كثيرا ما تحدث الناس عن المافيات الإدارية التي ترعى الفساد في العديد من القطاعات، لكن قليلون هم من سبروا أغوار البعض منها. “الصحراء الأسبوعية” تلقت العديد من الشكايات الصادرة عن مواطنين تضرروا كثيرا من معاملات مشينة بمركز البريد بمدينة الداخلة؛ فحلت بعين المكان لتكتشف أن ما يعتمل بداخل مؤسسة عمومية يقصدها عموم المواطنين يوميا أمر فظيع يحتاج إلى وقفة تأمل مسؤولة. ففي مركز البريد هذا تحول رجال الأمن الخاصون إلى سماسرة بين القاصدين لهذا المركز وبين بعض الموظفين الفاسدين، الذين يهيمنون على خدماته. فمجرد الوقوف ل15 دقيقة كافية لاكتشاف التسيب الكبير على مدخل المركز؛ إذ وأنت تقصد حاجتك تستوقفك نظرات مجموعة من الرجال الذين يقدمون خدمات ملء الطلبات والاستمارات، كما هو الحال في جميع ربوع المملكة، لكن بمدينة الداخلة هناك انفراد مثير للانتباه، يتمثل في تجند رجال الأمن الخاصين لعرض خدمات سريعة يملكون مفاتيحها؛ حيث تحولوا بقدرة قادر إلى متدخلين في كل كبيرة وصغيرة من خدمات البريد، ويصنفون الناس بحسب أهمية طلبهم، ومدى استعدادهم لأداء المقابل . ويعود السبب في شجاعة هؤلاء، بحسب بعض المداومين في مدخل هذا المركز، إلى أن المتحدث عنهم هم مجرد آلة تم تسخيرها من طرف إداريي المركز، الذين يستفيدون من كل خدمة يتوسط فيها هؤلاء. وهكذا، انتشرت في أوساط المترددين على المركز تعريفات محددة للرشوة المقابلة للخدمات وساعة الحصول عليها؛ فمقابل صرف شيك بريدي يؤدي أفراد القوات المسلحة مقابلات مالية تنطلق من 40 درهما للعملية الواحدة، ناهيك عن تعريفات أخرى أصبحت مقبولة بحكم الاكتظاظ الكبير الذي تشهده الساعات الأولى من النهار؛ حيث يتعين على الكثيرين قضاء مهماتهم والعودة إلى العمل، مما يجعل الفرصة سانحة لابتزازهم. لقد أكد لنا مجموعة من المتضررين من خدمات هذا المركز، أن مخالفة القانون لا تعني شيئا للقائمين عليه؛ حيث لا يسمح للمواطن العادي أن يحصل على خدمات في المستوى المتوسط دون أن يؤدي مقابلا ماليا لمن يوجدون خلف الطابور. ومن الممكن أن يحصل الزبون على خدمة خارج الأوقات القانونية، وخارج التدابير المعمول بها، المهم أن يؤدي المقابل للساهرين على الفوضى المنظمة. وجل المواطنين الذين توجهوا إلى مركز البريد مؤخرا تعرضوا لاستفزازات وسوء معاملة، لكنهم لم يجدوا من يحميهم من انتقام من هم مجبرون على التعامل معهم بشكل شبه يومي. يشار إلى أن المركز المذكور يخضع لحراسة إحدى الشركات الخاصة، ويعد مأمنا لودائع العديد من المواطنين. كما يعد بنكا مهما تستخلص فيه رواتب وشيكات رجال القوات المسلحة وغيرها من القطاعات الهامة. وقد سبق ل “الصحراء الأسبوعية” أن نقلت شكايات المواطنين المرتبطة بالتلاعب بخدمات هذا المركز. جدير بالذكر أن هذا المركز تعرض للسرقة خلال السنة الجارية على يد ابن الكاتب العام لعمالة أوسرد، بعد أن تسلل إليه من باب الخلفي وفاز بمبلغ لا يتجاوز 4000 درهم. الشاب افتضح أمره بفضل كاميرات المراقبة التي احتفظت بصورته إلى حين اكتشاف الجريمة؛ حيث لم تجد عناصر الأمن أدنى صعوبة في تحديد الفاعل.