❊ كون أن الدولة نجحت في احتواء أصحاب العدالة والتنمية من دون غيرهم، هنا يطرح سؤال هل نحن بصدد حركات إسلامية حقيقية وأخرى غير حقيقية؟ ❊❊ بالنسبة إلى الحركات الإسلامية، هناك بعض المشكلات التي تعيشها هي بشكل مشترك. أما فيما يتعلق بمثال هذا الحزب مقارنة بباقي أحزاب الحركات الإسلامية، فهذا ينظر إليه من خلال التجربة، وكيف أنه قبل بكل الشروط التي تخوله الدخول إلى المشهد الحزبي، وهذا لا يعني أن الآخرين لم يوافقوا على تلك الشروط. فالأمر مجرد سباق حول الرهان ذلك سبق العدالة والتنمية نحو القبول هو من فرض ذلك. طبعا، هناك استثناء العدل والإحسان التي يمكنها في حالة ما إذا قبلت المشاركة في الحياة السياسية أن تشكل قيمة مضافة، أما غير العدل والإحسان لا يمكن أن يشكل أي قيمة مضافة ما دام أن العمل الذي يمكن أن تقوم به تقوم به العدالة والتنمية على أفضل وجه. ❊ هناك بعض التقارير التي كانت تروج دائما لاكتساح مرتقب من لدن حزب العدالة والتنمية، لكن نتائج الانتخابات الأخيرة وإن كانت قد بوأت هذا الحزب مكانة أولى فيما يخص المدن إلا أنه ظل بعيدًا عن تحقيق أي نتيجة تذكر بالبوادي؟ ❊❊ (مقاطعا)، طبعا حزب العدالة والتنمية لا يمكنه أن يحقق امتدادا كبيرا داخل المجتمع القروي؛ لأنها أساسا حركة مبنية على البرجوازية الحضرية، وبالتالي مجالها الطبيعي هو المجال الحضري. كما أن إيديولوجيتها ورهاناتها غير مبنية على العالم القروي، ربما هي الآن تفكر في الأمر، لكن المهمة ليست يسيرة في ظل أن أحزابا أخرى تضمن توازن اللعبة من خلال التحكم في هذا العالم الذي يعاني عدة مشاكل. ❊ ولكن ما تقوله مخالف للرأي السائد، والذي يقول إن هذا الحزب يجد امتداداته في الهوامش؟ ❊❊ هو الآن بدأ يفكر في هذا الأمر، لكن المجال القروي ما زال حكرًا على أحزاب أخرى، وبالتالي يظهر أن هناك ضعفا كبيرا في مقاربة العدالة والتنمية للعالم القروي، والسبب هو طبيعة إيديولوجية هذا الحزب، فرموزه تنتمي إلى الطبقة البرجوازية نوعًا ما أو الطبقة المتوسطة الحضرية، وبالتالي إذا كانت هناك من فرصة للتمدد، فلن تكون إلا داخل الهوامش الحضرية نفسها. أما فيما يخص الشطر الأول من السؤال والمتعلق بالتقارير ونبوءات الاكتساح، فهذه التقارير ارتكبت وما زالت ترتكب الأخطاء؛ لأنه لا مجال للتنبؤ في المجال السياسي. نعم، حزب العدالة والتنمية من أنشط الأحزاب في المغرب، لكن هذه التقارير مغلطة من طرف أناس ينتمون لهذه التجربة، وأنا شخصيا قلت في تصريحات صحافية إن المفاجأة ستكون معاكسة لما هو متوقع قبل الانتخابات. ❊ هل توافق الرأي القائل إنه لا فرق بين حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح؟ ❊❊ طبعا، هناك تكامل وتعاضد؛ لأنه لا يمكن أن نقبل أن الإنسان ممكن أن يعيش انفصام شخصية من الناحية السياسية أي ممارسة السياسة وممارسة الدعوة. فنفس الأشخاص المؤسسين هنا هم الأشخاص المؤسسون هناك، ونفس الأشخاص الفاعلين هنا هم الفاعلون هناك. أنا أتساءل ما المانع وما العيب من إعلان ذلك ما دام أن القانون لا يمنع.. الحديث عن الانفصال هنا غير ممكن. ❊ لماذا اللجوء إلى هذا التقسيم أصلا بنظرك؟ ❊❊ هذا التقسيم أملته تجربة، فهم أساسا في الأصل حركة دعوية وكونهم أصبحوا حزبا، اقتضت الظرفية وسياق تشكل هذا الحزب أن يكون هناك من قبلوا أن يضيفوا الدور السياسي إلى دورهم الدعوي، وكان هناك من لم يقبل هذا الدور وجرى تقسيم الأدوار عن قصد أو غير قصد لكن السياق الموضوعي يؤكد أن هناك تكاملاً للأدوار، وهذا ليس عيبا، لكن غير المفهوم هو الترويج للفصام وهو صعب كل التصديق أكثر من الخيال. ❊ هناك بعض المقارنات التي تربط بين تجربة العدالة والتنمية في المغرب وتجربة العدالة والتنمية في تركيا مثلا؟ ❊❊ هذه الأمور تدخل ضمن لعبة الدعاية وضمن ما يسمى مغالطات الأشباه والنظائر بمعنى أنه طالما أن هناك اسما مشتركا ورمزا مشتركا، فإذن التجربة مشتركة. طبعا، قد يكون هناك جانب من الصحة في هذا التشبيه، لكنْ هناك أمور غير صحيحة، فنحن الآن لا نستطيع أن نتأكد من أن هذا الحزب التركي قد اعترف بتجربة حزب العدالة والتنمية التركي لسبب بسيط وهو أنه إذا كانت هناك وثائق تثبت هذه العلاقة فلتظهر، ولكنها لا تظهر لأن الأمر مجرد ادعاءات وما يجعلنا لا نثق في هذه المقارنات هو أنها لا تقف عند هذا الحد. ففي إحدى المرات، سمعت أحد قياديي العدالة والتنمية يقول إنه في لقاء مع السيد خاتمي عندما كان رئيسا للجمهور الإسلامية في إيران وكان هناك أحد مستشاريه، قال نحن نتابع تجربتكم ونستفيد منها.. وكثير من مثل هذا الكلام يقال.. حقيقة أنا لا أدري كيف يمكن لتجربة مثل تجربة إيران وكيف لحزب تركي عريق جدا ويشتغل ضمن تحديات كبرى داخل تركيا التي تعتبر بلاد الخلافة العثمانية والمفكرين الأتراك العظماء أن تكون له علاقة مع تجربة صغيرة. مثل العدالة والتنمية.. هذا الكلام مجرد محاولة تجييش، علما أن الحركات الإسلامية في المغرب في عمومها تجارب حديثة ولا تتجاوز مستوى تمثل تجارب وليس تجارب.