحامي كتساهلكم مع حالات الإضراب المستمرة من طرف كتاب الضبط؟
أعتقد بأن الإنسان أحيانا يتبنى بعض القضايا عندما يعتبر مثلا بأن هناك قضية عادلة، وكما تبنيت قضايا أُناس عُرضوا على المحاكم، فإني أعتبر بأن قضية كتابة الضبط تحتاج إلى نوع من الاهتمام الخاص، فهي جهاز تقريبا كان موضوع إهمال لسنين طويلة إن لم أقل لعقود، حيث وقع شرخ بين مهنة الوظيفة في كتابة الضبط والمهام القضائية، وإذا كانت الأوضاع المادية للقضاة قد تحسنت فإن الأوضاع المادية لكتابة الضبط لم تتحسن، والتي تعتبر أحد المكونات الأساسية لجهاز القضاء ولا تفترق عنه، بل يستحيل أن تنعقد جلسة للمحاكمة كيفما كان نوعها بدونها، باستثناء القضايا التي يبت فيها رئيس المحكمة في القضايا الولائية بناء على الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية، مما يعني أن جميع القضايا لا يمكن أن تنعقد الجلسة (سواء كانت فردية أو جماعية) دون حضور كاتب الضبط. وما دمنا ننادي باستقلال القضاء، فلا يتصور أن يكون هناك استقلال للقضاء دون أن يكون من ضمنه جهاز كتابة الضبط، ونظراً للوضعية المزرية لكتابة الضبط، فإني تبنيت هذه القضية ودافعت عنها أمام الوزير الأول ووزير الاقتصاد والمالية والمسؤولين بمجلس الحكومة. صحيح أن العالم، اليوم، يعاني من أزمة اقتصادية تنعكس على اقتصاد بلادنا، غير أن ذلك لا يمنع من بدل المزيد من الجهد لإنصاف هذه الفئة، بتحسين أوضاعها وظروف عملها. وفي سياق هذه الجهود سأعمل في إطار الحكومة على أن تُقر بأحقية كتابة الضبط في الحصول على النظام الأساسي وعلى التعويضات المرتبطة بها وهي جهود تندرج في صميم التوجيهات الملكية السامية الواردة في مناسبتين اثنتين (خطبتين اثنتين) تاريخيتين، الأولى في يناير 2003 والثانية في 20 غشت 2009، حيث أمر جلالته الحكومة بوضع نظام أساسي لكتابة الضبط يكون محفزا، وليس هناك شيء أوضح من هذا، فلنضع النظام الأساسي لكتابة الضبط ليكون محفزاً لتحسين أوضاع هؤلاء الناس المؤتمنين على قضايا الودائع والأموال والملفات... إلخ، لأنه لا يعقل أن تبقى أوضاعهم على حالتها.
التواصل لمواكبة جهود الإصلاح :
ألا ترون أن من بين الأسباب المؤثرة سلبا على المردود القضائي ضعف بل غياب التواصل بين مكونات العدالة؟
التواصل مسألة حيوية في كل قطاع، سواء كان تواصلا داخليا أو تواصلا خارجيا، لأن هدف التواصل ليس هو الإعلام فقط، بل التحسيس بجهود الإصلاح بهدف إشراك جميع الفعاليات في هذه العملية. إن الوسط القضائي في مختلف الدول معروف بقلة التواصل، لكن الجميع أصبح اليوم واعيا بأهميته في مواكبة جهود الإصلاح. وقد نفذت وزارة العدل مخططات للتواصل وتقوية قدرة المحاكم على ذلك، سواء عن طريق استخدام التكنولوجيا الحديثة والأنترنيت أو من خلال المنشورات والمطبوعات المختلفة، إذ وضعنا عدة برامج تضمن انفتاح القضاء على محيطه، بما في ذلك نهج سياسة الأبواب المفتوحة التي تمكن من الاطلاع على النشاط القضائي للمحاكم وجهود الإصلاح والمنجزات التي تم تحقيقها. النيابة العامة ستتدخل في موضوع الودائع إذا لم يتم حل المشاكل العالقة : السيد الوزير مادمتم تتكلمون على جهاز العدالة، هل هناك تصور لإصلاح المهن القضائية المساعدة للعدالة، من محامين وموثقين وخبراء...إلخ، ونستحضر هنا على سبيل المثال تداعيات مقتضى الفصل 57 من قانون المحاماة؟ ما أتمناه أستاذي العزيز هو أن تقوم كل مهنة بإصلاح ذاتها، وكنا دائماً ننادي باستقلال مهنة المحاماة ولا يعقل أن أكون أول من يتدخل لإصلاحها، لكن إذا كان ذلك ضروريا فسأتدخل لإصلاحها، وهناك أوضاع غير مقبولة، ولعلك أشرت إلى الحالات المتعلقة بالتصرف في الودائع، ولا أتصور شخصيا أن يتصرف المحامي في ودائع الناس لأن ذلك يعتبر خيانة للأمانة، إذ كنت في إطار زيارتي للدوائر القضائية أحرص في البداية على أن أستقبل المحامين لأنهم ممثلوا المواطنين والمتقاضين، لكي أستمع إليهم وأبلغ المسؤولين القضائيين الذين أستقبلهم في مرحلة لاحقة بطلبات المحامين وشكاياتهم...إلخ، كما أنه كلما استقبلت مسؤولي هيئات المحامين أذكرهم بضرورة حل المشاكل، من بينها الودائع. كما قلت لمسؤولي جمعية هيئات المحامين بالمغرب حينما استقبلتهم بمقر وزارة العدل بأنه إذا تم حل المشاكل رضائيا من طرف المحامين وأدوا لموكليهم المبالغ التي تنوبهم، فإني كرئيس للنيابة العامة سأطلب من هذه الأخيرة عدم الالتفات إلى القرارات التي تتخذها هيئات المحامين في الموضوع، لكن إذا لم تقم الهيئات المعنية بذلك ولم يستجب المحامون المعنيون لطلبات أداء ما بذمتهم فلا بد أن تتدخل النيابة العامة، لكونها تتبع ملفات المهنة، إما لحثهم على الأداء وإما بتقديمهم إلى المحاكمة كباقي الناس.
محاكم ألغت الأنظمة الداخلية للمحامين :
(مقاطعا) وماذا عن إعمال مقتضيات المادة 57 من قانون مهنة المحاماة؟
كما قلت لكم إن وزارة العدل لا تتدخل في سير هيئات المحامين، لكن هناك مقتضيات قانونية وبصفة خاصة الفصل 57 من قانون المحاماة، هذا الفصل كما تعلمون استُحدث لسبب واضح هو حل المشاكل المتعلقة بودائع الزبناء/الموكلين، كما طُلب من هيئات المحامين أن تضعه في برامجها في إطار نظامها الداخلي، وذلك لوضع آلية لحل المشاكل المتعلقة بالودائع، لأن هذه الأخيرة تمر إجباريا بواسطة هيئات المحامين. ومعلوم أن الهيئات التي وضعت نظاماً داخليا يطبق تطبيقاً سليماً مقتضيات الفصل 57 لا مشاكل لديها، في حين أن أخرى أقرت أنظمة غير مطابقة لأحكام هذا الفصل مما جعل النيابة العامة تتقدم بطعون في مواجهة هذه الأنظمة الداخلية، وحسب علمي فإن هناك قرارات صدرت عن أربع محاكم استئنافية ألغت فيها هذه الأنظمة الداخلية، وطلبنا من هيئات المحامين أن تسوي وضعيتها، وأعتقد أن هناك هيئة أو هيئتين طلبتا أجلاً لتسوية وضعيتهما، كما اتصلنا بصندوق الإيداع والتدبير المكلف بالتوصل بالودائع المتعلقة بالمحامين لنُحدد خطة عملية وطريقة مُثلى لتطبيق الفصل 57 من القانون المنظم لمهنة المحاماة وأعطينا هذا التفسير واتفقنا مع بعض الهيئات على حل مشاكلها على هذا النحو. أما فيما يتعلق أستاذي العزيز بمهنة التوثيق فكما تعلمون فإن مشروع القانوني المتعلق بتنظيم هذه المهنة سيعرض على مجلس المستشارين بعد إقراره من طرف مجلس الحكومة ومجلس الوزراء ثم مجلس النواب، وبطبيعة الحال فإن الموثقين مثلهم مثل المحامين الذين يتصرفون في الودائع، ومن تم فإننا قمنا إزاءهم بنفس الإجراءات التي سلكناها اتجاه المحامين، كما أننا طلبنا من النيابة العامة أن تراقب حسابات مختلف الموثقين الذين يعملون في دائرة نفوذها.
التحقيق يكون لفائدة المتهم وضده :
الامتناع عن تسليم المحامي وثائق الملف فيه مساس بحقوق الدفاع، وتغليب كفة جهة الادعاء العام على حق الدفاع، ألا ترون ضرورة تدخل المشرع لمعالجة هذا الخلل؟
من جملة النصوص التي نشتغل عليها الآن تلك المتعلقة بتغيير قانون المسطرة الجنائية، وما يمكنني أن أؤكده لك في هذا الإطار هو أنه لا شيء يعتبر شيئا جامدا غير قابل للمناقشة، وإذا تبين بأن حقوق الدفاع والتوازن الذي يجب أن يتم فيه التحقيق مختل فسنتدخل، علما أن التحقيق يكون لفائدة المتهم وضده، هذا الجانب الذي هو لفائدة المتهم يجب ربما ترجيحه على الجانب الآخر، لأنه إلى جانب الدفاع لفائدة المتهم هناك قرينة البراءة، إذ يجب أن يتعامل مع المتهم المعروض على قاضي التحقيق، مادام -رغم أنه اتهمه- لم يدن بصفة نهائية بأنه بريء، وقرينة البراءة تقتضي من قاضي التحقيق أن يبحث كذلك على الجوانب التي هي في صالحه، وأقول لك من وجهة نظري الشخصية لا أرى أي مانع في تعديل المقتضيات القانونية التي يمكن أن يكون فيها مساس بحقوق الدفاع، وتعلم بأننا نعمل في هذا الصدد بالتوافق والتشاور مع المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي أبدى عدة ملاحظات فيما يتعلق بتعديل قانون المسطرة الجنائية، حيث إن أغلب هذه الملاحظات أُخذت بعين الاعتبار فيما نعده من مشروع لقانون المسطرة الجنائية.
تتبع وضعية الخبراء :
يثير جهاز الخبراء الكثير من التساؤلات، حيث هناك من يدعي أن عدداً منهم أفسدوا بعض المحاكم التجارية، هل من تفكير لإعادة هيكلة هذا القطاع وخلق جهاز للمراقبة خاصة أن بعض الخبراء أصبحوا يتصرفون أحيانا في بعض الخبرات تجاوزاً حتى للسلطات التي تمنح لهم من خلال الأحكام القضائية؟
كما تعلمون فإن أوضاع ومسيرة الخبراء تتتبعها وزارة العدل على غرار مهن قضائية أخرى، ولكن رصد المشاكل المتعلقة بهم تبقى رهينة بتبليغها إلى المصالح المختصة لهذه الوزارة، وإذا لم يكن المواطن وبصفة خاصة المحامون يبلغون وزارة العدل بالمخالفات والأمور التي يلاحظونها فيما يتعلق بسلوكات بعض الخبراء، فبطبيعة الحال لا يمكن أن نعمل شيئا بالنسبة إليهم، كما أن المحاكم خاصة منها الاستئنافية عندما يبلغ إلى علم مسؤوليها أمور مثل هذه تتخذ الإجراءات الضرورية المنصوص عليها في القانون. إن القضاة في المحاكم ملزمون بالتحري والتأكد مما يرد في تقارير الخبراء وأن لا يُفوِّض البعض منهم اختصاصاتهم للخبراء، لأن الذي يقع في بعض الأحيان هو ما يسمى باللغة الفرنسية (la justice déléguée) أي القضاء المُفوَّض، أي أن القاضي قبل أن يعتمد على معرفته وعلمه وكذا على تفحص تقارير الخبرة وتمحيصها يتبنى في أحيان كثيرة ما يجد في تقارير الخبراء، مما يؤكد أن للقضاء دور في المراقبة والتتبع.
تدعيم وإحداث مفتشيات جهوية :
ألا تعتقدون بأنَّ الوقت قد حان لإعادة هيكلة المفتشية وإعادة النظر في الوسائل العتيقة خاصة أن الطريقة المتبعة أضحت غير مجدية نظراً لكثرة الشكايات وقلة النتائج، وماذا عن علاقة هذا الجهاز باستقلالية القضاء؟
حقيقة أن عدد المفتشين حالياً غير كاف، فلهذا فإن تفكيرنا متجه إلى إحداث تفتيشات جهوية وتدعيم التفتيش المركزي بعدد أكبر من السادة القضاة الذين نأخذهم عادة من قضاة الدرجة الاستثنائية وأقلها هي الدرجة الأولى والذين يقومون بدور مهم، وقد طلبنا تدعيم التفتيشية المركزية بعدد من السادة القضاة، وأعتقد أن ذلك سيتم قريبا بحول الله بعد موافقة جلالة الملك على المقترحات التي قدمناها له في هذا الشأن، ثم أننا نفكر في إنشاء تفتيشات جهوية حتى نتمكن من التدخل بسرعة عندما يتطلب الأمر ذلك. إن التفتيش لا يعني إطلاقا التدخل في سير القضاء، لأن هذه العملية تقع بعد صدور حكم، أي أنه يكون بعديا وينصب حول دراسة الملف ومحتوياته، وهل الحكم يبدو جليا وفي محله، أم هناك غلط، وخطأ فادح؟ أم أن هناك أمورا أخرى ليست ناتجة عن خطإ، باعتبار أن الخطأ بشري، ثم إن الاستئناف ووسائل الطعن قد استُحدثت لحل مثل هذه المشاكل. وفي نفس السياق يوجد التفتيش التسلسلي الذي يقوم به الرؤساء الأولون، وهذا التفتيش يعطينا كذلك فكرة عن سير المحاكم، وعمل القضاة، وهذا ليس فيه أي تدخل في الأحكام التي يصدرها القضاء الجالس.
تحمل المسؤولية بالتبعية :
في ذات السياق ألا ترون أنه حان الوقت لتحميل مسؤولي المحاكم مسؤولية تقاعسهم في حالة وجود تلاعبات لقضاة تحت مسؤوليتهم؟
جواب : أستاذي العزيز أولا يجب أن نذكر بأن مثل هذه القرارات لا يتخذها وزير العدل وإنما تتم من طرف المجلس الأعلى للقضاء على إثر توصله بتقارير المفتشية العامة، أو بتقارير أمانة المجلس الواردة عبر بعض التَّشكيات أو التظلمات... وأساسا عبر الاطلاع على التقارير التي ترصدها المفتشية العامة وكذلك التفتيش التسلسلي، لتتم متابعة القاضي الذي ارتكب فعلا من الأفعال أو تقصيرا أو غير ذلك، كما أنه إذا ثبت بأن هناك تقاعساً من رئيسه المسؤول فإنه بالتبعية يتحمل المسؤولية، كما حدث أخيرا بالنسبة لأحد المسؤولين القضائيين في النيابة العامة الذي ارتكب أحد مساعديه خطأ فعوقب باعتباره مقصرا.
مشروع قانون المجلس الأعلى للقضاء :
أين وصل مشروع قانون المجلس الأعلى للقضاء؟
كما تعلمون فإن رئاسة المجلس الأعلى للقضاء تؤول إلى جلالة الملك بمقتضى الدستور والمقترحات المتعلقة بإصلاحه أُحيلت على جلالته.
إعادة النظر في الخريطة القضائية :
هل هناك مشروع لتطوير المحاكم من قبيل المحاكم الاستئنافية الإدارية، وإعادة انتشارها وإخراج مجلس الدولة إلى حيز الوجود؟
هذا الأمر يدخل في إطار إعادة النظر في الخريطة القضائية، ونحن ندرس بعد أن وصلتني مختلف التقارير المتعلقة بعمل المحاكم المتخصصة، سواء منها التجارية، أو الإدارية لمعرفة ما هي المحاكم التي يجب الإبقاء عليها وما يمكن إلغاؤها، واستحداثها، فمثلا هل يجب أن نستحدث محكمة استئناف إدارية إضافية ومحاكم استئناف تجارية؟ وهل من الضرورة أن نُحدث محكمة استئناف تجارية في مدينة الرباط التي هي عاصمة المملكة، وفي تصوري فإن العاصمة لابد أن تتوفر على جميع أصناف المحاكم ابتدائية واستئنافية؟ وهذا كله موضوع دراسة مدققة ونحاول أن نعرف ما هي مصادر القضايا التي تعرض على مختلف المحاكم، وعلى أساس ذلك سنقرر إعداد مشروع المرسوم المتعلق بإحداث أو بإلغاء بعض المحاكم.
تطوير التكوين القضائي :
يلاحظ أن المسؤولية القضائية تمنح للقضاة في عز شبابهم، ألا تعتقدون بضرورة مراجعة سن تعيينهم ومنحهم الوقت اللازم للاستفادة من تجارب الحياة وكذا طريقة تكوينهم؟
نحن نقوم حاليا بدراسة تتعلق بتطوير التكوين القضائي الذي لا يقتصر على القضاة وحدهم كمكونين ومؤطرين، بل يجب أن ينضاف إليهم كذلك بعض الأساتذة الجامعيين والمحامين المتميزين، وكذلك بعض المهنيين الآخرين الذين يمكن أن يُفيدوا في تكوين القاضي، حيث يجب أن يكون تكوينا متعدد الجوانب والمناحي. وكما تعلمون فرغبتنا في تطوير هذا التكوين جعلتنا نفكر في إنشاء مركب جامعي، حيث اقتنينا أرضا بخمسة هكتارات، ليكون مركزا إشعاعيا يتكون فيه ليس القضاة فقط، بل كذلك مختلف مساعدي القضاء، بما فيهم المحامون، لأنه لا يعقل أن ينص قانون المحاماة على أن هناك شروطا لولوج المهنة يجب أن تتوفر في المرشح من ضمنها الحصول على الإجازة، لكن شهادة الأهلية تسلمها مؤسسة تُحدث بمقتضى نص تنظيمي، إلا أنه بالرغم من كون هذا النص يرجع تاريخه إلى أكثر من 17 سنة، فإن هذه المؤسسة لم تُحدَث، وهذا الأمر يعود السبب فيه إلى الحكومة، يعني وزارة العدل من جهة، وكذلك إلى المحامين.
الملف معروض على الجهة المختصة :
أين وصلت قضية القاضيين الموقوفين؟
جواب : هذا الملف كما تعلمون فإن شقا منه يتعلق بأحد السادة القضاة كان قد طعن في قرار التوقيف الذي أصدره وزير العدل بناء على النصوص المنظمة لهذا الأمر بعد استشارة المجلس الأعلى للقضاء بالرغم من أن وزير العدل لم يكن في حاجة إلى استشارة، لكنه (وزير العدل) فضل أن يستشير المجلس، واتُّخذ القرار بموافقة المجلس الأعلى للقضاء، وهذا الطعن كما تعلمون تم رفضه من طرف المحكمة الإدارية بالرباط، كما تم رفض القرار الرامي إلى إيقاف تنفيذ قرار وزير العدل. ومن جهة أخرى، كما تعلمون، فإن أمر هذين القاضيين معروض على المجلس الأعلى للقضاء ليبت فيه ولا يمكنني أن أتحدث عن قضية معروضة على المجلس الأعلى للقضاء.
قضايا المال العام والغرف المتخصصة :
ألا تعتقدون أن قضايا المال العام تفرض التخصص، بدءا من الشرطة القضائية وقضاة التحقيق، والنيابة العامة، وهيئات الحكم، انسجاما مع خطاب جلالة الملك الوارد بشأن دراسة وضعية المحكمة الملغاة سنة 2004، وما تحتمه طبيعة هذه القضايا، فضلا عن تصريحات مسؤولي وزارة العدل، وما يجري العمل به في عدد من القوانين المقارنة؟
نحن حريصون على توفير قضاة متخصصين في قضايا الجرائم المالية، وقد تم إيفاد الكثير من القضاة للتكوين على هذا الموضوع في إطار برامج التعاون الدولي وعقدت عدة ندوات ودورات تكوينية بهذا الخصوص، وشارك في هذه الندوات وحدات من الضابطة القضائية المعنية بالموضوع.
لماذا لا تشمل الغرف المتخصصة قضايا مكافحة الإرهاب والأموال العمومية التي تدرج ملفاتها بجلسات الضرب والجرح والفساد والتغرير بقاصر...إلخ، علما أن وزارتكم في أحد مشاريع قوانينها الأخيرة تتطرق إلى خلق غرف متخصصة؟
إن الاختصاص في قضايا الإرهاب موكول إلى محكمة الاستئناف بالرباط. أما بالنسبة لباقي المواضيع فهناك حرص على إفراد قضايا معينة بجلسات خاصة، كما تم بشأن قضايا الصحافة التي يباشرها قضاة لهم دراية في هذا النوع من القضايا.
اتخاذ الإجراءات في 10 ملفات :
لماذا يظل وزير العدل مُحتفظاً بحالة الاستثناء من خلال بسط يده على عمل المجلس الأعلى للحسابات في القضايا المكتسبة للصبغة الجنائية، علما أن هذا الاستثناء كان موضوع مؤاخذة من قبل القوى الحية والديمقراطية في البلاد؟
إذا كان الأمر يتعلق بأفعال يظهر أنها قد تستوجب عقوبة جنائية، فإن الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات، وتطبيقا لمقتضيات المادتين 111 و162 من مدونة المحاكم المالية، يرفع الأمر من تلقاء نفسه أو بطلب من الرئيس الأول للمجلس إلى وزير العدل قصد اتخاذ ما يراه ملائما. وقد سبق أن وضحت في لقاءات سابقة بأن جميع القضايا التي تحال على وزارة العدل من طرف السيد الوكيل العام للملك للمجلس الأعلى للحسابات قد تمت إحالتها فورا على النيابة العامة، ولا يتصور أن تصل الملفات المذكورة إلى وزارة العدل على الشكل المنصوص عليه في القانون دون أن تقوم وزارة العدل بما يجب بشأنها، ويكفي أن أذكركم بأن وزارة العدل توصلت هذه السنة ب10 ملفات من السيد الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات اتخذت بشأنها الإجراءات اللازمة.
دراسة كلفة التقاضي :
كم تقدر كلفة التقاضي بالمغرب، بدءا من عملية حسابية لمحاضر الشرطة القضائية؟
يحتاج الأمر لدراسة اقتصادية دقيقة ومعقدة، وذلك بخصوص كل صنف من أصناف القضايا، . نحن بصدد إعداد دراسات من هذا النوع بما في ذلك ما يتعلق دراسة زمن التقاضي، لكن بكل تبسيط يمكن الحصول على مؤشرات كلفة التقاضي من خلال الميزانية المخصصة لقطاع العدل.
تشجيع الاستثمار :
ماذا عن مساهمة وزارتكم في جلب الاستثمارات؟ يلعب القضاء دوراً هاماً في المساهمة في التنمية وتشجيع الاستثمار كما حث على ذلك صاحب الجلالة في الكثير من خطبه السامية، فمساهمة القضاء تتجلى في توفير الأمن القانوني والقضائي، وسيادة الثقة، واستقرار المعاملات. وقد لعبت المحاكم التجارية دورا كبيرا بهذا الخصوص باعتبارها تباشر قضايا استثمارية ضخمة ومعقدة تبت فيها بمهنية مشهود بها.
هل ستحضرون لمؤتمر جمعية هيئات المحامين بالمغرب المرتقب عقده في أكادير في شهر ماي المقبل؟إذا دُعيت للمؤتمر سأحضر، وأنتهز هذه الفرصة لأأكد على أنه مهما كانت القضايا التي سيعالجها هذا المؤتمر فإنني، مع كامل متمنياتي لهذا اللقاء المهم، بالنجاح والتوفيق، أتمنى أن يشكل مناسبة لإذكاء تعبيئة كل المشتغلين في حقل العدالة من أجل إنجاح ورش إصلاح القضاء، الذي يقع في صميم المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي والذي ما فتئت بلادنا ترسخ دعائمه في تلاحم وثيق بين جلالة الملك نصره الله والشعب المغربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.