مرت الانتخابات الأخيرة بالصحراء كسابقاتها وسط مقاطعة فئة عريضة من الشعب و غياب مبدئي النزاهة والشفافية و انتشار واسع لشراء ذمم الناخبين وما صاحب ذلك من أعمال بلطجة ، أمام حياد سلبي للسلطات و دعمها الخفي لمرشحين معينين في إطار سياسة تجديد نخبها . تراجعت نسبة المشاركة في التصويت بالصحراء نسبيا حيث لم تتجاوز الخمسين بالمائة هذه المرة في اغلب المدن و ذلك بسبب حالة التذمر التي تسود المنطقة جراء استمرار مظاهر التهميش والإقصاء الممنهجين و سيطرة لوبيات الفساد المتحكمين في الخريطة الانتخابية . كما أن أنصار جبهة البوليساريو نجحوا في الترويج لموقف المقاطعة الذي وجد أذانا صاغية ، باستثناء الجماعات المعنية بالاقتراع الفردي حيث اللوائح الانتخابية المعدة حسب المقاس و التي تتضمن غالبا المقربين عائليا من المرشحين ، وكذا ارتفاع سعر الأصوات الانتخابية بها ، و هذا ما يفسر ارتفاع نسبة المشاركة بشكل كبير بهذه الجماعات و التي يرجع إليها الفضل في الرفع من نسبة المشاركة العامة . و يؤكد المقاطعون أنهم انتصروا لأنه لولا الاستعمال الكبير للمال لاستمالة الناخبين ، و انتشار الوسطاء و توزيع الوعود الزائفة على الناخبين بقضاء أغراضهم الشخصية لما صوت أحد . وان كل هذه الممارسات تمت أمام أعين السلطات و التي لا يخفى على أجهزتها الأمنية شيء بفضل عيونها التي لا يغمض لها جفن ، مما يفسر بالمباركة المسبقة للفساد لتكريسه و تحصين قلاعه . انتهت العملية و عادت نفس الوجوه إلى مقاعدها ليبدأ مسلسل النهب الممنهج ، والذي راكم عبره منتخبو الصحراء الثروات الطائلة ، فاغلبهم لم يكن يملك غير نعليه حتى وطأت قدماه مجلسا جماعيا ليصبح بقدرة قادر من علية القوم . فعن أي تمثيلية يتحدثون ؟؟؟ التمثيلية يمنحها الشعب عن طوع ولم تكن يوما بمقابل مادي أو بانتزاع وعد لتحقيق مصلحة شخصية و الممثل الشرعي هو ذاك الإنسان الحامل لهموم شعبه والمتطلع لتحقيق طموحاته و القادر على تصور الأفكار للرقي بأوضاعه ، وحتى إن تحدثنا عن التمثيلية الحزبية فاغلب المرشحين والمصوتين لا يعرفون عن الأحزاب السياسية غير رموزها الانتخابية . فاقد الشيء لا يعطيه و منتخبو الصحراء أدرى بهم أهل الصحراء فقد خبروهم عن قرب و خبروا وفاءهم للمقولة * يعرف من أين تؤكل الكتف * و يعرفون أنهم لا يقدرون على النطق بكلمة إلا إذا أذنت لهم السلطات بذلك و التي تؤثث بهم المشهد وقت ما تشاء و لأجل ما تشاء ، يثمنون الخطابات الرسمية و ينددون بكل ما يعارضها ، و أن لا صوت يعلو بالصحراء غير صوت السلطات من ولاة وعمال و أجهزة أمنية و استخباراتية و الذين يتلقون الأوامر بدورهم من رؤسائهم بمركز القرار . خلاصة القول يبقى المنتخبون و أعضاء الكوركاس و الأعيان وشيوخ القبائل وجوه لعملة واحدة لا تربطهم بأهل الصحراء غير القرابة العائلية ولا يمثلون سوى الدولة التي انتقتهم بكل عناية وخبرت ولاءهم المتجدد مع سيل العطايا و الإكراميات .