لا يستطيع الواحد منا أن يرصد مجرد طفرات أو نمو على امتداد تاريخ إعلامنا الوطني، فالقنوات المحلية ظلت حبيسة جلبابها القديم، و ما فتئت تتمسك بنفس الوجوه المقدمة و نفس الأطقم المسيرة. في وقت يشهد فيه الإعلام العالمي تطورا و تقدما جد ملحوظ على مختلف الأصعدة، و لعل أبرزها دخول عالم القنوات المتخصصة، بين الإخبارية و الرياضية و الثقافية... كما طفى إلى السطح نوع جديد من القنوات الموجهة للدفاع عن مصالح خاصة لدول أو جماعات أو حتى أفراد، تحمل على عاتقها نشر ثقافة تلك الفئة المعينة و الحرص على إشعاعها و ضمان الإعتراف الدولي بها، كما هو الشأن بالنسبة لبعض الأقليات العرقية. و في خضم هذا السيل العرم ما زال الإعلام الوطني في دار غفلون و ما زال متشبتا بنمطية قديمة قدم الدهر غير آبه بانطلاق قطار التغير و التقدم منذ أمد بعيد. فلنأخذ على سبيل المثال لا الحصر، عنصر الأخبار و الحيز المخصص لها في قنواتنا المغربية، فالمتتبع للمشهد الإعلامي يكاد يجزم أنها تكتفي بنقل ملخصات جد مقتضبة لقصاصات الأخبار حتى بدون تصرف عن قنوات إخبارية أجنبية، في حين يخصص لأخبار محلية ( تافهة في معظمها) الحيز الأكبر، وكم من مرة وصلتنا أخبار وطننا الحبيب من قنوات أخرى؟؟؟ على مسؤولي الوطن أن يعلمو أن قواعد و قوانين الحروب قد تم تغييرها منذ زمن بعيد، فلم تعد الترسانة الحربية هي صاحبة الكلمة الفيصل، بل صار الإعلام هو السلطة الأولى بدل الرابعة، ألم تتمكن مواقع التواصل الاجتماعي (حديشة الولادة) من زعزعة دكتاتوريات متجدرة القدم و الرمي بها إلى مزبلة التاريخ؟ في الآونة الأخيرة تم الحديث عن إقدام الجارة العزيزة الجزائر على إطلاق قناة إخبارية جديدة مقرها في الولاياتالمتحدةالأمريكية، قناة قد تضاهي قناة الجزيرة الإخبارية، غير أن الذي لم يتفطن له مسؤولونا المحترمون فهو إمكانية تسخير هذه القوة الإعلامية الجديدة لخدمة جبهة البوليساريو و العمل على حشد الدعم الدولي لها تحت غطاء دعم الشعوب المطالبة بالاستقلال. القناة التي أختير لها اسم "نوميديا نيوز تي في" يجب أن تكون عامل تحفيز لإعلامنا الوطني عله يستفيق من سباته العميق و يرجع القاطرات إلى السكة الصحيحة و الرقي بقنواتنا إلى درجة التنافسية الدولية مع عدم إغفال الأخبار المحلية، لكن بشرط تحقيق الإستقلالية و الشفافية في نقل المعلومات. الإعلام سلاح ذو حدين إن لم يستغل و يوظف أحسن توظيف صار كالقنبلة المنزوعة الصمام في يد المحارب، أي قد تنفجر في وجهه في كل لحظة. المطلوب من المسؤولين هو تثمين هذا السلاح و إعطائه الأولوية التي يستحقها و تسخيره لخدمة الوطن و المواطنين و جعله خير ناقل و موصل للأخبار الشفافة، كما يجب تفعيله ليكون خير درع يحمي حوزة الوطن.