فابريس راندو سعت الحكومة الفرنسية الثلاثاء الى الخروج من دوامة الفضائح المتتالية التي تهزها, عبر اقرار اصلاح جذري لنظام التقاعد, غداة مقابلة تلفزيونية استثنائية اجراها الرئيس نيكولا ساركوزي. وقال رئيس الجمهورية خلال الجلسة التي اقر فيها مجلس الوزاء مشروع القانون, الذي يعتبره ساركوزي اهم اصلاح في النصف الثاني من ولايته, "هذا يوم مهم جدا". وجدد نيكولا ساركوزي مساء الاثنين التأكيد على ان وزير العمل اريك فيرت هو الذي سيدافع في ايلول/سبتمبر عن مشروع قانون الاصلاح امام البرلمان, واصفا ب"الافتراء" الاتهامات التي وجهت الى وزيره في قضية التهرب الضريبي السياسية-القضائية لوريثة عملاقة مستحضرات التجميل "لوريال" ليليان بيتانكور, اثرى امرأة في فرنسا. وعلى الرغم من الاحتجاجات الشعبية الضخمة ضد هذا المشروع, حيث نزل الى الشارع في 24 حزيران/يونيو ما بين 800 الف ومليوني شخص, لم يبد الرئيس اي تراجع حيال البند الاساسي في مشروع القانون وهو تأخير سن التقاعد من 60 الى 62 عاما, محذرا من ان التظاهرات الاحتجاجية المرتقبة لن تغير في الامر شيئا. واعرب برنار تيبو الامين العام للنقابة العامة للعمل "سي جي تي" (النقابة الاكبر في فرنسا) عن اسفه لكون ساركوزي "لم يتزحزح قيد انملة" عن موقفه, في حين اكد فرانسوا شيريك من نقابة "سي اف دي تي" بانه "ليس واردا على الاطلاق ان نكون تصالحيين". وتعتزم النقابات تنظيم تحرك احتجاجي جديد في 7 ايلول/سبتمبر, حين ستبدأ الجمعية الوطنية بمناقشة مشروع القانون. ومع هبوط شعبيته الى ادنى مستوياتها بحسب استطلاعات الرأي فان الرئيس يعول على هذا الاصلاح لاستعادة زمام المبادرة ودعم ترشيحه للعام 2012. ودافع ساركوزي مطولا الاثنين عن هذا الاصلاح, مهاجما المعارضة حول خياراتها الاقتصادية في محاولة منه لتحويل الانظار عن سلسلة الفضائح التي تصدم الفرنسيين في العمق منذ قرابة الشهر, والمتعلقة بتضارب المصالح او استغلال الاموال العامة, وهو ما دفع اثنين من وزرائه الى الاستقالة. اما في ما يختص قضية بيتانكور فاعتبر ساركوزي ان وزير العمل "بعيد عن اي شبهة" بعدما صدر تقرير اداري حول ادارة ثروة المليارديرة اكد ان فيرت لم يغط عمليات تهرب ضريبي محتملة عندما كان وزيرا للميزان (2007-آذار/مارس 2010). واتهم اريك فيرت بتضارب المصالح وخصوصا على الصعيد المالي, وبتمويل سياسي غير قانوني لحملة ساركوزي العام 2007 على خلفية قضايا متعددة الجانب تتصل بليليان بيتانكور وريثة مجموعة "لوريال". ويتهم فيرت ايضا ب"تضارب المصالح" كونه لم يكن فقط انذاك امين خزينة الحزب الحاكم +الاتحاد من اجل حركة شعبية+, بل ان زوجته فلورانس كانت تدير قسما من ثورة بيتانكور. ومع اقراره بان هذه السجالات "مضيعة للوقت" اقر ساركوزي بطريقة غير مباشرة بحصول تمويل وذلك عبر توجيهه "نصيحة" الى فيرت بالاستقالة من منصبه كأمين لخزينة حزب "الاتحاد من اجل حركة شعبية" الذي يتزعمه. واعلن الرئيس تشكيل لجنة تعددية لاعادة النظر في القانون المتعلق بتضارب المصالح, الامر الذي اثار سخرية المعارضة. وقالت زعيمة الحزب الاشتراكي مارتين اوبري "ان نصبح بحاجة الى قانون لكي نطلب من السياسيين والسياسيات عدم استخدام اموال الدولة, فهو امر يدفعنا للسؤال +اين نحن ?!+". وجددت اوبري مطالبتها بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية وتعيين قاضي تحقيق مستقل في الوقت الذي تتولى فيه التحقيقات القضائية الثلاثة الجارية في قضية بيتانكور النيابة العامة وهي جهة تتبع للسلطة التنفيذية. ويتعلق احد التحقيقات بامكان ان تكون حملة الانتخابات الرئاسية لساركوزي في 2007 تلقت تمويلا غير شرعي من بيتانكور بواسطة فيرت المتهم بتسلم الاموال من المحاسب السابق لبيتانكور, وهو اتهام لم يتم سؤال الرئيس عنه خلال المقابلة.