لم يطفئ نيكولا ساركوزي شمعته الأولى، وهو متربع على عرش كرسي الجمهورية الفرنسية الخامسة، في أجواء هانئة، بعد أن نجح في الخروج من معطف الأب شيراك، وبعد أن وعد الفرنسيين بأنه سيكون «رئيس القدرة الشرائية»، ببلاغة سياسية ثاقبة أعمت عيون الفرنسيين الذي حملوه بأصواتهم إلى قصر الإليزيه. هدية الإعلام الفرنسي في الذكرى الأولى من انتخاب ساركوزي رئيسا لفرنسا جاءت من خلال نشر صحيفة «لوباريزيان» أمس الخميس لنتائج استطلاع للرأي يتبوأ فيه الرئيس الفرنسي المرتبة الأخيرة ضمن قائمة رؤساء فرنسا الذي نالوا ثقة الفرنسيين خلال فترة الجمهورية الخامسة، حيث حصل ساركوزي على نسبة 40 في المائة مسبوقا بفاليري جيسكار ديستان ب56 في المائة، وجاك شيراك بنسبة 66 في المائة، وجورج بومبيدو ب69 في المائة، وفرانسوا ميتران بنسبة 74 في المائة، وفي المركز الأول الجنرال دوغول الذي نال 88 في المائة من ثقة الفرنسيين. نشر نتائج استطلاع الرأي جاء بالتزامن أمس الخميس مع مقابلة تلفزيونية خصها ساركوزي لأبرز وأشهر مقدمي نشرات الأخبار الفرنسية، في محاولة منه لخطب ود مواطنيه والإعلان عن سلسلة من الإصلاحات السياسية والدستورية التي يعول عليها لاستعادة الثقة التي فقدها خلال سنة قضاها مشغولا بالزواج والطلاق والمغامرات العاطفية والخرجات الإعلامية التي جعلته يتصدر أغلفة كبريات صحف المشاهير. فصحيفة «ليبيراسيون» المعارضة واصلت انتقادها لسياسة ساركوزي، وكتبت قبل يومين في افتتاحيتها أن «الفرنسيين ليسوا معارضين للإصلاحات، لكنهم ما عادوا يصدقون هذا الرئيس الذي، وبعد 12 شهرا من ممارسة فوضوية للسلطة، لم يقدم لهم خارطة طريق يستهدون بها». وقد اتهمت مارين لوبين، ابنة زعيم اليمين المتطرف ونائبته بحزب الجبهة الوطنية، ساركوزي ب«خداع الفرنسيين بخصوص أهدافه»، مضيفة، في تصريحات صحفية لوكالة الأنباء الفرنسية، أن ساركوزي «لا يعرف أين يتجه»، كما علقت على مداخلته التلفزية بأنها «تمرين كلامي، وأننا لا نسدد للفرنسيين رواتبهم بالكلام»، على حد قولها. فبعد مجلة «باري ماتش» التي نشرت أمس استطلاعا آخر للرأي يفيد بكون 72 في المائة من الفرنسيين غير راضين عن حصيلة أعمال ساركوزي، وصفت إذاعة «فرانس آنفو» الرئيس الفرنسي بكونه حطم الرقم القياسي الرئاسي في معدل هبوط الشعبية، حتى إن أغلب افتتاحيات الصحف الأوربية مازالت تتساءل باستغراب كيف أقبل الفرنسيون قبل سنة من اليوم بحماس زائد على انتخاب ساركوزي رئيسا للبلاد؟