عندما انطلقت شرارة الانتخابات البلدية في طانطان ونجح الشعب الطانطاوي في إسقاط الرئيس بولون عبد الفتاح، اعتقد الجميع أن هناك مرحلة جديدة قد انطلقت عنوانها الحرية وترسيخ مبادئ النظام الديموقراطي عبر آليات التداول السلمي على السلطة وإعمال آليات المراقبة والمحاسبة على ممارسة السلطة و الاصلاح وهيكلة المدينة وجلب مشاريع الى المدينة ومحاربة البطالة، لكن مع مرور الوقت تبين بأن سقوط رأس النظام لا يعني سقوط النظام كمنظومة متكاملة تهيمن على الفساد واستغلال المال العام والإدارة ومسالك المال والثروة، فبعد سقوط بولون تولى الرئاسة عالي المزليقي الذي لم يكن معارضا للرئيس ولذلك رجعت حليمة الى عادتها القديمة.النهب بطريقة حضارية تحت اشراف الكوخ عبد الخالق ( لعويسي )عبر المشاريع المبرمجة من طرف وكالة الجنوب.ابحثوا عن دفتر التحملات الخاص بالمشاريع التي فازت بها شركة اوبركا وصوف ترون الفرق مع الواقع اي ماتم تنفيده من مشاريع .عبد الخالق الذي جاء تحت شعار استرجاع هيبةالبلدية ومحاربة النهب و الفساد واصالح البنية التحتية. ونجح في طمأنة جزء كبير من ساكنة طانطان حيث لعب على عقليتهم بعد حالة من الانفلات الدهني التي سادت في أعقاب المشاكل والنزاعات و الاستلاء على اراضي الغير في عهد عبد الفتاح بولون ، غير أن سياسة لعوسي لم تكن سوى نسخة من المرحلة البولونية، لكن النتائج على الأرض تؤكد بأننا بصدد ثورة مضادة تقوم بها مجموعة من الشباب داخل و خارج طانطان من جديد إلى المطالب بمحاربة اسحاب الفساد .امثال بولون و لعويسي و الوعبان و اوبركا وجميع المنتخبين الحاليين بجميع المجالس المنتخبة اصحاب الدل والمرتزقة . منظومة النظام السلطوي نشأت في غياب التداول السلمي على السلطة، وجعلت من مؤسسات الدولة مؤسسات مهيمنة وليست مؤسسات خدمات، ذلك أن مؤسسات الدولة لم تكن مجالا للتنافس السياسي وإنما كانت طرفا فاعلا ومهيمنا على السلطة والثروة وليس هناك استعداد لدى القوى المتحكمة فيها للتنازل عن مصالحها وامتيازاتها الكبيرة. في المغرب لم تكن تظاهرات حركة 20 فبراير تعبيرا عن إرادة ثورية، ولم يرفع المتظاهرون شعارات تطالب بإسقاط النظام، ولكن تطلعات عشرات الآلاف من المتظاهرين كانت تطالب بالتغيير الحقيقي: دستور ديموقراطي يرسخ مبدأ الفصل بين السلطات ويرسي قواعد المحاسبة والمراقبة على ممارسة السلطة وينقل الملكية من ملكية تنفيذية إلى ملكية برلمانية، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإسقاط رموز الفساد والفصل بين السلطة والثروة وإصلاح الإعلام، هذه المطالب هي التي يختزلها شعار: إسقاط الاستبداد وإسقاط الفساد.. الدولة أظهرت يوم 9 مارس تجاوبا سريعا مع مطالب المحتجين، تمثل في قرار مراجعة الدستور، كما تم إطلاق المعتقلين السياسيين الستة في قضية بليرج وبعض المعتقلين السلفيين، ولمسنا انفتاحا موزونا في وسائل الإعلام على بعض الأصوات المعارضة بما فيها شباب 20 فبراير، لكن في لحظة الاستفتاء على الدستور الجديد أظهرت السلطة عودة قوية لأدواتها القديمة من أجل التأثير في إرادة المواطنين عبر تضخيم نسبة المشاركين في يوم الاستفتاء بواسطة أساليب التزوير في المحاضر، كما توقف ملف إطلاق سراح المعتقلين بعد الاستدراج الاستفزازي لبعض المعتقلين السلفيين داخل السجن وافتعال أحداث يوم 16 ماي 2011، وظهر واضحا أن هناك إرادة للانقلاب على روح الدستور الجديد وتأويل مضامينه بطريقة سلطوية وهو ما تجلى بشكل واضح في القوانين الانتخابية التي لم تختلف في مفاتيحها الرئيسية عن القوانين السابقة التي تضمن استمرار آليات التحكم القبلي في جزء أساسي من العملية الانتخابية، بل يمكن القول أننا بصدد تسجيل مؤشرات تراجعية حتى على فترة ما قبل 20 فبراير مثل عودة الحزب السلطوي المدعوم من طرف الدولة عبر تحالف 4 +4، في إشارة واضحة على طبيعة الحكومة القادمة، ولم يلمس المواطنون تفعيلا للدستور الجديد يشعرهم بأن هناك تحولا حقيقيا عن مرحلة الدستور السابق بقدر ما سجلوا استمرار الحضور القوي لرئيس الدولة في وسائل الإعلام العمومية في مقابل الحضور الباهت لرئيس الحكومة، مع استمرار هيمنة وزارة الداخلية على الشأن الانتخابي.. إننا أمام ثورة مضادة تقوم في العمق على احتقار حركة الشارع المغربي، وعدم الاعتراف بحقيقة الواقع الذي لا زال إلى اليوم يرفع مطالب إصلاحية ولا أحد يستطيع التنبؤ بطالبه غدا بعد انتخابات ظهر بأنها تتوفر على جميع الشروط المخيبة للآمال...