صحراء بريس /من سعيد شكراوي*- اقليم طاطا عزيزي القارئ،كيف سيكون إحساسك وأنت تقطن في خيمة يمكن أن تكون في أحايين كثيرة مهترئة ،رغم أنك تعيش في القرن الواحد والعشرين ؟وهل تخيلت أن البدو الرحل مازالوا يعيشون بيننا؟ إنه حال بعض أهالي تسينت التي تتخذ من منطقة تدعى "سيدي علي وعزة" على مشارف التخوم الوهمية مكانا للإستقرار .إنهم أناس ترغمهم ظروفهم الإجتماعية على السير على منهاج أبائهم وأجدادهم والإحتفاظ بأعرافهم وعاداتهم التي لم تستفد من التطور العلمي والتقني إلا في أمور قليلة . التعليم .. الحاضر الغائب التنقل والخدمات الصحية والتعليم أمور تقض مضجع ساكنة "سيدي علي وعزة"،فالتعليم يعتبر من بين المشاكل التي تعانيها هذه الساكنة ،حيث ظل ذلك الحاضر الغائب عن الحياة اليومية لهؤلاء البدو،كما نصت على ذلك تقاليدهم وطقوسهم الإجتماعية،فهم لايعترفون إلا بلغة العمل ،ولايلج حجرات الدراسة إلاعدد قليل من الأطفال قد لايتجاوز أصابع اليد،فنسبة الأمية تقارب المائة في المائة .وإلى غاية سنوات التسعينيات لم يكن هناك وجود لشيء إسمه حجرة الدراسة في "سيدي علي وعزة "،لكن ومع مستهل الألفية الثالثة تم إحداث بنايتين مفككتين إحداهما للدراسة والأخرى للسكن في منطقة متباعدة على الحصير (الخيام)مما يجعل من الصعب على ساكنة تلك المنطقة الإستفادة من خدمة التعليم اللائق. وفي هذا الشأن يؤكد كروش أحد السكان الأولون لخيام سيدي علي وعزة ،أن" تعميم الإستفادة من التعليم بالمنطقة هو من رابع المستحيلات ،نظرا لتباعد الخيام وقلة مداخيل الأسر ،مما يجبر العائلات على الإكتفاء بتوفير القوت اليومي الضعيف أصلا". سيدي علي وعزة لاوجود هناك لحياة عصرية : بيع فطر "الترفاس " الذي لا يظهر في حمادة درعة إلا في فترات متباعدة تصل إلى عشر السنوات أو أكثر ،ليس أهم مورد عيش لهؤلاء البدو،فإعداد الفحم للبيع وتربية الماشية تعتبر مورد الرزق الرئيس لسكان خيام القرن الواحد والعشرين، فالرجال يقومون بإعداد الشاي كما جرت العادة في مجتمع الخيمة ،وبعد أن ينتهوا من تناول وجبة الفطور،التي تعتمد أساسا على الشاي الصحراوي المرفوق ببعض قطع الخبز ،يترجلوا إلى الزريبة التي تكون مبنية بالحجر أوالسياج أوالإثنين معا من أجل مراقبة الغنم ،التي لاتتم مراقبة سلامتها الصحية من طرف المصالح البيطرية إلا في فترات متباعدة جدا ،مما يؤدي إلى موت الكثير من رؤوس الأغنام ،ويجعل أصحابها في مواجهة دائمة مع شبح الفقر. سيناريو الحياة اليومية في فيافي سيدي علي اعزة : ترتبط حياة هؤلاء البدو بشروق الشمس وغروبها في ظل غياب إمدادهم بالكهرباء،فهم يعتمدون بالأساس على مصابيح الغاز ،وهو مايطلقون عليه اسم" اللمبة"،من أجل إضاءة خيامهم،لكن استعمال هذه الوسيلة القديمة بدأ يتلاشى مع إنتشار الغاز الطبيعي ،فأصبحت الأسر الدوبلالية تلجأ إلى القنينات التي يلصق بها أنبوب يوجد بآخره فتيل من أجل الإستنارة. أما نساء علي اعزة اللواتي لايتحدثن إلى الأجنبي رفضن الحديث معنا لأنهن لم يعتدن على مخالطة الغرباء،فيقمن بجلب المياه الصالحة لمختلف الاستعمالات،لأن البدو يعتمدون على مياه الآبار أو مايسمى "لغدير"،هذه الآبار التي تجف في فصل الصيف،إذ تضر النساء الانتظار وقتا طويلا من أجل ملء الدلاء،وهي الأواني المصنوعة من الإطارات المطاطية "الشمبرير"،للقيام بإعداد وجبات الأكل وتنظيف الملابس وغسل الصوف. الحياة التي يعيشها مجتمع الخيمة هنا المستقر على هامش جماعة تسينت وجدت لها صدى في أوساط الإماراتيين، فأعلنوا عن رغبتهم في منح الألواح الشمسية للسكان قصد الإستنارة وتوفير لهم فرص شغل في محميات طيورهم.