بقلم : د.عبد الرحيم بوعيدة * * أستاذ بكلية الحقوق مراكش
لا أحبذ كثيرا أن ألبس ثوب القبلية و لكني أحيانا أجدني مرغما على ارتداء ثوب القبيلة حين أشعر أن السياسة في الصحراء تخذل القبائل التي أنتمي إليها و تصنع المستقبل و تفصل الخرائط لبسط سلتطها على الصحراء. تكنة إحدى أكبر قبائل الصحراء لم ينصفها التاريخ و لا حتى الجغرافيا، هي من سكن الصحراء و قاد حروبها في الماضي و ها هي الآن تتجول بحثا عن مجال جغرافي إستكثره عليها البعض و زحف صوبه لطردها منه سياسيا. جهة كلميم واد نون كما جاء في التقسيم الجهوي حضارة بعمق التاريخ تهان الآن من طرف الكل من الدولة المغربية حين أضافت لها مجالا جغرافيا له ثقافته و خصوصيته و كأنها تريد أمزغة المنطقة التي كانت منطلقا تحرريا للمغرب نفسه. قبائل تكنة قاتلت هنا و هناك حاربت مع المغرب ضد الجبهة و قاتلت مع الجبهة ضد المغرب و لا تعرف لحد الآن لمن تنتمي و في أي صف تقف ؟ ألبسوها تاريخيا ثوب وطنية على المقاس و شكلت فيالقها أكبر خزان للمغرب في حربه على الصحراء و مع ذلك لم ينصفها المغرب و لم يقدرها حق التقدير.مجالها الجغرافي غير متنازع عليه لكن هويتها متنازع عليها من طرف الكل من المغرب حين اعتبرها قبائل و حدوية و عاد إلى الخلف، و من الجبهة التي تفطنت للأمر مؤخرا حين بدأ شبابها يقود انفصال الداخل، لكن أي طرف من هؤلاء لا يدرك حقيقة أنها قادرة على قلب أوراق اللعب لصالح الطرف الذي يقدر تاريخها و قيمتها. الآن تكنة مرفوضة في المجال المتنازع عليه أو على الأقل هناك من يعلنها همسا و أحيانا جهارا بالعودة إلى معاقلها الحقيقية لأنها سكان غير أصلية فهي فرع فقط و الفرع كما يقول الفقهاء يتبع الأصل . في واد نون تكنة لم تعد تملك زمام أمورها ،هناك هجمة ديمغرافية لقبائل صبويا اللذين استغلوا انضمام مناطقهم لهذه الإقليم لإحكام قبضتهم على المنطقة سياسيا ،بالأمس كانوا في الإتحاد الإشتراكي مصطفين وراء ممولهم و قائدهم و ها هم اليوم يعودون للتجمع الوطني للأحرار لبسط النفوذ على كل المجالس حتى يكون المجال الوادنوني باعمرانيا بامتياز. قد يرى البعض في حديثي خروجا عن أصول الديمقراطية و تأسيسا لخطاب قبلي شوفيني لا يليق بأستاذ جامعي صحراوي يكتب عن الصحراء و للصحراء لكن الضرورة تبيح أحيانا المحضور و تدفعنا بأن نخلع أحيانا عباءة المثقف لأن المجال الصحراوي نفسه غير ديمقراطي لقد قسمته الدولة بين القبائل و صنعت نخبها الفاسدة التي تعبر الصحراء طولا و عرضا متجولة بين أحزاب مغربية لا يهمها من هذا الأمر سوى أن ترفع الصحراء نسبة المشاركة و حصد المقاعد لتتزعم رئاسة الحكومة المقبلة . الإنتخابات القادمة في الجهة ستضع قبائل تكنة على الهامش لأن نخبها التي تقود تآمرت عليها من أجل الفوز بكرسي يمثل بقايا ما سيجود به عرابوا هذه المنطقة الجدد القادمين لبسط سيطرتهم على الإقليم لذا يبقى أمام قبائل تكنة حل واحد هو أن ترحل صوب البحر لأنها مشكوك في انتماءها للصحراء المتنازع عليها و محاربة في مجالها من تيار جديد يعرفه الجميع،لكن هذه القبائل التي عرفت دوما بالحرب و التجارة تزخر الآن بأطر و نخب مثقفة قادرة على قلب الطاولة على الجميع إذا ما استشعرت أنها مستهدفة و أن الدولة المغربية التي تعلم أسرار نخبها الفاسدة صامتة عن هذا العبث و على من يقرء التاريخ أن يعود قليلا إلى الوراء للتمعن جيدا في أصول الأشخاص الذين قادوا مخيم اكديم إزيك .