حتى نكون صرحاء؛الوضع الذي وصلت إليه شبيبات الأحزاب في المغرب غير مشرف بتاتا لأن هذه التنظيمات البشرية أصبح دورها الوحيد هو حمل حقيبة الزعيم،وانتظار مشاركته في الحكومة من أجل الالتحاق إما بالإدارة العمومية أو دواوين الوزارات،والحصول على إكرامياته في حالة ما إذا تعذر عليه تحقيق هدفه. آخر إبداعات الشباب في بعض الأحزاب اليوم لم يكن إبداعا في البرامج،بل كان براءة اختراع في طريقة مسح الأحذية؛يكفي أن نتذكر ذلك المنظر المخجل الذي يظهر عليه ذلك الشاب الذي يحاول الحديث عن ايديولوجية حزب لا وجود له إلا على الورق،وعن زعيم نكرة هو الآخر ضمير مستتر تقديره "كان". لنكن صرحاء؛تنقسم الشبيبات في المغرب إلى أربعة أنواع؛نوع تسيطر عليه العائلات الحاكمة المتحكمة في الأحزاب،وما تقوم به هذه الشبيبات ليس سوى انعكاس لما يمليه الجد على ولده المدلل،وهناك نوع آخر من الشبيبات لا وجود له إلا على الورق،ولكن مع ذلك فإن مؤتمراتها تبدو حاشدة بالجماهير فقط لأن الحزب الموجود في الحكومة يوفر كل الإمكانات من أجل استقدام المئات من الذين يرغبون في تغييير الأجواء،وتناول وجبة مجانية في مدينة أخرى. هناك نوع آخر من الشبيبات يرفع على عاتقه شعارات سمينة مثل الإصلاح السياسي،ويحفظ عن ظهر قلب بعض المصطلحات "الجوفاء" مثل الطبقة الكادحة،والمخزن،والجماهير الشعبية والسلم الاجتماعي وينظمون المؤتمرات الإقليمية والجهوية والوطنية لكن الغريب في الأمر أن عددهم لا يتجاوز بضع الوحدات قياسا على العشرات مما يجعل الأمر كله مجرد "خلية فكرية سوفسطائية". أما النوع الأخير فهو تلك الشبيبات الحزبية "الحقيرة" التي تعيش مما يلقيه الزعيم الوهمي من فضلات أولائك الذين ينتظرون سنة كاملة من أجل تأطير نشاط عادي يقترحه الأمين العام للتلي بوتيك (الحزب)،وكأنه حل لأزمة البلاد. قد يبدو التقسيم قاسيا لكن ما معنى أن تكون هناك تظاهرة حاشدة في الرباط للتضامن مع غزة أو غيرها لا يوجد فيها أي تنظيم شبابي حزبي لم تكن هناك شبيبة الاتحاد الاشتراكي ولم يحضر أي أحد من الشبيبة الاستقلالية بدعوى المؤتمر واليسار كله كان ممثلا بحفنة من البشر بمن فيهم الأطفال اللهم بعض التنظيمات التي كانت تستعرض عضلاتها لكن عن طريق الشيوخ. في الشبيبة الاستقلالية تم انتخاب عبد القادر لكيحل بالإجماع خلفا للبقالي كحتمية تاريخية لأن رأس البقالي أصبح أبيض بما يكفي ليعرف الجميع أنه ليس شاب بتاتا،وفي الشبيبة الاتحادية استقرت الأمور في يد علي اليازغي ابن محمد اليازغي غير أن الزعيم الصاعد لا يمكن أن يكون هو محمد الساسي مثلا. ليت الزمان يعود للوراء لنشاهد من جديد أولائك الشبان والشابات اللواتي كن يتقدمن المعارك الحارقة فداء للوطن لاغير،ليت الزمان يعود للوراء ولو هنيهة حتى يشاهد الشباب "الانتهازيون" اليوم كيف أن شابا كان يدافع عن الوطن في الجامعة،والشارع،وبطنه شبه فارغ،ليت الشابات يرجعن إلى التاريخ ليعرفن كيف أن شابة جميلة في مقتبل العمر كان تمارس النضال يوميا بدل "التغنج".سعيد الريحاني