تعاني الصحراء سواء الأرض أو الساكنة من معاناة كبيرة مع الخطورة المتزايدة للألغام التي يطلق عليها بالحسانية اسم "مينة" ، فالمشكل هو انه لم يحن الوقت للمصادقة على الاتفاقيات الدولية لمكافحة و منع الألغام و إزالتها من الصحراء قاطبة أم أن الصحراء دائما استثناء حتى عندما يتعلق الأمر بأرواح تزهق كل يوم من دون ذنب، أم أننا ننتظر أن تتم إزالتها مرة تلو الأخرى ليس بئالات معدة لهذا الغرض بل بضحايا يعيدهم الزمان باختلاف أسمائهم و أعمارهم و سياراتهم و أعداد الضحايا، فمرة نسمع بفقدان شخص بسبب لغم دسته أيادي الغدر و مرة أخرى نسمع بزوال عائلة برمتها بين عشية و ضحاها من الابن الأصغر إلى الجد الأكبر و ينزل الخبر علينا كالصاعقة من دون أي إنذار مسبق و كأننا نعيش في حرب مفتوحة على جميع الجبهات و العدو خفي لا يمكن رصده بالعين المجردة. فبالاستعانة إلى آخر المستجدات في ما يخص الألغام يقدر الخبراء والمراقبون أن عدد الألغام بكافة أنواعها يتراوح مابين 7.5 إلى 9 مليون لغم مبعثرة على طول وعرض الصحراء بشكل عشوائي، وتعتبر مشكلة تواجد كميات كبيرة وأعداد هائلة من الألغام المتنوعة بالصحراء معضلة كبيرة و تحديا وعرا على الصحراويين وماشيتهم على حد سواء، فعندما تسمع بأحدهم ذاهب إلى البادية من اجل الاستجمام أو لرعي إبله أو غنمه مع العلم أن الأكثرية من الساكنة تعتمد على هذا النشاط كمصدر للرزق فانه ربما يعود و ربما لا يعود فقد أصبح المثل الذي يطلق على البحر بان داخله مفقود و خارجه مولود يسري أيضا على الصحراء نظرا لكثرة ضحايا الألغام و خصوصا في الآونة الأخيرة ، والذي كان آخرهم الفقيد لخليفة ولد أعلي ولد خر حيث وافته المنية بمدينة السمارة. فالإشكال المطروح لماذا لا يتم اقتناء آلات ومعدات من أجل مكافحة هذه الألغام خصوصا في الأماكن المعروفة للرعي و الإقبال المتزايد عليها، أم انه ليست هناك إمكانية لشراء هذه المعدات و أن الأموال الضخمة مخصصة فقط للمهرجانات و أشياء أخرى على الرغم من أن خيرات هاته المناطق تكفي لشراء احدث آلات التكنولوجيا الحديثة لمكافحة الألغام في العالم، أم أن المشكل يتمثل أساسا في سوء التدبير. وهناك قول لافتٌ للإمام علي رضي الله عنه في هذا المجال حيث يقول: "حسن التدبير ينمّي قليل المال، وسوء التدبير ينفي كثيره"، كما أن هناك إشكال أخر يتمثل في انه لا وجود لهيئات المجتمع المدني تنشط في هذا المجال، و كل الاجتماعات التي تعقد في الجهة أو الإقليم أو الجماعة لا يتم الحديث فيها عن محاولة بحث لحل مشكل الألغام و لو إشارة بسيطة، و بالتالي فإنه يستوجب على الجهات المعنية التدخل في اقرب وقت ممكن لحل هذه المعضلة التي عمرت أكثر من أربعة عقود و لازالت آلة القتل تشتغل بدون توقف إلى حدود كتابة هاته الأسطر، فالألغام لا تفرق بتاتا بين صبي صغير أو شاب يافع أو أب لأسرة كبيرة أو شيخ طاعن في السن يعتبر مكتبة متنقلة بموته يموت معه تاريخ مهم ، فالألغام صنعت لتقتل .