على من يضحك كريم غلاب وزير التجهيز والنقل؟ وزير يقود حربا ضد المواطنين باعتباره وزيرا للتجهيز ويخوض حربا قانونية ضد السائقين باعتباره وزيرا للنقل، فهل نسي أنه مسؤول عن الحفر بالطرق؟ ماذا تعني الأرقام التي قدمها حول القتلى والجرحى؟ هل تدخل في سياق المعطيات التي بواسطتها يمكن التأسيس لثقافة التقليل من الحوادث أم يقوم بدعاية إعلامية ليعفي نفسه من المسؤولية؟ حسب غلاب فإن سنة 2009 سجلت ما يزيد عن 69 ألف حادثة سير أودت بحياة 3946 شخصا، حسب حصيلة مؤقتة، فيما بلغ عدد المصابين بجروح بليغة 12146 مصابا، فيما تجاوز عدد المصابين بجروح خفيفة عتبة 90 ألف مصاب غير أنه إذا كانت هذه الأرقام قد تميزت ببعض الانخفاض مقارنة مع سنة 2008 من حيث عدد القتلى إلا أنها تبقى أرقاما خطيرة لأن السنة الماضية كانت سنة كارثية بامتياز من حيث عدد حوادث السير، وهو الأمر الذي يبدو جليا من خلال مقارنة الأرقام السالفة الذكر مع الفترة 2004 إلى 2008. ويظهر من خلال الأرقام المعلن عنها في نشرة إحصائية لوزارة التجهيز والنقل، أن عدد القتلى ارتفع بما يزيد عن 18 في المائة وهي حصة جد ثقيلة. هذه الأرقام التي وردت في تقرير إخباري نشرته "النهار المغربية" في عدد أمس، تشير إلى حرب حقيقية. من يقرأ أرقام القتلى والضحايا يخال نفسه في تغطية لحرب تدور رحاها في مكان ما من العالم. من مآسي الحروب أنها تحصد ضحايا لا دخل لهم في مسوغاتها ولا هدف لهم من وراء المعارك. وكذلك هي حرب الطرق بالمغرب تقود مئات الضحايا سنويا إلى المقابر في الوقت الذي يكونوا متوجهين فيه إلى العمل أو في عطلة أو في زيارة الأحباب أو حتى عابرين للطريق. غلاب يحمل المسؤولية للسائقين ويعتبر الحل السحري في المدونة التي يقول عنها إنها ليست زجرية. من العبث القول إن المدونة ليست زجرية وبنودها مليئة بالغرامات والدعائر والعقوبات الحبسية، لكن كان ينبغي التأكيد على أن العقوبات وحدها كفيلة بالحد من حرب الطرق وهل ذلك صحيح أم لا؟ وهل السجون كانت كافية للقضاء على الجريمة دون مرافقتها بالإصلاح الشامل للأوضاع الاجتماعية؟ المدونة في مجملها تحمل السائقين مسؤولية ما يقع من حوادث سير. طبعا لا يمكن إعفاؤهم من هذه المسؤولية لكن يجب تحديد موقع مسؤوليتهم بالضبط حتى نعرف الأطراف الأخرى المتورطة في جريمة حرب الطرق. السائقون يتحملون جزءا من المسؤولية لكن بشكل ضعيف والباقي يتحمله كريم غلاب باعتباره وزيرا للتجهيز يتحمل مسؤولية تهييء البنية التحتية للسير الطرقي. نسي غلاب أن المشكلة في المغرب ليست في القوانين الزاجرة وإن كانت ضرورية ولكن المشكلة أعمق. فالمغرب لم يطور بنيته الطريقية بموازاة التطور الذي عرفه السير الطرقي. فقبل الثمانينات كانت البضائع تنقل عبر القطارات وبعدها أصبحت الشاحنات هي التي تنقل البضائع الداخلية والخارجية، وعدد الشاحنات تضاعف بشكل كبير جدا كما أن عدد السيارات تضاعف بشكل أكبر نتيجة التسهيلات البنكية ورغم ذلك لم يتم تطوير الشبكة الطرقية التي لم تعد قادرة على استيعاب حجم المركبات من شاحنات وحافلات وسيارات. وحده كريم غلاب يعرف القانون ووحده يملك حق العزف عليه على حد تعبير الشاعر أحمد مطر.