نص الميثاق الوطني للتربية والتكوين على إرساء اللامركزية واللاتمركزفي تدبير منظومة التربية والتكوين ، وقد تم بالفعل تجسيد اللامركزية باعتبارها نمطا تدبيريا جديدا من خلال إحداث 16 أكاديمية جهوية للتربية والتكوين متمتعة بالاستقلالية الإدارية والمالية في التدبير ، غير أن الممارسة الميدانية خلال مسار تجربة الأكاديميات أثبتت بالملموس عدم تحقق الأهداف المعلنة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين من خلال استمرار تدبير الموارد البشرية والممتلكات من قبل المصالح المركزية ،وقصور التدبير التشاركي على مستوى المجالس الإدارية للأكاديميات ومجالس تدبير المؤسسات ، وتمركز القرارات بالأكاديمية الجهوية لضعف تفويض الاختصاصات للنيابات الإقليمية والمؤسسات التعليمية وتداخل المهام والمسؤوليات على المستويات المركزية والإقليمية والمحلية .وانطلاقا من هذا التشخيص كان لابد من تجاوز هذه الاختلالات التي تعكس القصور في تمثل روح الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي أقر اللامركزية في قطاع التربية والتكوين من خلال إعادة النظر في توزيع الاختصاصات التسييرية والتدبيرية على المستويات المركزية والجهوية والإقليمية والمحلية في أفق إحداث الانسجام بين سلطات ومسؤوليات البنيات اللاممركزة ، وفي هذا السياق وضعت وزارة التربية الوطنية ، في إطار البرنامج الاستعجالي، مشروع هيكلة تنظيمية جديدة للأكاديميات والنيابات مدعمة ببنيات إدارية جديدة تمكن من مواكبة مشاريع البرنامج الاستعجالي وإنجاح الإصلاح وضمان النجاعة والفعالية المفتقدة في الهيكلة الحالية. ولتقريب قراء الملحق التربوي والمهتمين بالشأن التربوي من مكونات الهيكلة الجديدة ، ارتأينا في مرحلة أولى تقديم مكونات الهيكلة الجديدة للأكاديميات والنيابات المقترحة من قبل وزارة التربية الوطنية خلال اجتماعات المجالس الإدارية في دورتها العاشرة ، بهدف مناقشتها والمصادقة عليها قصد العمل يها، على أساس أن يخصص «الملح التربوي» مساحة لإبداء وجهات النظر في المشروع. السياق والأهداف جديد اجتماعات المجالس الإدارية في دورتها العاشرة ، هو اقتراح وزارة التربية الوطنية خلال الاجتماع لمشروعين يتعلق أحدهما بالنظام الداخلي للمجلس الإداري تراهن عليه الوزارة لتحسين أنماط تدبير واستغلال المجالس الإدارية عبر ضبط التدابير اللازمة لتسيير المجلس ، وتحديد أدوار أعضائه وتحديد مهام اللجان المنبثقة عنه باعتباره مؤسسة للتدبير الديمقراطي والتشاركي للشأن التربوي. أما المشروع الثاني ، فيتعلق بمراجعة الهيكلة التنظيمية للأكاديميات والنيابات من خلال دعمها بوحدات إدارية إضافية للرفع من مستوى تأطير المؤسسات التعليمية وتتبع أدائها ترسيخا لسياسة القرب في تدبير الشأن التربوي، ومواكبة دينامية البرنامج الاستعجالي ، وهذا التوجه ، هو الذي تحكم في بناء الهيكلة الجديدة المقترحة باعتماد بنيات ملائمة لتسريع إنجاز مشاريع البرنامج الاستعجالي جهويا وإقليميا ، وتدبير الشأن التربوي بصفة عامة ، والارتقاء بالمؤسسات التعليمية انسجاما مع توجهات البرنامج الاستعجالي الذي يتبنى مقاربة العمل بالمشروع باعتباره آلية للتعاقد والتدبير في مختلف مستويات تدبير المنظومة التربوية ، واعتماد ثقافة التدبير المرتكز على النتائج في إطار إرساء حكامة جيدة منسجمة مع متطلبات تدبير مشاريع البرنامج الاستعجالي ، وتعزيز نهج اللامركزية واللاتمركز الذي يتبناه الميثاق الوطني للتربية والتكوين ، انطلاقا من المكونات الوظيفية الضرورية للبنيات الهيكلية، والمتمثلة في تطوير العرض المدرسي، وتدبير الشؤون التربوية والموارد البشرية ، وتدبير البناءات والتجهيزات والممتلكات ،وتدبير الشؤون الإدارية والمالية الهيكلة التنظيمية للأكاديميات الجهوية مديريات وأقسام جديدة يتضح من خطاطة الهيكلة الجديدة للأكاديميات الجهوية أنه قد تم تكييف الهيكلة التنظيمية مع حجم الأكاديميات والنيابات وفق معايير التفييئ المعتمدة ، ومن خلال نموذج الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدارالبيضاء الكبرى باعتبارها أكبر أكاديمية بنياباتها الإحدى عشر ، نلاحظ أن الهيكلة التنظيمية المقترحة دعمت الأكاديمية بمديريات وأقسام جديدة تتمثل في إحداث ثلاثة أقطاب بمثابة مديريات تضم قطب التخطيط ومنظومة الإعلام ، ويشتمل على قسم التخطيط بمصالحه والتي تضم مصلحة التخطيط والخريطة التربوية و مصلحة الدراسات وتتبع الإنجاز و مصلحة الدعم الاجتماعي و مصلحة التعليم الخصوصي والأولي ، ومصلحة الاتصال والتعاون والشراكة ، بالإضافة إلى المركز الجهوي لمنظومة الإعلام بمثابة منصب رئيس قسم ، أما القطب الثاني البيداغوجي فيضم قسم الشؤون التربوية بمصالحه التي تشتمل على مصلحة الارتقاء بالمؤسسات التعليمية و مصلحة الرياضة المدرسية والأنشطة والصحة المدرسية والأمن الإنساني و مصلحة وضع البرامج المدرسية وتتبع التعلمات و مصلحة التربية غير النظامية ومحو الأمية بالإضافة إلى المركز الجهوي للتوثيق والتنشيط والإنتاج البيداغوجي والمركز الجهوي للتكنولوجيات التربوية والمركز الجهوي للإعلام والتوجيه المدرسي . ويضم قطب الدعم قسم الموارد البشرية الذي يشتمل على مصلحة التدبير التوقعي للموارد البشرية وإعادة الانتشار، ومصلحة تدبير الوضعية الإدارية للموظفين ومصلحة التكوين ، وكذا قسم البنايات والممتلكات الذي يشتمل على مصلحة البناءات والتجهيزات والتأهيل ومصلحة التجهيز ومصلحة تدبير الممتلكات ، أما قسم الشؤون الإدارية والمالية ، فيضم مصلحة الميزانية والمحاسبة ، ومصلحة الاقتناءات ومصلحة الشؤون القانونية ، ومصلحة تتبع أشغال المجالس الإدارية . أما بالنسبة لجهاز التفتيش ، فإن مشروع الهيكلة المقترحة للأكاديميات والنيابات يضع مجالس التنسيق الجهوية والإقليمية في علاقة أفقية مع مديري الأكاديميات والنواب. الهيكلة التنظيمية للنيابات من النيابات الإقليمية الى المديريات الإقليمية للتربة والتكوين غيرت الهيكلة الجديدة اسم النيابات الإقليمية إلى مديريات إقليمية ليصبح نائب وزارة التربية الوطنية بحكم هذه الهيكلة ، مديرا إقليميا في علاقة أفقية مباشرة مجلس التنسيق الإقليمي للتفتيش التربوي ، ومصلحة الاتصال والتعاون والشراكة ومركز الامتحانات والإشهادات ، والذي يعد رئيسه بمثابة رئيس مصلحة .ويتولى تدبير المديرية الإقليمية/ نموذج نيابة أنفا بالدارالبيضاء/ ، قسمان ، قسم يعنى بالموارد البشرية والشؤون الإدارية والميزانية ،بمصالحه التي تشتمل على مصلحة التدبير التوقعي للموارد البشرية وإعادة الانتشار و مصلحة تدبير الوضعية الإدارية للموظفين ومصلحة التكوين ومصلحة البنايات والممتلكات والتجهيز ومصلحة الميزانية والمحاسبة . والقسم الثاني ، هو قسم التخطيط والشؤون التربوية بمصالحه والذي يضم مصلحة الخريطة ومنظومة الإعلام ،و مصلحة تتبع شبكات المؤسسات التعليمية و مصلحة الرياضة المدرسية والأنشطة والصحة المدرسية والأمن الإنساني و مصلحة وضع البرامج الدراسية والمواد الديداكتيكية و مصلحة الدعم الاجتماعي و مصلحة التعليم الخصوصي والأولي و مصلحة التربية غير النظامية ومحو الأمية. وبذلك تشتمل المديرية الإقليمية، في إطار مشروع الهيكلة المقترحة ،على قسمين وثلاثة عشرة مصلحة ومركزا إقليميا في حين لا تضم الهيكلة الحالية سوى المصالح من 3 إلى 5 كما هو الحال بالنسبة لنيابة أنفا بالدارالبيضاء . وتتجه الهيكلة الجديدة نحو إحداث مجالات التدخل ذات الأولوية ، في إطار من التسيق والتكامل، بين الأكاديميات والمديريات الإقليمية من خلال اعتماد وظائف تركز على تدبير سيسة التطوير والتخطيط والتقويم ووضع المعايير والتتبع والتدبير النوعي، ووظائف تركز على تدبير الجوانب التربوية واعتماد منهجية القرب في الإشراف على المؤسسات التعليمية والموارد البشرية وخدمات الدعم الاجتماعي. ومن خلال قراءة أولية لمشروع الهيكلة الجديدة للأكاديميات والنيابات يتضح أنها هيكلة أملتها مشاريع البرنامج الاستعجالي التي تستدعي إحداث بنيات إدارية جديدة تمكن من القطيعة مع الهيكلة الحالية التي لم تستطع حسب وزارة التربية الوطنية مواكبة تدبير وتنفيذ هذه المشاريع في آجالها المحددة بوتيرة سريعة لتجاوز الاختلالات البنيوية التي ما زالت تعاني منها منظومتنا التربوية ، وهذا ما ضخم من عدد البنيات المحدثة بالأكاديميات لتصل إلى ثلاث مديريات وخمسة أقسام وتسعة عشرة مصلحة وخمسة مراكز جهوية مقارنة مع الهيكلة الحالية التي تشتمل على أرٍبعة أقسام وعشرة مصالح بالنسبة للأكاديمية الجهوية للدار البيضاء الكبرى ، ولتدعم النيابات» المديريات «بقسمين وثلاثة عشرة مصلحة ومركز إقليمي في حين لا تضم الهيكلة الحالية سوى المصالح من 3 إلى 5 كما هو الحال بالنسبة لنيابة أنفا بالدارالبيضاء . وفي هذا السياق يتساءل بعض الفاعلين التربويين والمهتمين عن جاهزية الموارد البشرية المؤهلة للتدبير والتسيير ، كما يتساءلون عن مدى تجسيد هذه البنيات التنظيمية لنهج اللامركزية واللاتمركز الذي نص عليه الميثاق الوطني للتربية والتكوين ، وتكريس بعد ترابي للإصلاح يستهدف تسريع وترشيد مساطر التدبير والتسيير وممارسة سياسة القرب وتحسين جودة التربية والتكوين ، كما أبرز بعض الممارسين التربويين أن مشروع الهيكلة قد بني على قاعدة البرنامج الاستعجالي ، وهذا فيه نوع من الإصلاح الظرفي المحكوم بزمن هذا البرنامج الاستعجالي الاصلاحي ،كما أن الهيكلة أيضا تأتي خارج المراجعة الشمولية للقانون 07.00 المحدث للأكاديميات بعد تقييم موضوعي وشامل للأداء الوظيفي للأكاديميات، وتبين مدى تحقق سياسة اللامركزية واللاتمركز التي دعا إليها الميثاق الوطني للتربية والتكوين من خلال نقل الاختصاصات إلى الأكاديميات الجهوية والنيابات الإقليمية والمؤسسات التعليمية ، ورأى البعض أن تسمية النيابات الإقليمية «مديريات» مخالف قانونيا لما ورد في القانون07.00 القاضي بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ، والذي يجعل النيابات مصالح إقليمية تابعة للأكاديميات ومخاف أيضا خلاف المرسوم 674 -75 -2 الصادرسنة 1975 المتعلق بإحداث النيابات و الذي يجعل النائب الإقليمي ممثلا لوزارة التربية الوطنية في الإقليم .