من المعلوم أن الثلاثي المعادي للمغرب، على طول الخط، الجزائر، ونيجيريا وجنوب إفريقيا، أجمعوا أمرهم واتَّفَقُوا على تعيين الرئيس السابق للموزمبيق، الديكتاتوري جواكيم شيسانو، مبعوثا خاصا في قضية الصحراء. وهو أمر جد عاد بالنسبة للأنظمة المذكورة التي تعمل كل ما في وُسْعِها لعرقلة أي تقدم في مسار النزاع الذي افتعلته الجزائر افتعالا وتقتات عليه كل من نيجيريا وجنوب إفريقيا، إلى جانب أن هذه الأنظمة عملت على إخراج أحد أكبر المستبدين بالقارة الإفريقية من دائرة النسيان والإهمال وتقديمه إلى واجهة الأضواء. لكن هذه الورقة سرعان ما ستنكشف للرأي العام أنها مُزَوَّرة، ولم يعد أحد يعتد بها بمن فيهم ثلاثي العداء للمغرب. من دون أن ننسى آلاف الدولارات التي تم تخصيصها لمبعوث ثلاثي الانفصال من أجل أن يقوم بجولات في مختلف دول العالم بمختلف القارات على أمل جر هذه الدول إلى تأييد مساعيه الرامية إلى عزل المغرب والضغط عليه لكي يقبل بالمخطط الانفصالي الْمُعَد والمُهَيَّأ في الجزائر وبريتوريا وأبوجا الذي يُرَوِّجُ له. وفي كل مرة كان يعود المبعوث جواكيم شيسانو إلى هذه العواصم خاوي الوفاض. بعد هذا الفشل الذريع، سارعت هذه المرة كل من الجزائر وجنوب إفريقيا مع ترك نيجيريا في كرسي الاحتياط إلى تأسيس لجنة تضامن البرلمانيين مع "البوليساريو". وكأنّ الحكام في هذين البلدين لم يقتنعوا بوجود هيئتين برلمانيتين في القارة الإفريقية، واحدة تسبّح لهم وتردِّد مزاعمهم خاصة بالنسبة لقضية الصحراء، والثانية، وهي الاتحاد البرلماني، يترأسها المغرب. وهي عملية إحياء للهيئة البرلمانية التي تم تأسيسها سنة 2004 بأديس أبابا وتضم برلمانيين من النيجر، والسينغال، وتونس، وأوغندا، ومالي، وبوركينا فاسو، والموزمبيق، وطبعا من الجزائر وجنوب إفريقيا ونيجيريا. هذه الدول الثلاث الأخيرة هي التي حدَّدَت للوليد الجديد مهامه وأهدافه التي تبدأ وتنطلق من دعم الطرح الانفصالي على الصعيد الدولي من خلال تكثيف الاتصالات والعلاقات مع برلمانات العالم، وعلى الأخص بمناسبة اجتماعات الجمعية البرلمانية الدولية. إن الفشل الكبير لمبعوث الجزائر وجنوب إفريقيا ونيجيريا، الذي قضى في مهمته أكثر من سنة بدون نتيجة، كان وراء خلق "لجنة التضامن مع البوليساريو" داخل البرلمان الإفريقي. وبالطبع فقد كان الموقف المغربي الحاسم بالرفض القاطع للاعتراف بأيّ دور للاتحاد الإفريقي في حلّ النزاع المفتعل حول الصحراء، دورا كبيرا في إحباط مختلف المناورات التي يقوم بها الثلاثي المذكور سواء داخل الاتحاد الإفريقي، الذي فقد كل قدرة على التعبير عن إرادة واختيارات الأفارقة، ووضع نفسه في خدمة الداعين إلى تفتيت وتمزيق الوحدة الوطنية للدول الإفريقية نفسها، مما أفقده، بالتالي، كل مصداقية للمشاركة في إيجاد الحلول لمختلف القضايا. يتأكد مرة أخرى أن الطرح الانفصالي حاضر كعقيدة ومنهج في سلوك أنظمة الجزائر وجنوب إفريقيا ونيجيريا. فبعد التحرّك المثير والمريب لهذه الأنظمة بالنسبة لقضية الوحدة الترابية والسيادة الوطنية المغربية، ها هي تعمل على تفتيت وحدة وسيادة البرلمان الإفريقي من خلال اختلاق "لجنة البرلمانيين الأفارقة للتضامن مع "البوليساريو" واستغلال أعضائه في مهمة قذرة لا تخفى على أحد تتمثل، هذه المرة، في التسويق الشعبي (البرلماني) للطرح الانفصالي.