كثيرا ما التصقت عبارة " صندوق العجب" في الثقافة المغربية بالأشياء الغريبة أو التي تحوي تلوينات من العجائب و الغرائب و الأسرار. فالتلفاز مثلا، حمل لفترة غير قصيرة هذا اللقب، بعد أن كان يعتبر أعجوبة زمانه، و أكثر الاختراعات إدهاشا و روعة، باعتباره في حجم لا يتجاوز الصندوق، لكن بامكانات مذهلة، فهو قادر على نقل و جلب الصور من أماكن بعيدة بالأبيض و الأسود، ثم بالألوان. و الدكان المغربي أيضا لم يكن بمنأى عن هذه التسمية أو اللقب. من منا لم تخطو قدماه صوب محل من هذه المحلات العجيبة. حقا عجيبة!! فالدكان المغربي ليس كباقي الدكاكين في بلدان العالم، فهو المكان الوحيد الذي قد يجمع بين أكثر من حرفة و مهنة في فضاء واحد، فقد تجد فيه سلعة الخضار جنبا إلى جنب مع سلعة البقال، وسلعة الجزار بل وحتى بضاعة الكتبي...ليس هذا فقط، فالدكان المغربي هو المكان الوحيد الذي استطاع لم شمل الإخوة الأعداء، فتباع فيه بطاقات التعبئة لكل شركات الاتصالات المتنافسة في السوق، و تقتسم رفا واحدا بلا تمييز ولا فرق. الدكان المغربي هو أكثر الأماكن مسايرة للتطور و التقدم المعلوماتي، فقد خصص حيزا لحاسوبين أو أكثر متصلة بالشبكة العنكبوتية، ليشبع بعضا من شغف الشباب الراغب في الانفتاح على باقي شعوب المعمورة و مطاردة المعلومات أينما حلت و ارتحلت. الدكان المغربي هو أكثر الأماكن عدلا، فهو لا يميز بين الأجناس و الأعمار، ولا يحرم أي فئة من احتياجاتها، فرفوفه ولو ضاق يها الفضاء، تضم ألعاب للصغار، ومنتجات الزينة للنساء، وأدوات الحلاقة للرجال، بل حتى مثبت الشعر للشباب و المراهقين المهووسين بأحدث صيحات الموضة المنعلقة بتصفيفات الشعر ( عرف الديك، تشويكة....)، ولم ينسى الشيوخ فقد خصهم بأوراق اللعب و الضومينو، لتمضية وقت يبدو طويلا عندما يصرف في سبيل انتظار دريهمات المعاش في آخر الشهر. الدكان المغربي حبيب الجميع، فهو المكان الذي لن ترجع منه خاوي الوفاض، فضالتك فيه دون أدنى شك، حتى ولو جزرتك بعض الملصقات في مداخله بقولها " ممنوع الطلق و الرزق على الله" أو رسم لرجل متشرد يحمل متاعه في سرة، بينما كتب تحته " كان يتعامل بالكريدي"، فكلها لا تغدو أن تكةن عبارات ترحيبية لا غير تخطب ود جيوبك حتى تكون كريما ولا تبخل على صندوق العجب الذي لن يخذلك بعجائبه.