بعد أن ملأ الدنيا صراخا وضجيجا خلال مناقشة دفاتر تحملات القنوات العمومية، توارى وزير الاتصال، مصطفى الخلفي، عن الأنظار فيما اعتبره البعض رد فعل "طبيعيا" بعد الصفعة التي تلقاها عقب التحكيم الملكي. لكن الوزير حاول أن يثبت العكس، على أساس أن التحكيم الملكي لا يتعلق بغضبة، حتى ولو كلفت رأس رئيس الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، أحمد الغزالي، ومديرها العام، نوفل الرغاي، فبدأ يخرج هنا وهناك، يظهر ويختفي، كثعلب زفزاف، في خرجات محتشمة كنوع من التكتيك التواصلي، وعندما برزت قضية الداعية المتشدد، عبد الله النهاري، الذي دعا جهارا إلى تصفية الصحافي المختار الغزيوي، رئيس تحرير جريدة الأحداث المغربية، اتضح أن الصمت التواصلي للخلفي، ومن ورائه حكومة بنكيران، ليس مجرد تكتيك فحسب، بل تحول إلى خيار استراتيجي في القضايا الخلافية. وأن الحكومة، وضمنها وزير الاتصال، المسؤول المباشر عن القطاع، بلع لسانه إلى الأبد، وتحول الصمت التكتيكي إلى جبن. لقد عمدت القناة الثانية إلى "استفزاز" وزير العدل والحريات، يومي السبت والأحد الماضيين، من خلال روبورتاج أذاعته في نشرتها الإخبارية، "قطرت عليه الشمع" عندما قدمت مراسلة مباشرة من أمام وزارته، في أغرب تغطية في تاريخ التلفزيون العالمي، الهدف منها "إخراج المارد من قمقمه". فوزير الشباب والرياضة محمد أوزين، ثار يوم تدخل الخلفي في قضية الرهان واليانصيب وعلاقته بالرياضة الوطنية، وثار لحسن حداد، وزير السياحة عندما تحدث زميله في العدل والحريات عن السياحة الجنسية في مراكش، أما عندما يجاهر داعية بقتل صحافي، فمن المشروع أن نتساءل عن سبب صمت فاتح الأوراش الكبرى حول المجلس الوطني للصحافة وقانون المهنة..