بعد إجازة مدونة السير من قبل مجلس المستشارين بعدد أصوات لا يتجاوز 38 أصر كريم غلاب وزير التجهيز والنقل على أن المدونة كفيلة بالحد من حوادث السير القاتلة وأكد كريم غلاب أن مشروع مدونة السير, التي صادق عليها مجلس المستشارين الثلاثاء الماضي, ستحمي مستعملي الطريق وتضمن حقوق مهنيي قطاع النقل. وأضاف غلاب, الذي كان يتحدث في لقاء صحافي بالرباط, إن الأمر يتعلق بمشروع حظي بإجماع نادر بالنظر لكونه "يحمي مستعملي الطريق ويضمن حقوق مهنيي قطاع النقل, ويساهم في تأهيل القطاع في شموليته". وبالنسبة لكريم غلاب فإن الأمر لا يتعلق فقط بنص ذي طبيعة زجرية, لكن أيضا بأداة بيداغوجية تستهدف التقليص من أعداد حوادث السير. ولم يطرح غلاب الأسئلة الجوهرية حول حرب الطرق التي لن تفيد فيها المدونة الأكثر جدلا في المغرب. من العبث القول بأن المدونة ليست زجرية وبنودها مليئة بالغرامات والدعائر والعقوبات الحبسية، لكن كان ينبغي التأكيد على أن العقوبات وحدها كفيلة بالحد من حرب الطرق وهل ذلك صحيح أم لا؟ وهل السجون كانت كافية للقضاء على الجريمة دون مرافقتها بالإصلاح الشامل للأوضاع الاجتماعية؟ المدونة في مجملها تحمل السائقين مسؤولية ما يقع من حوادث سير. طبعا لا يمكن إعفاؤهم من هذه المسؤولية لكن يجب تحديد موقع مسؤوليتهم بالضبط حتى نعرف الأطراف الأخرى المتورطة في جريمة حرب الطرق. السائقون يتحملون جزءا من المسؤولية لكن بشكل ضعيف والباقي يتحمله كريم غلاب باعتباره وزيرا للتجهيز يتحمل مسؤولية تهيئ البنية التحتية للسير الطرقي. نسي غلاب أن المشكلة في المغرب ليست في القوانين الزاجرة وان كانت ضرورية ولكن المشكلة أعمق. فالمغرب لم يطور بنيته الطريقية بموازاة التطور الذي عرفه السير الطرقي. فقبل الثمانينات كانت البضائع تنقل عبر القطارات وبعدها أصبحت الشاحنات هي التي تنقل البضائع الداخلية والخارجية، وعدد الشاحنات تضاعف بشكل كبير جدا كما أن عدد السيارات تضاعف بشكل أكبر نتيجة التسهيلات البنكية ورغم ذلك لم يتم تطوير الشبكة الطرقية التي لم تعد قادرة على استيعاب حجم المركبات من شاحنات وحافلات وسيارات. إلى ذلك أحال مجلس المستشارين صباح أمس الخميس على لجنة الداخلية واللامركزية والبنيات الأساسية بمجلس النواب مشروع مدونة السير الذي صادق عليه المستشارون وذلك قصد قراءة ثانية، ومن المرتقب أن تشرع اللجنة اليوم الجمعة مساء في مناقشته.