تعودت المجموعة المهيمنة على حركة التوحيد والإصلاح، والتي تعتبر حزب العدالة والتنمية خاتما في أصبعها، على الجهاد عن طريق المراسلة، بدأته يوم كان كل قادتها شبابا وفضلوا الانحناء للعاصفة وبعث شباب آخرين إلى أفغانستان لمواجهة الاحتلال الروسي الكافر ودعما للمسيحيين المؤمنين الأمريكان، وتم ذلك عن طريق الدكتور الخطيب كما اعترف بذلك الأفغان المغاربة. وقد كان الخطيب من أكثر المناصرين والداعمين للجهاد الأفغاني. مارس الخطيب ذلك ضمن قناعات حقيقية، لأنه سبق ودعم الكثير من حركات التحرر الوطني بدءا من منظمة التحرير الفلسطينية إلى حركة مانديلا المناهضة للآبارتهايد. لكن المجموعة استعملت ذلك في إطار من الدعاية وكسب النفوذ داخل المجتمع. وإذا كان الخطيب قد أدى دوره الطبيعي في ذلك، فلم لم يتّجه هؤلاء أنفسهم إلى أفغانستان وقد كانوا في ريعان الشباب وفي سن الاندفاع؟ هذه مجموعة غير جهادية، ولكنها تستثمر في الجهاد وتدعمه وتحب أن تمارسه بالمراسلة. كان ذلك قبل أكثر من عشرين سنة خلت، يومها كان بنكيران وباها والعثماني شبابا يتلمسون طريق السياسة، وساهموا في دعم الجهاد الأفغاني عبر توجيه بعض الشباب إلى هذه المهمة النبيلة، واليوم، بعد أن اشتد عود حركة التوحيد والإصلاح وأصبح الحزب الذي ترعاه يسير الحكومة ويترأسها أرادت أن تعيد ارتباطها بالجهاد ودائما عبر المراسلة، فقد كانت الحركة قد غسلت يدها منه بعد أحداث 16 ماي الأليمة. عادت الحركة لتستثمر من جديد في الجهاد عبر بؤر التوتر، ووجدت الفرصة سانحة فيما يجري اليوم في سوريا، فقد وقع محمد الحمداوي، رئيس الحركة، ورباعة من المكتب التنفيذي عن البيان الذي أصدره الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين حول سوريا، والبيان خطير لأنه تحت مسمى الجيش السوري الحر يدعم الإرهاب، لأنه لم تعد تنطلي على أحد أن هذا الجيش ليس سوى المجموعات المسلحة المدعومة دوليا وتسير بإشارات من دولة قطر والشيخ يوسف القرضاوي. فلقد دعا البيان إلى دعم وتعزيز الجيش السوري الحر، الذي ليس سوى الجماعات المسلحة من سلفيات وإخوان مسلمين أولاد عم التوحيد والإصلاح، ودعا البيان، إلى تقوية هذا الجيش والانضمام إليه وتعزيزه ماديا ومعنويا، وليس للغة هذا البيان أي مضمون سوى أن الوظيفة التي أداها بالأمس أسامة بن لادن سيؤديها اليوم القرضاوي أو واحد من أتباعه ولن يجد خيرا من تلميذه الريسوني، القيادي في التوحيد والإصلاح المعار إلى السلفيات في الشرق ليقوم بهذه المهمة. غير أن وكلاء التوحيد والإصلاح بالحكومة خففوا من هذا الموقف عندما قال العثماني، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، إن دعم الجيش السوري الحر بالسلاح غير وارد. وهو موقف يزيد الأمور لبسا. لأن الدولة المغربية تبني مواقفها على أساس الجيوسياسة وليس على أساس المزاجات الشخصية والثأر لما يسمى مذبحة حماة سنة 1982، وهي المذبحة التي تغنى بها الإخوان كثيرا. فالدولة تحسبها سياسيا وفق موقعها وأهدافها الاستراتيجية التي يبدو أن العثماني لم يستوعبها بعد. وقد يكون موقف العثماني يسير في اتجاه تعويض الدعم بالسلاح إلى الدعم المالي للجماعات المسلحة بسوريا، غير أن دعما من هذا النوع سيحيي ملفا طوي بالكاد وهو ملف ثقيل يتعلق بجمع التبرعات للبوسنة والهرسك.ادريس عدار