قدم تقرير أصدره المجلس الوطني لحقوق الإنسان، صورة سوداء وقاتمة عن مستشفيات الأمراض العقلية بالمغرب. وأبرز التقرير الذي أنجزته لجنة منبثقة عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، خلال لقاء صحفي عقد اليوم الثلاثاء، أن غالبية المستشفيات والمصالح الخاصة بعلاج المرض العقلي غير مجهزة، وبنايات بعضها بالية ومهددة بالانهيار. وأكد التقرير الذي أنجز بعد زيارة 20 مؤسسة من أصل 27، أن مستشفيات المرض العقلي بالمغرب لا تخضع لأي مواصفات قانونية، وأن النصوص القانونية التي تم اعتمادها سنة 1959 أصبحت متجاوزة. وشدد التقرير على وجود نقص خطير في التجهيزات، وانعدام أبسط شروط استقبال المرضى، حيث الأسرة متهالكة وغير صالحة، إضافة إلى انعدام الأمن والمراقبة، وهي مسؤولية تتحملها وزارة العدل التي لا تقوم بدورها في حماية المرضى والممرضين على حد سواء. واشتكى التقرير أيضا من نقص خطير في الموارد البشرية، حيث خلص التقرير إلى وجود 172 طبيبا موزعين على التراب الوطني و740 ممرضا وممرضة، إضافة إلى 131 طبيبا يعملون في القطاع الخاص، مشيرا إلى أن 54 في المائة من العاملين في القطاع العام يعملون في محور القنيطرة والجديدة، فيما تعاني مدن كثيرة من غياب ولو طبيب واحد، إضافة إلى غياب مصالح خاصة بالطب النفسي داخل المستشفيات الإقليمية والحضرية، وهو ما اعتبره التقرير مؤشرا سلبيا، وعدم وجود سياسة وزارية يمكنها أن تعالج الاختلالات التي يعاني منها هذا المجال. وشدد التقرير على الحالة المزرية التي توجد فيها أغلب هذه المؤسسات، خاصة مستشفى برشيد للأمراض العقلية الذي اعتبره التقرير معلمة تاريخية. وخلص التقرير إلى أن هذه المؤسسة العلاجية تحتاج إلى إصلاح جذري لتقوم بدورها الاستشفائي، موضحا أن البنايات مهترئة والطاقم الطبي غير كاف، والمرضى مهددون في سلامتهم البدنية وكذلك الشأن بالنسبة إلى الممرضين وهم الفئة الأكثر التصاقا بالمرضى. وكشف التقرير فشل نظام التسيير الذاتي المعمول به في كثير من المستشفيات وعدم نجاعته في المصالح الخاصة بالمرض العقلي. وقال التقرير إن هذه المصلحة مكلفة وغير منتجة، وأنها تستهلك كثيرا من الأموال، مشددا على أن حالة المرضى العقليين تزداد تفاقما خلال فصل الشتاء في غياب أدنى شروط العيش الكريم. وصنف التقرير المستشفيات الخاصة بالمرض العقلي في 16 مستشفى عاما يتوفر على مصلحة للطب النفسي، و6 مستشفيات خاصة بالطب النفسي و3 مستشفيات جامعية ومصلحة للطب النفسي الجامعي، كما توجد مصلحة خاصة بالأطفال بالبيضاء وأخرى خاصة بعلاج الإدمان. وأكد التقرير نفسه أن التوزيع الجغرافي غير منصف، حيث توجد أغلب هذه المؤسسات في المدن الكبرى، فيما تنعدم في كثير من المدن، حيث يصعب إيواء المرضى العقليين الذين يتحولون إلى متشردين في الشوارع مما يهدد الأمن العام والسلامة الجسدية للمواطنين. وطالب التقرير بضرورة تدخل جميع المكونات، من وزارة الصحة والعدل والمالية وغيرها من القطاعات من أجل انتشال هذه المستشفيات من وضعية التردي وإعادة الاعتبار لفئة تحتاج إلى الحماية والرعاية وإلى ضمان حقها في العلاج وبالمجان..عبد المجيد أشرف