أحيا عازف الكمان البريطاني الشهير٬ نيجل كينيدي٬ مساء أمس الأحد بالرباط حفلا مشتركا مع الأركسترا السمفونية الملكية٬ منح جمهورا متعدد الجنسيات فرصة تقاسم لحظات فنية استثنائية مع التجريب والاحتفالية. وشكلت الأمسية التي احتضنها مسرح محمد الخامس حوارا موسيقيا ناجحا بين المجموعة الموسيقية المغربية٬ التي توطد مسارها الفني السمفوني٬ منذ إحداثها عام 2007٬ وفنان عالمي٬ يعده النقاد واحدا من أمهر عازفي الكمان في العالم. وأبدع كينيدي مقاطع فردية٬ تحولت معها أوتار آلته إلى خيوط كهربائية عالية التوتر٬ وأخرى جماعية مع عازفي الأركسترا الملكية٬ شملت أساسا معزوفات لأعلام الموسيقى الكلاسيكية٬ مثل جون سيباستيان باخ وأنتونيو فيفالدي. وعلى خلاف الإدارة الأركسترالية التقليدية٬ يقترح نيجل كينيدي أداء ديناميكيا احتفاليا٬ يصطبغ بالكثير من التفاعلية والارتجال٬ فضلا عن حركة لا تتوقف على المسرح٬ قادته في أوج تفاعله مع الجمهور إلى النزول عن الخشبة وإشعال جنبات المسرح بعزف استعراضي يقطع الأنفاس. واستحسن جمهور "موازين" البصمة الخاصة التي أضفاها العازف البريطاني على قطع كلاسيكية شهيرة٬ سواء من حيث التقنية في العزف أو السرعة في الأداء٬ دون المس بالهوية الجمالية لروائع العصر الكلاسيكي الزاهر للموسيقى الأوروبية. واكتسى الشطر الثاني للحفل بعدا حماسيا ومشهديا أكبر٬ بانضمام الفرقة الخاصة لنيجل كينيدي إلى الأركسترا السمفونية الملكية. ويتعلق الأمر بأربعة عازفين على الساكسوفون والبيانو والباتري والكونترباس. وأدى نيجل خلال هذا الشطر معزوفات من توقيعه الخاص٬ ليلهب حماس المسرح بقطع استعراضية سريعة الإيقاع٬ مقتبسة من التراث الموسيقي المجري والاسكتلندي. وأبدى نيجيل كينيدي سعادته بإحياء حفل جديد بالمغرب٬ بعد أن قادته جولاته العالمية سابقة إلى الصويرة ومراكش. كما نوه أكثر من مرة٬ على المسرح٬ بالأداء المدهش للأركسترا السمفونية الملكية٬ وهي شهادة وازنة تزكي النضج الفني الذي بلغته هذه الفرقة المغربية التي سبق أن خاضت تجارب من هذا النوع مع أسماء كبيرة من حجم المغني العالمي ستينغ. وتتجاور العبقرية الإبداعية لدى هذا العازف البريطاني مع بساطة وتلقائية ملفتة للنظر. فقد صعد إلى المنصة رفقة فرقته البريطانية٬ مرتديا قميص فريقه المفضل٬ أستون فيلا الانكليزي٬ وحرص نيجل كينيدي حينئذ٬ بفرنسية عسيرة٬ على توجيه التحية إلى اللاعبين المغربيين الذين سبق أن لعبا في صفوف هذا الفريق العريق٬ مصطفى حجي وحسن كشلول. كما قدم العازف (من مواليد 1956 ببريغتون) درسا في تواضع الكبار حين أهدى الحفلة إلى أستاذه في الموسيقى٬ الذي مول تعليمه الموسيقي وضمه إلى مدرسته مبكرا٬ عازف الكمان العالمي ييهودي مينوحين. حفل الرباط كان تلخيصا لخصوصية المسار الفني لنيجيل كينيدي٬ المتمثلة في تنوع تجاربه٬ بين الموسيقى الكلاسيكية والجاز وصولا إلى البوب. فكينيدي٬ تنقل بسهولة بين الاشتغال على فيفالدي٬ والتعاون مع بول ماكارتني وكايت بوش. وقد حصل بأدائه المجدد لقطعة "الفصول الأربعة" لأنتونيو فيفالدي٬ على موقع في كتاب غينيس كأفضل مبيعات حققتها قطعة موسيقية كلاسيكية.