عندما كتبنا أن عبد الإله بنكيران، الأمين العام للعدالة والتنمية ورئيس الحكومة، هو شبيه بالحاكم بأمره أو هو الحاكم بأمره انتفض البعض ضد هذا الوصف واعتبروه مبالغة، ونرى من الضروري توضيح سبب إطلاق هذا اللقب على زعيم الحزب "الحاكم بأمره". فالحاكم بأمره يجمع نزوعات الهيمنة وعدم الاستحقاق، وقد قلنا منذ اليوم الأول لتعيين بنكيران رئيسا للحكومة أنه ليس رجل دولة ولا يتصرف تصرف رجال الدولة، وجمع إلى جانب ذلك تطلعاته نحو السيطرة على المؤسسات وعلى الشعب. ويكفي أن فيه هذه الصفة ليتم وصفه بالحاكم بأمره، لأنه استقر تقدير المؤرخين وتعريفهم للحاكم بأمره هو الذي يكون في السلطة دون أن يكون مستحقا لها، وبالتالي فهو يخبط خبط عشواء مثل المنايا، ولم نر من بنكيران إلا هذه التصرفات التي قد تأتي على الأخضر واليابس. واليوم تضاف إلى صفة الحاكم بأمره صفة أخرى تنزع عن بنكيران كل مزاعمه الديمقراطية مما تضعه في خانة الزعيم المتشح بوشاح الاستبداد والديكتاتورية، وليست هذه الأخيرة صفة فقط لمن يمارس القمع المادي ولكن تتوسع لتشمل كل الأفعال غير الديمقراطية، وكل القرارات التي يتم اتخاذها بشكل انفرادي وكل ممارسة للحكم لا تراعي مصالح المحكومين، وهي أسلوب أخطر من القمع، وقد جاء في القول المأثور "قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق"، ويدخل في نطاق الديكتاتورية الحمولة النرجسية لرئيس الحكومة الذي لا يكل من ترداد منّه وسلواه على هذا الشعب. ومن خصال الديكتاتورية الاستئثار باتخاذ القرارات والفردانية في التعيينات والحجر على اختيارات الآخرين، ولا أدل على ذلك من كون بنكيران المنتخب ديمقراطيا يحظى بسلط في حزبه لا يحظى بها آخرون، وهي سلط تمنع الاختيار الذي هو أساس الديمقراطية، فتنص المادة السابعة من مسطرة انتخاب الأمين العام وأعضاء الأمانة العامة على أن "الأمين العام يتولى تقديم الأعضاء المرشحين الخمسة عشر لعضوية الأمانة العامة ببسط تعريف بكل واحد منهم وبدواعي ترشيحه، ويصوت كل عضو من المجلس الوطني على الأسماء المرشحة ويفوز من حاز أغلبية الأصوات وتتكرر العملية في حالة عدم الفوز إلى أن يصل المجلس الوطني لانتخاب أعضاء الأمانة العامة. في هذا البند حرمان لأعضاء المجلس الوطني من الترشح في إطار لوائح إلى الأمانة العامة وبالتالي حرمان للمجلس الوطني من الاختيار بين متنافسين وهو لب الديمقراطية ومركزها، وفيه أيضا تحكم مفرط من طرف الأمين العام في مسالك الحزب ومساراته حتى لا يكون القول إلا قوله والرأي رأيه فقط. ومما يزيد في أسلوب التحكم، الذي ليس سوى سمة من سمات الديكتاتورية، أنه يضاف إلى العدد المتحكم في ترشيحه واختياره سبعة أعضاء يلحقهم الأمين العام بالقيادة مباشرة وبالتعيين، وهي الأساليب التي ينتقدها الحزب في المؤسسات. فكيف يريد أن يربي النخب على الطاعة والخضوع لزعيم الحزب والتمرد على المؤسسات؟.