جرى أول أمس، ولأول مرة، على صعيد التلفزيون العمومي الفرنسي كشف ألقاب سرية يتهامسها قلة قليلة من المقربين من الزوج الرئاسي لقصر الإليزيه الفرنسي، ففي برنامج «قلنا كل شيء» على القناة الثانية لمقدمه الصحفي الساخر لوران روكيي، عَلم الفرنسيون أن رئيسهم ساركوزي يُنادي زوجته الجديدة باسم «كارليتا»، فيما هي تناديه ب«مينوش». فحكايات ساركوزي وكارلا أضحت مادة إعلامية يومية، أدمن عليها الفرنسيون لا لروعتها، بل فقط لأنها تنفس عليهم ارتفاع تكلفة المعيشة وتؤنسهم في الليل أمام شاشة التلفزيون وغزارة برامجه السياسية الساخرة التي حولت رئيس الجمهورية إلى ممثل تافه وتائه أقرب إلى صورة «ميستر بين» البريطاني، أو «تان تان» البلجيكي، كما سماه مؤخرا زعيم اليمين الفرنسي المتطرف جون ماري لوبين. الصورة السياسية في عالم الأنترنيت أضحت أداة تربية وإعادة التربية للسياسيين، وساركوزي تأدب سياسيا بعد انزلاقاته العمومية التي أرخها بكلامه النابي في معرض الفلاحة الأخير، حتى إن فيديو جديدا يبث حاليا يبين كيف أن رئيس الجمهورية الفرنسية أضحى مثل قط ناعم بلا أظافر وبلا لسان وقح، لما رفضت مستخدمة في صالون تجميل مصافحته، فيما ظل هو يبتسم لها بتأدب ويسألها عن حالها. ووسط قفة السياسة المثقوبة التي كلفت ساركوزي حياته الزوجية، ورمته بين أحضان عارضة أزياء وقهقهات السخرية السوداء للإعلام ولمعارضيه، فقط من أجل كرسي الجمهورية التي رفضت سيسيليا أن يكون لها مقعد بجانبه تشتم فيه رائحة السلطة الأولى للبلاد، تأتي أنباء غارقة في العتمة تفيد بأن جاك شيراك لم يضع الفأس نهائيا، وأنه قادم من خلف الهامش السياسي. الأنباء تقول إن شيراك يحضر نفسه لانتخابات مجلس الشيوخ، الغرفة العليا للبرلمان الفرنسي، وفي حال فوزه المنتظر، سيقدم ترشيحه لجلسة انتخاب رئيس مجلس الشيوخ، وهي العملية التي ينتظر أن يتم ترتيبها بعناية حتى يضمن لنفسه صفة دستورية جديدة ستجعله يرتقي إلى المرتبة الثانية بروتكوليا في هرم الجمهورية الفرنسية من حيث الأهمية. وفي حال انتخاب جاك شيراك المنتظر عضوا ثم رئيسا لمجلس الشيوخ، سيصبح بموجب الدستور الشخص الوحيد على مستوى الجمهورية الذي يجب على رئيس الدولة استشارته قبل اتخاذ قرار بحل البرلمان أو اللجوء إلى تطبيق حالة الاستثناء، كما أن الدستور يمنح رئيس مجلس الشيوخ صفة تمثيل رئيس الجمهورية بالإنابة الدستورية في حال عطلته أو موته، وهي العملية التي سبق وأن عاشتها فرنسا بعد استقالة الجنرال دوغول سنة 1969، وبعد موت الرئيس جورج بومبيدو سنة 1974. الامتيازات الدستورية لرئيس مجلس الشيوخ الفرنسي تتعدى ما سبق إلى توفره على كوطا تعيين الشخصيات التي يراها مناسبة داخل عدد من مؤسسات الدولة ومجالس الرقابة، وهو امتياز يتقاسمه مع رئيس الجمهورية، كما أن رئيس مجلس الشيوخ يتوفر على سكن وظيفي عبارة عن قصر تاريخي بالدائرة السادسة لباريس، وهو القصر الذي سكنه كل رؤساء مجالس الشيوخ الفرنسيين منذ سنة 1825، فيما ينتظر في حال ما إذا شغل شيراك منصبا دستوريا من طراز رئاسة مجلس الشيوخ، أن يصبح ساركوزي، حقا، في قفة ضيقة وسط زحام فن السياسة.