يعرف نظامنا التعليمي تحولات كمية ونوعية عميقة ، تم تجسيدها من خلال الاوراش المتعددة التي فتحتها وزارة التربية الوطنية ، والتي دعا اليها الميثاق الوطني للتربية والتكوين والمتمثلة في : - إقرار اللامركزية و اللاتمركزفي قطاع التربية الوطنية. - تحسين التدبير العام وتقويمه بطريقة مستمرة. - ترشيد النفقات بانتهاج الشفافية والمحاسبة وسياسة التوازن بين الموارد والمصاريفوترشيد استغلالها وحسن تدبيرها. وفي هذا السياق تبرز أهمية الإدارة التربوية في مساندة وتقوية الفعل التربوي. فجميع البرامج الاصلاحية تبنت وركزت على مقاربة تربوية جديدة في تدبير المؤسسات التعليمية ، تتجاوز صيغ التدبير السابقةوتعتمد نهجا تدبيريا وتأطيريا وتربويا حديثا يستند أساسا على : 1 –ربط المسؤولية بالمحاسبة مما لاشك فيه أنه لا يمكن الحديث عن المساءلة التربوية ، دون تحديد مسؤوليات ومهام الادارة المدرسية، خاصة وأن التطورات التي يعرفها المجتمع عموما ، والساحة التربوية على الخصوص تفرض بشكل جدي تطور المهام وتنوعها ، فالمساءلة تسهم وبدرجة كبيرة في تحسين الممارسات المهنيةللأفراد والجماعات ، بما يضمن تحقيق الكفاءة في الأعمال والمهام الموكولة إليهم ، فتوجيه الجهود البشرية لتحقيق الأهداف ينبغي أن يستند إلى أساليب محددة وواضحة المعالم ، تشمل أنظمة المساءلة والمحاسبة في شتى جوانب العملية التعليمية التعلمية ، من تخطيط وتنسيق واشراف وانجاز وتقويم. والمساءلة بحد ذاتها تتعدى المفهوم المرتبط برصد وتتبع الاخطاء ، والبحث عنها وتدبير المكائد لتسمو الى ما هو أبعد من ذلك ، كالوصول الى الحقائق ومعالجة الاخطاء واستخلاص العبر وتدعيم العمل الناجح وتجنب السقوط والتخبط . 2 - تفعيل المقاربة التشاركية والارتقاء بعمل مجالس المؤسسة تتكون اليات التأطير والتدبير التربوي والاداري بمؤسسات التربية والتعليم ، من إدارة تربوية ومجالس المؤسسة . فالتدبير التشاركي ودمقرطة الحياة المدرسية ، هي التي كانت وراء الهدف من اقرار مجالس المؤسسة، خاصة مجلس التدبير والمجلس التربوي ،كأليات مساعدة ومشاركة في التدبير التربوي للمؤسسة التعليمية، ولكي تلعب هذه المجالس تلك الأدوار المنوطة بها وتساهم بشكل ايجابي في نجاح المؤسسة ينبغي : - أن يكون أعضاء المجلس على اطلاع تام بأدوارهم ومسؤولياتهم. - أن يستفيدوا من الدعم المناسب للقيام بمهامهم على احسن وجه. - أن تشكل المجالس جزءا لا يتجزأ من بنية تسيير المؤسسة بشكل فعلي. - أن يتم انتقاء أعضاء المجالس بناء على معيار الكفاءة والجدية والتفاني في العمل. - أن يكون هناك انسجام بين تكوين كل مجلس وبين أهدافه وما ينتظر منه. 3- ربط مشروع المؤسسة بتجويد النتائج إن المتتبع للتدبير اليومي للمؤسسات التعليمية سيلاحظ أن بعض المدراء لم يستوعبوا بعد المعنى الحقيقي لمشروع المؤسسة ، بحيث تأتي مشاريعهم على شكل عملية معزولة أو أكثر، كبناء سور أو اقتناء بعض التجهيزات أو تجديد المكتبة ...الخ ، مما يجعل هذه المشاريع ذات تأثير محدود على الحياة المدرسية. إن المشروع الناجح هو الذي يسعى إلى تكريس منهجية التدبير الجماعي للمؤسسة من أجل بلورة رؤية جماعية واستراتيجية محلية للارتقاء بجودة الخدمات التي تقدمها المؤسسة. ويعني التدبير بالنتائج أن ترتكز أجرأة هذه الاستراتيجية على تعاقد ، أي الالتزام بتحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع، محددة من خلال مؤشرات كمية ونوعية في ضوء الإطار الاستراتيجي لتنمية النظام التربوي على المستوى المحلي. مما يخلق انسجاما وترابطا منطقيا بين مختلف مستويات البرمجة من جهة وبين التخطيط وإعداد الميزانية وتنفيذها من جهة أخرى. وهذ ما يقتضي التقيد بما يلي : - اعتماد المؤشرات الاستراتيجية عند اعداد المشروع. - العمل على توفير الشروط المناسبة لإنجاز المشروع. - تشجيع انخراط الفعاليات المحلية في اعداد و صياغة وانجاز المشروع. - ايجاد النقاط المشتركة بين المشروع والتعلمات المراد تطويرها. - تقيم مرحلي من أجل التطوير والدعم. - اعتماد التعاقد مع مختلف المتدخلين والالتزام بتقديم النتائج. ختاما، فمشروع المؤسسة يعتبر خطوة أساسية نحو تنزيل المقاربة التشاركية والتدبير بالنتائج ، وإرساء ثقافة الاشتغال حسب استراتيجيات والتي ستمكن المؤسسة من تجاوز العمل العشوائي وتوسيع أفق الرؤية، وخلق تلك الدينامية التي تجعل من البرامج والمخططات لها ، أفقا واضح المعالم ولها معنى وجدوى وهدف يتمحور حول تحسين جودة التعلمات. كما تمكن من ترسيخ ثقافة الاستقلالية، ذلك أنه كلما كان الإنسان مستقلا في القيام بعمل ما، يكون مسؤولا عن جودته.