بقلم :لخضر براهيم في كل مرة أتذكر فيها اليوم الذي ذهبت فيه إلى المصالح الإدارية للحصول على وثائق لإستبدال بطاقتي, أتذكر بمرارة الألم النفسي و الجسدي الذي عانيته و يعانيه كل مواطن مع الإدارة المغربية.هذا المواطن الذي جاء إلى مفوظية الشرطة لتلبية النداء الوطني للحصول على البطاقة الإلكترونية الجديدة, و ليبدي تعاونه لتنجز الإدارة عملها بأسرع مايمكن, يجد نفسه للأسف الشديد يجر على نفسه ما لا تحمد عقباه. هذا النداء المعسول على شاشات التلفزة ما يلبث أن يصبح كلبا مسعورا على أرض الواقع. على كل حال كنت مضطرا للشروع في الإجراءات الإدارية, بعدما إنتهت مدة صلاحية بطاقتي لعدة أشهر. و من شدة الرهاب-إداروفوبيا المغرب- الذي يصيبني من الإدارة كنت أستفسر عن كل كبيرة و صغيرة. تبدأ القصة من المقاطعة إلى أقسام الشرطة, و إن كان مسقط رأسك بمدينة أخرى فستتحمل أعباء و مصاريف إظافية للحصول على عقد إزدياد من المدينة-مسقط الرأس-, دون أن يعير أحد أي اهتمام أو أن تعترف الإدارة بعقد ازدياد صادر محليا. و لا أنسى الطلعة البهية لقائد المقاطعة, الذي لا يشرفنا بحظوره إلا بعد الواحدة زوالا, و إن حظر ينصرف دون إتمام توقيع وثائق المواطنين.ثم يأتي دور قسم الشرطة و به ستتأكد الوثيقة الصادرة من المقاطعة, لتحصل على شهادة السكنى بعد أن تدلي بملف من وثائق تحمل نفس المعنى سبق إستصدارها من الإدارة السابقة, أقصد هنا المقاطعة. في أقسام الشرطة, و من لا يعلم أن الشرطة في خدمة الشعب إلا في أقسام الشرطة. ومع ظيق الحال و كثرة زحام المواطنين بسبب التأخر في إنجاز أعمال سابقة, عليك أن تنتظر و تعيد الإنتظار يوم أو يومان, و إياك أن تفجر بركان الغضب فأنت في قسم الشرطة و ماأدراك ماأقسام الشرطة بالمغرب الحديث. و بعد تجاوزك لكل هذه الحواجز, عليك أن تتوجه إلى مفوظية الشرطة. أغلب المواطنين يأتون مع عتمة الليل قبل أن تفتح الإدارة أبوابها بعدة ساعات ليمارسوا رياضة تحمل البرد و الوقوف بمحادات سور المفوظية أو الجلوس على الرصيف, لماذا كل هذا العذاب: ببساطة لأن الإدارة الذكورة تفتح أبوابها و تغلقها في لحظات و من فاتته هذه اللحظات المباركة, فليعد الكرة في اليوم الموالي. فبعد حظور الموظفين بعد الساعة الثامنة و النصف يتم إدخال حشد المواطنين دفعة واحدة و ترقيم ملفات و ثائقهم و لا يقبل أحد بعد هذا الترقيم. تقضي ثلاث إلى أربع ساعات بين دهاليز هذه الإدارة, و كلما مر بك أحد موظفيها لا بأس أن يملي عليك أوامر غليظة بإلتزام الصف و الإعتدال واقفا أو جالسا أو ماشيا... لكأنما يبرر دخوله و خروجه المتكرر. هذه الإجراءات المذكورة هي ملزمة للمواطنين البسطاء الذين يأخذون بظواهر الأمور, أما العالمون بالخبايا و أصحاب الوساطات و الراشون فالسبل ممهدة و الإدارة متعاونة مادمنا فوق الأرض.