عودنا جلالة الملك محمد السادس على المبادرات الجريئة، وكل مبادرة تخلق ثورة في المجتمع، ومنذ اعتلائه العرش وهو يجوب مناطق المغرب مكتشفا خباياه حتى وصل مناطق لم يصلها رجل سلطة من قبل، واتخذ من سيارته عرشه متشبها بأحد أجداده الذي اتخذ من صهوة جواده عرشا، وهي جولات مكنت من الاطلاع عن قرب على مشاكل المغرب، وفي كل تلك الجولات يتم إطلاق مشروع ضخم ليعود بالنفع على المواطن، وفي كل تلك الزيارات هناك معايشة حقيقية للمواطن وهمومه. ومن أهم وأضخم المشاريع الاجتماعية التي أطلقها جلالة مشروع نظام المساعدة الطبية (راميد) وهو ضخم بالنظر لحجم الساكنة التي ستسفيد منه والتي ثمانية ملايين ونصف وهو ضخم بالنظر لنوع الخدمات الطبية التي سيتكلف بها، وسيشمل الرعاية الطبية بشكل كامل بما فيها عمليات الوقاية وصولا إلى الاستشفاء والجراح. كما أن هذا النظام يروم أيضا تسهيل الحصول على الأدوية، مع التكفل التام بالأمراض المزمنة على غرار نقل المرضى بين المستشفيات بواسطة سيارة إسعاف، إضافة، إلى علاج الأسنان. وبعد فشل الحكومة السابقة والحالية في إخراج مشروع راميد إلى حيز الوجود قام جلالة الملك بإطلاق المبادرة، وذلك انسجاما مع بنود الدستور التي تنص على أن "الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، تعمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات، على قدم المساواة، من الحق في العلاج والعناية الصحية، والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة". وقد عرف نظام المساعدة الطبية في بدايته تعثرا بسبب تخوف الحكومة السابقة والحالية، لكن إرادة جلالة الملك في احترام بنود الدستور هي التي أخرجته لحيز الوجود، والهدف من العملية هو إقرار الحق في العلاج كحق دستوري وحتى يظهر لهذا الحق مصداق في الواقع، والهدف هو إخراج الطبقات المحدودة الدخل والمهمشة والتي تعاني من الهشاشة من حيز الحرمان من التطبيب إلى فضاء المساواة في العلاج. ويمثل نظام المساعدة الطبية أحد الأوراش الكبرى التي تهدف إلى تحسين الولوج إلى العلاج وذلك تكريسا لمقتضيات الدستور٬ كما أن هذا النظام الذي تستفيد منه الشرائح الاجتماعية ذات الدخل المحدود يعد أحد أهم الأنظمة في مجال التغطية الصحية الأساسية إلى جانب التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، وإلى جانب كل هذا فإن راميد يعتبر نظاما عموميا٬ يقوم على أسس التكافل٬ ويستهدف فئات محددة٬ ويرتكز على المؤسسات الصحية العمومية. كما أن هذا المشروع يشكل ثورة حقيقية في مجال توفير العلاج للفئات ذوي الدخل المحدود حيث سيصل عدد المستفيدين من العلاجات الطبية المجانية أكثر من 8 ملايين شخص، لا يتوفرون على أي نوع من أنواع المساعدة الطبية. المغاربة محتاجون اليوم إلى مبادرات حكومية من هذا النوع بدل مسرحيات "لكريمات" التي انتهت عند المشهد الأول وغرب نجم مخرجها، وبدل الشطحات الكثيرة التي يقوم بها بعض الوزراء هنا وهناك.