تعتبر الداخلة خزان الأسماك النفيسة، فإذا كانت السودان سلة الغذاء العربي فإن الداخلة أيضا هي سلة الأسماك العالمية. بحيث أن اغلب الدول الأوربية تبحر في نفوذها الإقليمي بحثا عن أجود الأسماك الطرية و التي توجد حصرا في هاته المنطقة لا في غيرها. لكن رغم ما تزغر به هاته المدينة من خيرات وفيرة و لضعف التسيير المعقلن إلا أن هناك تناقضات كثيرة يحير معها العقل و التي تتجلى في ضعف البنية التحتية مقارنتا مع مداخليها، مثلا انتشار الصرف الصحي في عدة أحياء من المدينة و كأنه فيضان يهدد حياة الكثيرين من خلال الروائح الكريهة المنبعثة منه و التي تهدد حياة المسنين و الصغار بصفة عامة و المصابين بضيق التنفس بصفة خاصة، أما فيما يخص الصحة فهذا الجانب قد ينفد المداد و لا نستطيع أن نعطيه حقه بحيث أن المدينة تتوفر على مستشفى مدني تنعدم فيه أبسط شروط السلامة المعترف بها و يتجلى ذلك في قلة المكيفات بحيث عندما تدخله لزيارة مريض قد تمرض من خلال إستنشاقك للروائح المنبعثة منه و كأنه مصنع للمواد الكيميائية. أضف إلى ذلك رداءة الآلات المستعملة على الرغم من أنه يجب تغيير المعدات المستعملة بعد مرور مدة من الزمن لكن ذلك لا يحدث في الداخلة لأنه محظور على المفتشين زيارتها و إن تم ذلك فإنه يتم إغرائهم بمجموعة من الهدايا المغرية و يغضون الطرف عما يحدث من انتهاكات جسيمة في حق المرضى، و الإشكال الأكبر الذي لازال يحيروني هو لماذا لا يقتني المستشفى آلة لتحليل الدم على الرغم من أن الميزانية المخولة له يمكنه أن يشتري العشرات منها، فالمشكل اليومي الذي يواجه المواطنين هو أنه عندما يذهب للمستشفى المدني لتحليل الدم تتم إحالته إلى المستشفى العسكري لاقتناء قنينة صغيرة و إرجاعها للمستشفى المدني الذي يقوم بدوره بنزع الدم من المريض و إرساله مجددا للمستشفى العسكري للقيام بالتحليل و بعد ذلك الرجوع للمستشفى المدني لإعطاء النتيجة. فكل هاته المراحل تمر على المريض مما يؤدي إلى تفاقم وضعه الصحي و يتنقل إلى ما لا تحمد عقباه. كما أنه يلاحظ شح في التخصصات و الموارد البشرية. كل هذا فقط قليل من كثير في ما يحدث في مدينة يظن أنها الكثير مدينة الرفاهية و الراحة لكن الواقع يظهر غير ذالك: "فمن رأى ليس كمن سمع".