تحتفل المرأة يوم غد بيومها العالمي وهي لحظة توقف لدى النساء لاستحضار الانجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنساء. ويأتي احتفال المرأة العربية بعيدها العالمي في وقت تخشى فيه من ضياع حقوقها في ظل حكومات الإسلاميين. ففي الوقت الذي تتهم فيه بعض النساء حكومة العدالة والتنمية بالمغرب بإجهاض حقوقهن كذبت دراسة دولية ادعاءات مكاسب المرأة التونسية في حين أصيبت المرأة المصرية بخيبة أمل بعد الثورة. *********************************** النساء المغربيات يتهمن العدالة والتنمية بإجهاض حقوقهن حجت في وقت سابق مجموعة من التنظيمات النسائية أمام البرلمان في وقفة احتجاجية لإبلاغ أصواتهن لرئيس الحكومة تحت شعار "نساء متضامنات"، طالبت بإقرار الديمقراطية وحقوق المواطنة الكاملة في كل ما يتعلق بقضايا المرأة، ورفعت شعارات تطالب المحاكم الإدارية بمراعاة حق النساء السلاليات، كما طالبت بإلغاء زواج الطفلات القاصرات اللواتي يتم الإجهاز على مستقبلهن وحرمانهن من طفولتهن وتمدرسهن. المناصفة والمساواة وتجريم العنف ومنع التمييز شعارات رفعت عبر لافتات مطالبة بتطبيق الفصل 175. وفي هذا الصدد، مطالب الحركة النسائية التي تحققت عبر حقب من نضالهن تم الإجهاز عليها بصعود حزب العدالة والتنمية للحكومة، وحملت النساء المحتجات أمام البرلمان رئيس الحكومة الحالي عبد الإله بنكيران مسؤولية الإجهاز وضرب مبدإ المساواة والمناصفة بدءا من تشكيلة الحكومة الحالية. خضوع أراضي الجموع والأراضي السلالية للوصاية، تحرم النساء من حق حيازة جزء منها، وغياب تشريعات في هذا الإطار يحرم نساء خدمن الأرض سنينا طوال من حق ملكيتها وحيازتها، وطالبت النساء السلاليات حكومة بنكيران بإعمال الحق في المساواة وفي الاستفادة من أراضي الجموع والأراضي السلالية، باعتبار أن النساء نصف المجتمع. اعتبرت النساء المحتجات أمام البرلمان، زواج القاصرات اعتداء جنسيا عليهن وحرمان من حقهن في التمدرس، وطالبت بإعانة الأسر الفقيرة بالعالم القروي لتشجيع التمدرس ومتابعة بناتهم للدراسة، ودعت إلى تظافر الجهود لمحاربة عادات تزويج الفتيات القاصرات. شددت النساء، على ضرورة الإعمال الفوري للمقتضيات الدستورية في شقها الرامي إلى حماية حقوق النساء، والتسريع بفك العزلة عن العالم القروي والنهوض بأوضاع النساء الاقتصادية والاجتماعية والصحية ومحاربة الفقر والتهميش، العمل على تخفيض حالات وفيات النساء الحوامل بالعالم القروي الذي يعرف ارتفاع نسبة وفيات الأمهات الحوامل أثناء الولادة. ******************************* المرأة العربية تخشى ضياع حقوقها في حكومات الإسلاميين رغم أنها كانت في الصفوف الاولى للانتفاضات العربية العام الماضي، تخشى المرأة العربية من ضياع حقوقها خصوصا بعد فوز الإسلاميين في الانتخابات في مصر وتونس وتقدمهم الواضح في ليبيا. ففي تونس، اقترح حزب النهضة الإسلامي ان يتم اعتبار قانون الأحوال الشخصية قانونا أساسيا لا يمكن إلغاؤه أو تعديله إلا بأغلبية ثلثي المجلس التشريعي حتي يصبح من الصعب المساس بهذا القانون الذي يعطي المرأة التونسية حقوقا لا مثيل لها في أي دولة عربية ويحظر تعدد الزوجات. غير ان المناقشات الأخيرة في الجمعية التأسيسية بشأن احتمال ان ينص الدستور على الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع تثير قلق المنظمات النسائية والأحزاب الليبرالية التي تخشي تراجعا في حقوق المرأة. وفي مصر، انخفض تمثيل المرأة في مجلس الشعب من 12 بالمئة إلى 2 بالمئة وألغيت الحصة التي كانت مخصصة للمرأة في ظل النظام السابق وهي 64 مقعدا. وأكد تقرير للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، ان "النساء تواجهن مخاطر متنامية من ان تتم مصادرة ثورة كن جزءا منها ". وأضاف التقرير ان النساء "تواجهن محاولات لاستبعادهن من الحياة السياسية من قبل بعض أطراف العملية الانتقالية إضافة إلى تمييز وعنف من قبل مجموعات متطرفة". وفي تونس تم تخويف معلمات لأنهن لا ترتدين الحجاب. وفي مصر، تعرضت ناشطات ل"كشوف عذرية" من قبل عسكريين وهي ممارسة تستهدف "إهانة النساء"، بحسب منظمة العفو الدولية. وتقول الناشطة الكويتية في مجال حقوق الإنسان ابتهال الخطيب "عندما تصل مجموعات دينية إلى السلطة فان المرأة أول من يضر إذ تصبح مشكلاتها وحقوقها أول ما يتم وضعه جانبا". وأكد المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين في مصر محمود غزلان ان حركته "ترحب بالقوانين المتعلقة بالمرأة إذا كانت تتفق مع الشريعة". وتعتبر الجماعة انه يحق للمرأة ان تصبح وزيرة أو نائبة إلا انه لا يمكنها ان تتولى رئاسة الجمهورية. وفي ليبيا، حيث يعد الإسلاميون قوة صاعدة بعد سقوط نظام القذافي، أعلن رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل ان الشريعة الإسلامية ستكون المصدر الرئيسي للتشريع. ************************************* دراسة تكذّب ادعاءات مكاسب المرأة التونسية كشفت مصادر اجتماعية في تونس أن المرأة هناك تعرضت للعنف خلال سنوات حكم النظام السابق بصورة كبيرة جداً، لدرجة لم يعد بالإمكان الاستمرار في الحديث المزيف عن أن المرأة التونسية حققت مكاسب حقوقية واجتماعية أكثر من نظيراتها العربيات. فقد تميزت سنوات من الحكم السابق لنظام زين العابدين بن علي، بالتقرب كثيراً من الأنظمة الغربية لدرجة تم حظر الكثير من القوانين الإسلامية لصالح القوانين العلمانية، من بينها قوانين تم الادعاء أنها لصالح المرأة. وفي تلك الفترة كان الحديث متركزاً دائماً حول الحقوق التي نالتها المرأة التونسية. إلا أن تلك الادعاءات لم تكن سوى أكاذيب أمام الدراسات التي كشفت أن المرأة التونسية تتعرض للعنف بصورة أكثر بكثير من نظيراتها العربيات. وبحسب الدراسة الاجتماعية الحديثة، فإن قرابة نصف نساء تونس تعرضن للعنف بأشكاله المختلفة، جسدي ونفسي وجنسي. وشملت الدراسة التي أعدها الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري (حكومي) و« الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية » 4 آلاف امرأة في مختلف مناطق البلاد، بين 18 و64 عاماً. وأظهرت الدراسة أن %47.6 من التونسيات يتعرضن للعنف، وأن النسبة الأعلى جاءت في جنوب غرب البلاد (%72.2) وأقلها وسط شرقها (%35.9). ووفق الدراسة : كان العنف الجسدي « الأكثر » انتشاراً (31.7%)، يليه العنف النفسي (التحرش النفسي) بنسبة 28.9% ثم الجنسي (15.7%) كما أن 49.5% من النساء المعنفات أميات و 47.9% لهن مستوى التعليم الثانوي و 41.1% لهن مستوى تعليم عال، وفق ما ذكرت وكالة يونايتدبرس إنترناشيونال. وأظهرت الدراسة أن امرأة واحدة من بين كل خمس نساء في تونس تعرضت إلى العنف الجسدي مرة على الأقل في حياتها، فيما تعرضت امرأة من بين كل ست لعنف جنسي مرة على الأقل في حياتها. ******************************* خيبة أمل المرأة المصرية بعد الثورة ألقت صحيفة « جلوب آند ميل » الكندية، الضوء على حالة المرأة في مصر بعد الثورة، وقالت إنه « بالنسبة للمرأة المصرية، فإن تحقيق المساواة يحتاج إلى ثورة ثانية". وقالت إنه في يوم المرأة العالمي، « 8 مارس 2011 »، تجمعت مئات النساء في الميدان، الذي شهد الثورة، ميدان التحرير، إلا أنهن فوجئن بعشرات الرجال، الذين يسخرن منهن، ويتحرشن بهن أحيانا، وهم يطالبهن بالعودة للمنزل ورعاية الأطفال، وأبدت الصحيفة تعجبها من سرعة انقلاب الأمور وتغير المواقف، فقبلها بشهر واحد، كانت النساء والرجال سويًا في الميدان، الذي احتفل بالإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك بعد 30 عامًا. ورأت أن عصر « الثقافة الذكورية »، الذي عانت منه نساء مصر منذ زمن طويل عاد من جديد، على الرغم من مشاركة النساء في الصفوف الأولى للثورة في مصر، تونس، البحرين، اليمن، مشيرة إلى توكل كرمان اليمنية، التي قادت الشعب للثورة على الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، وتسلمت فيما بعد جائزة نوبل للسلام. وأوضحت أن العام الماضي شهد أكثر من انتهاك للمرأة، فبعد يوم واحد فقط من التحرش بالمظاهرة النسائية، اعتدت قوات الأمن على اعتصام سلمي، واعتقلت الكثير من النساء الموجودات فيه، واعتدت عليهن وجردتهن من ملابسهن، ثم أجبرتهن على الخضوع لكشوفات العذرية في السجن، وكانت أشهرهن الشابة المصرية سميرة إبراهيم، المحجبة القادمة من مدينة سوهاج بالصعيد. وقالت الصحيفة الكندية : « إن إجراء كشوف العذرية وسيلة معروفة للشرطة، وإن كانت غير معتادة، وتهدف إلى إلحاق العار بالنساء وترويعهم لمنعهم من الاشتراك في أي تظاهرات أو احتجاجات، لكن أحدًا لم يجرؤ على الإبلاغ عنها، سوى الشابة المصرية، التي رفضت الصمت". وتقول بثينة كامل، الناشطة الوحيدة، التي أعلنت نيتها الترشح لانتخابات الرئاسة في مصر : « إن كسر حاجز الخوف وكسر الصمت هو أهم ما أنجزته الثورة ». وتوافق سمية عادل تركي، « 25 عاماً »، عضو حزب التيار المصري، على ما قالته « كامل »، لكنها تضيف : « الأمور أفضل نوعًا بالنسبة للمرأة، لكنها ليست جيدة بما فيه الكفاية »، مشيرة إلى قلة تمثيل المرأة في البرلمان، 10 نساء فقط من إجمالي 508 عضو برلماني، مقارنة بالكوتة النسائية، التي كانت تمنح المرأة 64 مقعدًا في البرلمان في الأيام الأخيرة لعهد « مبارك". وأكدت « سمية »، التي تعمل محامية، أن الثورة « لن تغير الأوضاع فورًا، ويجب على النساء أن يفرضن أنفسهن لإحداث تغيير". وتدافع بعض الأخوات المسلمات عن وضع الإسلاميين مع المرأة في البرلمان، إذ ترين أن مصر كلها والمرأة أيضا « تغيرت »، وأنها « نجحت في خوض المعركة الانتخابية »، بالإضافة إلى أن فوز الأغلبية الإسلامية في الانتخابات أوضح أن شائعات فرض زي معين على النساء أو سلوكيات محددة كانت مجرد أكاذيب يروجها نظام « مبارك »، لإقناع الناس بأن الإسلاميين متشددون، وليجعلهم يخشون حكم الإخوان المسلمين، بدعم من الإعلام.من جانبها، ترى سحر الموجي، الروائية المصرية، أستاذ الأدب بجامعة القاهرة، أن مصطلح « الأخوات » يعبر عن الثقافة « الأبوية الذكورية »، التي تحكم الحركات الإسلامية، كما أعربت عن خشيتها من تشابه الأجندة الاقتصادية للحركات الإسلامية مع أجندة جمال مبارك ورجاله، والذي حاول الاعتماد على « الاقتصاد الحر » وتجاهل فكرة العدالة الاجتماعية. من ناحية أخرى، يعتبر أسوأ مثال على تدهور حالة النساء في مصر بعد الثورة هو ما شاهده العالم في ديسمبر الماضي، عندما قامت قوات الجيش بتجريد فتاة مصرية من ملابسها وسحلها والاعتداء عليها بالضرب في الشارع، ورغم أن الفتاة لم تكشف عن هويتها، إلا أنها « كشفت عن ضعفهم »، كما تقول « سمية »، بينما أوضحت سحر الموجي أنهم يلجأون لمثل هذه الأساليب الرهيبة« ، لأنهم يخشون النساء.. يخشون أن تتقدم المرأة لأنها تهدد رجولتهم.« وقالت الصحيفة : « إن الثقافة الأبوية هي الجبهة المقبلة والمشكلة الكبيرة التي تواجه مصر، وتظهر في جرائم الشرف وإجبار النساء على اتباع التقاليد، مما يجبرهن أحيانا على الصمت أمام العنف الأسري، وتلك هي الثورة الثانية، التي يجب على المجتمع أن يقوم بها".