عندما نتحدث عن الحركات الإسلامية، فإن شخصية المؤسس تلعب دورا كبيرا فيما يتبقى من الأحداث، هل تتوفر العدالة والتنمية على ما يمكن أن نسميه رمزية المؤسس؟ ❊❊ فيما يتعلق بالحركة (حركة التوحيد والإصلاح) لا نستطيع أن نتكلم عن مؤسس حقيقي، بل عن محطات تأسيسية، تارة نتحدث عن أشخاص استطاعوا، بعد الذي حدث على إثر الضربة التي أصابت الشبيبة، أشخاص استطاعوا أن يخلقوا لهم حالة، حالة إسلامية نوعا ما انقلبت على النموذج الشبيبي، وأسست جماعة إسلامية، ومنذ ذلك الوقت حتى تأسيس الحزب كان هناك بحث عن المرجعية والقيادة ولم تكن الأمور واضحة. ولكن مع العدالة والتنمية لا يمكن أن نقول عن هؤلاء (المسؤولين الحاليين) إنهم مؤسسون، بل هناك تأسيس آخر، وهو اللحظة الخطيبية (عبد الكريم الخطيب)، وهنا السؤال من هو الفاعل الحقيقي، هل هم لأنهم شكلوا القواعد التي ملأت فراغ القواعد في حزب الخطيب (...) أم إنها شطارة سياسة الخطيب الذي استطاع احتواء هذه التجربة وإعادة تأسيسها من جديد. لذلك، لا يمكن أن نقول هناك تأسيس، بل هناك تأسيسات ومراحل تأسيسية مختلفة فولدت هذا النموذج. ❊ برأيك من الذي قام باحتواء الآخر، هل هو الخطيب أم المجموعة المذكورة وجوه (قيادة العدالة والتنمية) هي التي قامت باحتواء الخطيب؟ ❊❊ هو من قام باحتوائهم، وهذه مسألة للتاريخ فهم كبقايا من الشبيبة طبعا ليسوا هم البقايا الوحيدين حاولوا أن يكون لهم موطئ قدم في الحياة السياسية. وطبعا، حينما نتحدث عن القدرة السياسية لهذا الحزب، فقد كان بإمكان أي حزب من هذا النوع إذا دخل إلى الميدان السياسي أن يلعب لعبة محترمة، ولكن السؤال المطروح هو ما الذي جعل هذا الفصيل أكثر حضورا من غيره؟ هناك مبادرة أو محاولة وسياسة كبيرة جدا للخطيب (وطبعا حينما نتحدث عن الخطيب لا نتحدث عن الشخص)، فإذا كان هناك من قيمة لهذه الظاهرة السياسية فهي تعود إلى إمكانيات الدولة ونجاحها في احتواء فصيل إسلامي وجعله يشارك في الحياة السياسية بهذا الشكل، وطبعا الخطيب هو من كان القادر على لعب هذا الدور، فالفرادة لا تعود إلى تجربة هذه الحركة، ولكنها تعود إلى قدرة وذكاء النظام السياسي في احتواء هذه التجربة.. ليس مجرد الاحتواء، بل صناعتها، فالتحول من منطق الدعوة إلى منطق السياسة موضوع آخر، فقد كان بإمكان أي فصيل آخر أن يلعب هذا الدور ويجد فجأة قاعدة كبيرة له.. فهذه الحركة بدأت صغيرة، لكن القواعد ظهرت بعد تأسيس الحزب، وهو ما يعني أن حركة إسلامية لو كانت قد تحولت إلى حزب وأعطيت لها نفس الإمكانيات والتسهيلات، لكان بإمكانها أن تزاحم هذا الحزب وأن تخلق امتدادات كبيرة على المستوى الجماهيري. ❊ بخلاف هذا الكلام تصر قيادة العدالة والتنمية على الترويج دعائيا للقول إنهم يحاربون من طرف الدولة؟❊❊ في ظل الاختلالات التي يشهدها المشهد الحزبي المغربي لنكن صرحاء الدولة هي طرف ناظر ويراقب ويتدخل ضمن سياسة مدروسة؛ لأنه في ظل هذا الاختلال، يمكن لبعض الأحزاب أن تبتلع المجتمع؛ لأن هذا الأخير يعيش على وقع المشاكل، وهذا يمكن أن يحدث في كل دول العالم. بالنسبة إلى العدالة والتنمية، الدولة لم تضع حدودا، ولكنها حاولت أن تقرأ المستقبل بشكل جيد. فهذا الحزب يشتغل على المرجعية الإسلامية في ظل الكساد الموجود، يمكن له في لحظة من اللحظات وقبل أن يعود الوعي إلى المجتمع، ربما يمكنه أن يبتلع، وهذا الابتلاع ليس عن قناعة، بل كإجراء تأديبي لهذه الأحزاب. هذه الأحزاب تمارس تكتيكا والدولة أيضا لها تكتيكها وتراقب الأمور وتمنع الاستغلال.